قلة أولئك الذين ينهل قاموسهم الشعري من معين الكلمة الصافي، فتسعفهم القوافي وتنقاد المعاني مترابطة سلسة بغير عناء ،وكأنها صرح يصعب تسلقه إلا لمن اعتاد الضاد حضنا ! ولعل الشاعر" الطيب المحمدي" واحد من أولئك، فهو لا يتوارى خلف تكثيف أو يندس وسط غموض، بل يرسل" زغاريده المبحوحة" واضحة جلية غير مرموزة قريبة من القلب غير نافرة منه. "زغاريد مبحوحة" عمل شعري أول للشاعر الطيب المحمدي ويضم الديوان ثلاثين قصيدة بنفس متوسط ،وتيمات مختلفة ،ترشح من الموطن ( القصر الكبير،المغرب ) والوطن العربي الكبير ، يقول بعد زيارته لبغداد : - استنفر الظلم للهيجا بوارجه *** واستل من غمده من بالخنا علموا - واستصغرتنا شعوب الأرض قاطبة *** سيان فيهم بقاؤنا أو العدم وفي مواقف إنسانية اجتماعية يردد: - تأملت ذاتي مليا لعلي*** لها انتقي نقصها من تمام - فلاحت حيالي صروف الليالي*** بحسن الهدى أو بسوء العزام وبعد أن شجي جثمان والده يقول في موقف مؤثر : - أفي ومضة أمسى جثمان هديرك صفحا * وكل الأماسي العذب صارت بخورا - أكنت ضبابا في الوجود انمحى أم ** من العمر تحثو تبتغيه قصيرا ؟ ووفاء لأستاذه الشاعر محمد الحلوي حين بلغ السبعين من عمره : - هي السبعون صان الله مالكها *** فقد كان المرافق صاحبا وأبا - هي السبعون لا جفت مدامعها *** إذا جعلت معين قريحة نضبا ولم يتمالك الشاعر نفسه إعجابا بصديقه الراحل المبدع عبد السلام عامر : - بربك عامر : تقسيم وحي*** أم الأنغام كانت همس جني - تفجر من أناملكم جميل *** من الإيقاع يطرب السمع يغني يبقى أن أشير إلى أن الديوان حظي بتقديم الأديب المرحوم الأستاذ بوسلهام المحمدي عضو جمعية البحث التاريخي والاجتماعي لمدينة القصر الكبير وهو تقديم انتقل بين المضامين وفك بعض رموزها الفنية . للغد أحيى نغم فألقاك هنا في نفسي موصول الحياة .