إن المتتبع للشأن الثقافي في المغرب ، يفاجىء من ضعف الاعتماد الذي خصصته الحكومة -من خلال وزارة الثقافة- للقراءة. إنه مبلغ :57 مليون سنتيم لاغير. في حين أن مطربا أو مطربة يمكن أن يحصل على مبلغ مليار سنتيم مقابل مجموعة دقائق في الغناء. إن القراءة هي بوابة اكتساب المعرفة ، و هذه الأخيرة تعد رافعة للنمو و التقدم. ثم إن الحكومة عوض عملها و اجتهادها من أجل إعادة الاعتبار للقراءة ، تفضل أن تغرقنا في أنشطة تافهة و ذات طابع تسطيحي. إن من بين بعض مسؤوليات الجهات الرسمية ،التشحيع على خلق مجتمع قادر على الإنتاج و الفهم و الاستيعاب و التفاعل مع المحيط. و ما يثير الانتباه في هذا الإطار هو أن هذا المبلغ الهزيل الذي خصصته الحكومة لتشجيع القراءة ،تُصْرَفُ أضعافه في أنشطة و استقبالات رسمية تنظم في فنادق فخمة و فاخرة. و يبدو أن المسؤولين يعتبرون أن القراءة مجرد كمالية و محض ترف ، لا يستحق التمويل و التشجيع ، و الحال أن الأمية تنخر المجتمع و تجثم على صدره. إن الغلاف المالي البئيس الذي خصصته الحكومة لتشجيع القراءة، يكشف بما لا يدع مجالا للشك ، أن السياسات العمومية في هذا البلد لا ترنو و لا تهدف إلى بناء الإنسان الذي هو أساس التنمية ، و لعل إفلاس منظومة التعليم خير دليل على فشل هذه المقاربات . إن نسبة و مستوى القراءة في المغرب ، تعبر عن وضع كارثي ، و في اعتقادي فإن دعم القراءة لا يكون بالمال فقط بل لابد من توفرإرادة سياسية قوية و حقيقية للنهوض بها و هذا الأمر يفتقد الآن. من جهة أخرى فإن احتلال التلميذ المغربي على مستوى التعليم الأساسي ، المركز ما قبل الأخير ، في دراسة عالمية حديثة حول القراءة ، هو نتيجة طبيعية و منطقية لسياسة الدولة في هذا المضمار. إن الإمعان في هذه السياسة ،يُنبىء بوضع كارثي لمستقبل هذا الوطن ، إذ لا خير في أمة لا تقرأ.