أود أن أشارككم جزءا من تاريخي في ثانوية أحمد الراشيدي التي درست فيها ما يناهز ستة سنوات (إعدادي و ثانوي) وعايشت مجموعة من الأحداث الدامية في نفس المؤسسة كوني كنت أقطن قربها ببعض الأمتار، إلتحقت بالمؤسسة في بداية التسعينات وكنت شاهدا على مجموعة من المعارك الذامية من طرف بعض "المشرملين" الذين كانوا يحملون أسلحة بيضاء ذات الحجم الكبير و جلهم كانوا يرابطون أمام باب المدرسة صباحا ومساءا (لا بديل لهم ولا عمل) و لعل من درس هناك في تلك الفترة قد عايش جزءا من هذه الاحداث، فالأطر التربوية والتلاميذ على حد سواء كانوا معرضين للخطر وبشكل يومي، وفي يوم من الأيام عاينت تلميذة (كنا نلقبها "بالزعرة") تحمل سلاحا أبيضا للدفاع عن نفسها كونها تعرضت لعملية "الگريساج" فقدت فيها سلسلة من ذهب ولولا تدخل أحد المشرملين بإرجاعها لها لفقدتها إلى الأبد (ليس حبا في سواد عيونها بل لغاية في نفس يعقوب)، كما أتذكر اليوم الذي تعرض فيه للاعتداء الأستاذ ق.م أستاذ الرياضيات، ولعل من درسوا هناك كانوا شاهدين على هذه الفترة التي أعتبرها تاريخ أسود في حياتي الدراسية إرهاب في إرهاب وأحداث وأحداث حتى أصبحنا من بين المدمنين على تتبع خطوات بعض المشرملين في معاركهم الدامية وحين تنتهي المعركة كنا نتناول أطراف الحديث عنها … والجانب المشرق في كل هذا أنني تعرفت على مجموعة من الأطر التربوية المشهود لها بالكفائة وآخرون نذكرهم على سبيل الإستئناس لا غير كما تعرفت على مجموعة من التلاميذ الذين لازالت تربطني بهم علاقة جيدة ومنهم من رمته الأقدار قسرا إلى المهجر ومنهم أطباء وأساتذة ومعلمين و مهندسين … ومنهمن من ماتوا رحمهم الله … والآن لسنا بحاجة إلى المزايدات وتبادل الإتهامات بقدر ما يهمنا مستقبل التعليم في المغرب والوقوف في وجه ضرب مجانية التعليم من جهة ومن جهة أخرى نشر العلم والمعرفة في أوساط التلاميذ والحفاظ على ما تبقى من مكتسبات في قطاع التعليم العمومي، الذي يتم تخريبه بالسياسات الممنهجة على أبناء شعبنا. إذا كان التلميذ يقوم بممارسات لا مسؤولة فهو تحصيل حاصل ونتيجة حتمية لما وصل إليه المغرب من إحتقان إجتماعي وإقتصادي وسياسي وتدهور قطاع التعليم العمومي والذي يُخرج لا محال أجيال وأجيال وأجيال … هذا الإحتقان الذي سأربطه بمفهوم أصبح هو سيد الموقف أي إنتاج أفواج كبيرة من المعطلين حتى أصبحنا نسمع في أوساط التلاميذ عبارة "طفروها اللوالة بقاو غير الحوالة" أو عبارة "تعيا تقرا وفالأخير تخرج بطالي". أي دور للأسرة والمجتمع والإطار التربوي في تربية وتعليم أبنائنا على قيم العلم و المعرفة . الغريب اليوم أننا أصبحنا في زمن ينتظر فيه الإطار التربوي الأجر ولا شيء غير ذلك بطبيعة الحال لا نتحدث عن الجميع فهناك أطر تربوية تقوم بعملها على أحسن وجه و أعرف بعضهم بالأسماء كالأستاذ ح.ع نموذج يقتدى به. وهناك الكثير من الأحداث في الداكرة لا يمكنني سردها كاملة بعد مغادرتي الثانوية سنة 1999. وفي الأيام القليلة الماضية سمعنا خبرا كالفاجعة ألا وهو (طرد 15 تلميذ) مما يستدعي طرح عدة أسئلة : 1~ من المسؤول الأول عنهم وعن ممارساتهم إن وجدت الأدلة. 2~هل تم إستدعاء أولياء أمورهم مع الإشعار بالتوصل لمناقشة الأمر. 3~هل تدخلت جمعية الآباء كمرحلة أولية بين أولياء أمورهم والإدارة. 4~أليس هناك حلول أخرى غير الطرد. 5~إلى من سيتم رميهم وحرمانهم من التعليم العمومي. التاريخ هو الكفيل بالإجابة ….