في السنوات الأخيرة و نظرا لما يشهده العالم من تغيرات في شتى المجالات بدأنا نرى ظهور عدة أمراض و أوبئة فتاكة على رأسها مرض السرطان الذي حصد أرواح ما يقارب 13 مليون مصاب سنة 2017 حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية. لذا كان من الضروري بحث و معالجة أسباب هذا المشكل المتعددة مثل التدخين، البدانة و سوء التغذية. ففي حياتنا اليومية أصبحنا على يقين أن الأغدية المتوفرة غير صحية لما تحتوي عليه من مواذ حافظة و مواد كيماوية خطيرة كبقايا المبيدات، لكن هل من الممكن أن نؤمن أن هناك طريق يمكن أن نسلكه و أن نحد من خطورة الوضع ولو بشكل جزئي يسمح بتقليص عدد وفيات العالم. الجواب جاء من عديد دول العالم مثل فرنسا، ألمانيا، أستراليا و كندا التي إلتجأت لما يسمى الزراعة العضوية التي هي في حقيقة الأمر أصل الزراعة في التاريخ بدون استعمال مبيدات و مواد مركبة كيماويا. فهي أكثر من ذلك طريقة للإنتاج الزراعي تقوم على احترام الكائنات الحية و الدورات الطبيعية عن طريق تعزيز التنوع البيولوجي و الأنشطة البيولوجية للتربة. فبدأنا نرى يوما بعد يوم مزيد من الخضر و الفواكه البيو معروضة في السوبرماركت بثمن غالبا ما يكون أغلى. لكن هذه المنتوجات في غالب الأحيان تكون مخفية من طرف النوع التقليدي الخطير من المنتوجات على رفوف الأسواق التي يجب أن تقوم بدورها في التسويق، التعريف بالمنتوج و تشجيع الناس على استهلاكه. المغرب كبلد فلاحي بامتياز يعتبر غير مستثني من هذا التصور الجديد للمنتوجات الزراعية و لو أن البعض من مهنيين القطاع لهم رأي أخر الماضي إلى صعوبة الأمر في ظل البحث عن الإنتاجية و الربح لكن صدقوني الوضع أصبح أكبر من المال و التطور الاقتصادي عندما يتعلق الأمر بحياة الملايين التي تسلب كل سنة بسبب مبيد حشري استعمله مزارع في حقله عدة مرات في الموسم قبل الجني أو الحصاد. هل سبق لك عزيزي القارئ أن سمعت عن الفوسفات العضوي(Des Organophosphorés) ؟ هي مادة أساس العديد من مبيدات الحشرات وتعتبرها وكالة حماية البيئة العالمية خطرة للغاية على الناس والحيوانات والنحل الذي يستعمل في تلقيح النباتات. وتظهر دراسة أجراها علماء في جامعة واشنطن أن الأطفال الذين يتناولون على الأقل 75٪ من الأغذية العضوية بصفة مستمرة لديهم ما يصل إلى ستة مرات أقل عدد الفوسفات العضوية في الدم مقارنة بالأطفال الذين يتناولون الأطعمة غير العضوية. وتتراوح بقايا مبيدات الآفات ما بين أربعة إلى خمسة أضعاف في الأغذية غير العضوية منها في المنتجات العضوية، ولكن هذا ليس كل شيء فقد ثبت أيضا أن الأغذية العضوية لديها مستويات أعلى من المغذيات و المعادن الضرورية لجسم الإنسان. المبيدات و المواد الكيماوية المستعملة في الزراعة أعتبرها شخصيا أسلحة دمار شامل طويل المدى مستعملة في حرب بين الإنسان و نفسه فعلى هذا الأخير نزع السلاح و التشبت بحل سلمي يرضي كل الأطراف، إنه المنتجات الزراعية العضوية التي أصبحت ضرورة إنسانية في زمن كثرت فيه الحروب و الوفيات. *مهندس زراعي