من غرائب وعجائب المشهد السياسي بالقصر الكبير الذي يعيش بؤسا لم تشهد له المدينة مثيلا، هو ان بعض انصاف المثقفين الذين يعانون من الفقر المادي والفقر المعرفي يحاولون بكل ما أوتوا من خبث، ايهام المتلقي القصري ذو الثقافة المتوسطة، بان ما يجري هذه الأيام هو تنافس من اجل مصلحة المدينة، تنافس يحترم قواعد اللعبة السياسية و يهذف في نهاية المطاف الى ايصال صوت هذه المدينة المنكوبة الى البرلمان من اجل النهوض باوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية …الخ. متناسيين انه حتى وان كان ما يرجون له صحيح فان مؤسسة البرلمان في المغرب لاتعكس ارادة الشعب الى حدود اليوم. ان هاؤلاء، وهم في الحقيقة يشكلون جيشا كبيرا يتخفون تحت أقنعة متعددة مهمتهم تغييب وعي الساكنة والهائها عن مشاكلها الحقيقية؛ بماهي مشاكل تتطلب حلولا فورية وتدخلا عاجلا من اصحاب القرار تدخلا يتجاوز العمل المؤسساتي الكلاسيكي لان ما اصابها لم يكن بفعل غياب المؤسسات بقدر ما كان انتقاما سياسيا ضد المدينة وسكانها بسبب تاريخها المشرق، تاريخها النضالي منذ فجر التاريخ الى حدود الامس القريب. ان هاؤلاء، وككل انتخابات، جزئية كانت ام وطنية، يصيبهم اسهال الكتابة، فلا يتوقفون عن كتابة خرائهم الا بعد اعلان النتائج بايام واشهر. والى هاؤلاء بمختلف مستوياتهم وباقنعتهم المتعددة نقول : ان ما يجري في القصر الكبير هذه الأيام هو صراع مصالح شخصية ضيق، مهما ادعيتم العكس، ومهما تسترثم بمصلحة المدينة وهموم فقرائها. ان ما يجري هذه الأيام هو مسرحية رديئة الاخراج لا تحتاج الى جهد ذهني كبير كي نفكك شفراتها، خصوصا وان اللاعب رقم واحد و الذي ساهم في صعود و سقوط رئيس المجلس البلدي الى ومن فوق كرسي البرلمان واضح للعيان وفي سياق سياسي محدد، كمكافئة له على ما قدمه من خدمات جليلة في العالم السفلي عالم الظلام حيث يتواجد اعداء شعبنا واعداء الحرية والافاق الرحبة الزرقاء.. ان ما يجري اليوم مسرحية معادة ومبتدلة خصوصا وان اللاعب رقم واحد الذي هو المخزن لم يتغير واللاعبين الثانويين كذلك، فماذا جد واستجد حتى تتهاطل علينا هذه التدوينات الخرائية وهذه التحليلات الخردة التي تروم اعطاء المشروعية لهذا الصراع/ الوهم … ان ما يجري اليوم خصوصا في العالم الافتراضي يدمي القلب ويعبر حقيقة عن المكانة الحقيقية التي اصبح يحتلها المثقف القصري اللاهت وراء فتات الموائد …. ان ما يجري اليوم هو حصيلة لامبالاة جزء من المثقفين القصريين وتخادل وانتهازية البعض الاخر، فلولاهم لما نمت هذه الطحالب وهذه الميكروبات التي اصبحت تسيطر على المشهد وتصنع مثقفا على المقاس … ان مايكتبه هاؤلاء المثقفين بعيد عن التحليل السياسي وقريب من الطلاسم، و ينهل من قاموس العرافات العتيقات ..