هسبريس – محمد الراجي (صور: سهيل الرميدي) لا حديث في مجالس أهل مدينة القصر الكبير، خلال الأسبوع الماضي، سوى عن فاجعة مصرع خمسة عشر شابّا من أبناء المدينة في عرض البحر، بعد أن وقع انفجار في محرّك قارب مطاطي "زودياك" كانوا على متنه في رحلة للهجرة السرية إلى إسبانيا. أفراد عائلات الضحايا، الذين يُجهل عددهم بالضبط، يحكون بصوت مخنوق بالدموع، تفاصيل الرحلة المرعبة التي انطلقت يوم السبت 29 يوليوز الماضي، وانتهتْ بمصْرع أبنائهم في عرْض البحر في السواحل الاسبانية، نقلا عن رفقائهم الناجين. يقول عمر المدكدك، وهو من عائلة أحد الضحايا الذين لقوا حتفهم غرقا، بأنّ قريبَه قرّرَ خوض غمار الهجرة السرية في اتجاه الديار الإسبانية بحثا عن لُقمة عيش له ولأهله الذين تركهم في مدينة القصر الكبير، لكنَّ رحلة سعيْه إلى تحسين وضعية عائلته انتهت على نحو سيء. "مسكين بْغا يدبّر المصلحة رّاسو ويحسّن الوضعية ديالو باش يفرّْح الأهل ديالو والعائلة ديالو، وقدر الله وما شاء فعل"، يقول عمر في حديث لهسبريس، مُضيفا أنّ مصيرَ فقيدهم لا يزال مجهولا؛ إذ لا تعرف عائلته ما إنْ كان قد انتُشلَ من البحر أم لا. تصريحات عائلات الضحايا التي استقتها هسبريس تُفيد بأنَّ محرّك الزورق المطاطي الذي كان يقلّ الضحايا تعرّض للانفجار، ما أرغم المهاجرين السريين الذين كانوا على متْنه إلى الارتماء في مياه البحر، أملا في النجاة؛ إذ تمكّن بعضهم من الوصول إلى الشواطئ الاسبانية، فيما غرق آخرون. بحسب المعلومات التي وصلتْ إلى عمر وعائلته من رفاق فقيدهم، فإنَّ هذا الأخير تعرّض لاختناق بسبب رائحة البنزين والدخان المنبعث من محرّك القارب المطاطي بعد انفجاره؛ إذ حاول الوصول إلى الشاطئ سباحة، لكنّ قواهُ خارتْ فغرق. "ريحْة البنزين ديال الموطور د الزودياك دوّخاتو وتخنق. قرّب للدخلة د سبانيا ولكن تقاضا لو السوفل، وجاه العطش ومات"، يقول قريب آخر من أقارب الضحية، أما عمر فلا يزال يتساءل، رغم يقينه بأنّ قريبه مات، "ما عرْفناش واش تًّحرق ولا اشنو". وتروي والدةُ أحد الضحايا تفاصيل اللحظات الأخيرة لابنها الذي لقيَ حتفه غرقا، وكان قيْد حياته يُدعى سعيد، نقلا عن أحد الناجين الذي اتصل بأختها من المستشفى في مدينة طريفة الذي نُقل إليه الناجون، قائلة: "ولدي ماتْ غير بالخلعة"، مضيفة "كان كايقول لهم أنا بغيت غي نشوف مّي وخوتي". وتنتظر عائلات ضحايا "قارب الموت" الغرقى من السلطات المغربية أن تتدخّل لتمكينها من إلقاء نظرة الوداع على أبنائها. يقول عمر بصوت مخنوق "بغيناه يدّفن هنايا ماشي لهيه، وكنطلبو مساعدة غير باش يشوفوه والديه، ويدّفن حْدا أهلو وحبابو"، وتقول أمّ الضحية الآخر: "أنا بغيت غي نشوف ولدي. ما عنديش باش نجيبو".