نظر إليه السلفيون بكثير من السلبية و أحبه كل من اقترب إلى الصوفية ، و عنده التقى الإسلام الشيعي بالسني، بل بجميع الاديان ، و فيه احتار المتكلمين و الأدباء. هو العلامة محي الدين محمد بن علي الحاتمي الطائي الأندلسي ابن العربي،نزيل دمشق (558 هج_638هج). الصوفي الجلد الذي قال فيه الشيخ تقي بن تيمية :"إن أقرب أهل الولاية إلى الإسلام هو بن عربي"، بينما سلفيون آخرون اعتبروه "كافرا " و العياذ بالله. المحبون لابن عربي درجات متفاوتة، فمنهم من أقر له بأنه "الشيخ الاكبر" ، و منهم من قال إنه أكبر من أنه الشيخ الأكبر ، و بعضهم توغل في عوالمه و مفاوزه حتى رأى انه لا يوجد له وصف يكفيه. ذكر أنه سمع من ابن بشكوال وابن صاف ،و التقى بالوليد بن رشد بالأندلس، وسمع بمكة من زاهر بن رستم ، وبدمشق من ابن الحرستاني . كان ذكيا كثير العلم ، كتب الإنشاء لبعض الأمراء بالمغرب ، ثم تزهد وتفرد ، وتعبد وتوحد ، وسافر وتجرد ، وأتهم وأنجد ، وعمل الخلوات وعلق شيئا كثيرا في تصوف أهل الوحدة. قد صار قلبي قابلاً كل صورة ..|.. فمرعى لغزلان ودير لرهبان وبيت لأوثانٍ وكعبة طائف ..|.. وألواح توراة ومصحف قرآن أدين بدين الحب أنّى توجّهت ..|.. ركائبه فالحب ديني وإيماني غادر ابن عربي إشبيلية في جولة على مدن الأندلس والمغرب. فزار قرطبة، وبجاية. حيث التقى ابن الحسن الإشبيلي المعروف بأبي مدين، وهو المتصوف المشهور في التاريخ الإسلامي، كما زار تلمسان وتونس، وأقام بعض الوقت في فاس و مراكش. المرحلة الثانية من الحياة السائحة لشيخنا ستقوده خطاه في مختلف مناطق الشرق الأوسط حيث توجه إلى مصر ومنها إلى الحجاز والعراق حيث اجتمع بالشيخ عمر السهروردي اجتماع صمت لم يتكلما فيه. ولما افترقا وسئل عنه السهروردي قال: " بحر الحقائق". وقال هو عن السهروردي: " مملوء سنة من الرأس إلى قدمه". وذهب إلى الموصل قبل ذلك ثم إلى حلب ثم صعد إلى الأناضول وتزوج هناك من لَفوت فربى ولدها على التصوف حتى استحكم فيه وعُرِفَ بالقونوي نسبة إلى قونية التي حل فيها مربيه. وعاد إلى حلب واجتمع بحاكمها الظاهر غازي بن صلاح الدين وكان قد قتل الفيلسوف السهروردي بأمر من والده خضوعاً لفتوى عن فقهاء حلب. لابن عربي مذهبا فلسفيا خاصا به، يعتمد فيه على تأويل النصوص الدينية. ويمتاز هذا المذهب بأنه ينم عن عبقرية فلسفية نادرة. ذلك أنه مذهب فلسفي متقن قد لا نجد له مثيلا في اتساقه وترابط فروضه الفرعية مع الفرض العام الذي يدور حوله جملة وتفصيلا. ومن الأفكار العجيبة المنسوبة إليه، تصوره في إطار نظريته لوحدة الوجود أن العلاقة بين الخالق والمخلوق إنما تكون علاقة جدلية في وجودها؟! وفي ذلك قوله: "فلولا شهود الخلق بالحق لم يكن ولولا شهود الحق بالخلق لم تكن فمن قال كن فهو الذي قد شهدته وما ثمّ إلا من يكون بقوله كن" ّ حين بلغ ابن عربي مكة، المحطة الأولى في رحلته سنة 598ه ، كان في السادسة والثلاثين من عمره،مكث ثلاث سنين تعرف خلالها إلى إمام الحرم المكي المعروف بأبي خاشه. وتعرّف إلى ابنته «نظام» التي دان إليها بتعلمه مذهب «العاشقين». الحب أوله نحب وأوسطه / موت وليس له حدّ فينكشف فمن يقول بأنّ الحب يعرفه / فما لقوم به أعمارهم شغفوا ولم يقولوا بأنّ الحب نعرفه / خلف ولكنه بالقلب يأتلف فليس يُعرف منه غير لازمه / البث والوجد والتبريح والأسف ليس من السهولة بمكان أن يلمَّ المرء حتى بالمحاور الكبرى لتراث الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي إذا حصر نفسه ضمن مقالة واحدة ضيقة المساحة. ففضلاً عن أن مؤلَّفاته هي من الكثرة بحيث تكاد أن لا تحصى، وبالإضافة إلى أن نصوصه شديدة التعقيد، بحيث لا تعنو كثيرًا للفهم الصافي، في بعض الأحيان على الأقل، فإن منهجه الكثيف مركَّب من عناصر شديدة التبايُن والتنوع؛ إذ إن الرجل ينبع من ينابيع لا تُحصى بتاتًا، شأنه في ذلك شأن كلِّ مفكر عملاق. فهو يصدر عن الفلسفة اليونانية، ولاسيما الرواقية والمشَّائية؛ كما يصدر عن القرآن والسنة النبوية والموروث الصوفي الإسلامي وتراث المتكلِّمين الإسلاميين، مثلما يستفيد من التراث العربي جملة، ولاسيما إخوان الصفا وفلسفة المعتزلة؛ وكذلك من الشعرالعربي الذي بلغ أوج النضج قبل ولادة ابن عربي بكثير. وبسبب من كثرة الينابيع وتَبايُن أصنافها، فقد جاء مذهبه غنيًّا بالمحتويات والرموز والأفكار الشديدة التنوع؛ بل لعل في الميسور أن يقال بأن تراث الشيخ موسوعة صوفية قائمة بذاتها. اختار شيخنا أن يحقق رغبة حاكم دمشق، ففي دمشق استقر عام 623 هج، وقضى بها السبعة عشر عاماً الأخيرة من عمره. ألف ابن عربي ستمائة كتاب ورسالة. والرسالة عند القدماء قد تكون كتاباً متوسط الحجم وقد تكون مقالة مما نكتبه اليوم في الدوريات.نذكر منها: الفتوحات المكية، فصوص الحكم، تفسير ابن عربي: وهو تفسير ضخم للقرآن الكريم،محاضرة الأبرار،ترجمان الأشواق … و غيرهم.