عربد عباس الفاسي، الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، وتقيأ على خلفه حميد شباط. صمت دهرا ونطق كُفرا؛ استقبل شباط ولجنته التنفيذية ليلا وطعنه صباحا ببيان غير مسبوق ولا معهود على "زيزون" مثله، صار مضربَ مثل في الصمت حين يستوجب الكلام. أخرج عباس عينيه، وقال مكذبا شباط: "جاء على لسان الأمين العام حول ظروف تشكيل الحكومة سنة 2012 أن اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال قررت إغلاق الهواتف إذا لم تتحقق بعض الشروط التي كان يطالب بها الحزب (...) الذي حدث هو مجيء فؤاد عالي الهمة والمرحومة زليخة نصري إلى منزل الأمين العام لحزب الاستقلال، وإعطاءه لائحة وزراء حزب الاستقلال". وتابع الفاسي: "يتضح أن ما جاء على لسان حميد شباط هو زائف، ويجانب الصواب، ولن يمس مطلقا بمصداقيتي ومصداقية فؤاد عالي الهمة والمرحومة زليخة نصري". لن أدافع عن حميد شباط، الذي سلختُ سنوات ومقالات في تعداد "بياساته"، بل سأترك شخصا يقاسم عباس الفاسي نفس حساسيته الناقدة والناقمة على شباط يتحدث، بما سبق أن أكده لي في حوار صحافي سابق معه، ويتعلق الأمر برجل دولة من حجم عبدالحق التازي، الذي قال لي، وهذا منشور ومتاح للجميع: "عباس الفاسي كان قد التزم بالتفرغ للحزب، ولذلك لم يرد اسمه في حكومة اليوسفي إلى أن أخل بالتزامه عندما التحق بهذه الحكومة في طبعتها الثانية لحمل حقيبة التشغيل، ملبيا الدعوة التي تم تبليغه إياها من السيد فؤاد عالي الهمة". في هذا الحوار التاريخي، قاطعت عبدالحق التازي، متسائلا: هل كان فؤاد عالي الهمة هو من أشار على عباس الفاسي بمطالبة اليوسفي بإشراكه في الحكومة؟ فأجاب: "بينما كنا مجتمعين في اللجنة التنفيذية رنَّ هاتف عباس الفاسي، فقال لنا إن الهمة طلب منه أن "يخلط عليه"، فَتَركَنا وذهب للقائه؛ وبعدما تم تعيينه وزيرا، فهمنا أنهم طلبوا منه الدخول إلى الحكومة". عدت أسأل التازي: هل كان الهمة يريد منه الدخول إلى الحكومة للضغط على عبدالرحمان اليوسفي وإرباكه؟ فأجاب: "هذه هي المهمة.. هذا ما تبين لنا لاحقا". لماذا إذن، بلع عباس الفاسي لسانه ولم يرد على عبدالحق التازي، ثم خرج اليوم يقول إن ما جاء على لسان حميد شباط زائف، ويجانب الصواب، ولن يمس بمصداقيته؟ هل عباس الذي قبِل تلقي الأوامر في 1998 "ترجَّل" وعاد يرفضها مثل أي أمين عام حقيقي في 2012؟ هل عباس الفاسي الذي "شيّب" رأس عبدالرحمان اليوسفي في الحكومة، وكرَّههُ في السياسة والسياسيين، بمقال "مولا نوبة" الذي نشرته جريدة "العلم" وكان سببا من أسباب تعيين الملك لإدريس جطو، وزيرا أول في 2002 بدل اليوسفي، الذي احتل حزبه المركز الأول في الانتخابات التشريعية. وأضاف التازي، في الحوار نفسه المشار إليه سابقا: " إن "مولا نوبة" كانت فكرة تافهة (...) طبيعي بالنسبة إلينا أن نطمح إلى قيادة الحكومة، ولكن المشكل أننا يجب أن نلتزم بميثاق الكتلة. الواقع أنه بدأت تتسرب إلى صفوفنا عقلية مناقضة لمبادئ الالتفاف حول الأفكار والميثاق والمصلحة العامة.. بدأنا ننسى كل هذا وأخذت تغلبنا ذاتيتنا وأصبحنا متلهفين على الأصوات والمقاعد والحقائب، وتلك كانت مؤشرات على النزول إلى الهاوية بعدما قبلنا فتح أبواب حزب الاستقلال أمام الكائنات الانتخابية". ما قاله شباط وقبله التازي عن عدم امتلاك عباس الفاسي قراره المستقل، في حكومتي اليوسفي وبنكيران، تؤكده قيادة الاتحاد الاشتراكي، على عهد محمد اليازغي، فيما يتعلق بفرض استوزار إدريس لشكر على الفاسي من طرف "البام"، الذي كان – ويا للمفارقة- في المعارضة! عندما جاء فتح الله ولعلو يخبر المكتب السياسي للحزب بأنه سمع أن إدريس لشكر سيدخل حكومة عباس الفاسي، التي كان (لشكر) قبل أيام من ذلك يطالب حزبه بالخروج منها والتحالف مع "البيجيدي" لمواجهة "الوافد الجديد"! خلاصة الكلام، ما قاله يوليوس قيصر عندما فوجئ ب"بروتس" أقرب المقربين إليه يقف مع قاتليه لطعنه: "حتى أنت يا بروتس؟"، أو ما قاله إدريس البصري عندما انتقده عباس الفاسي، عقب إعفائه من أم الوزارات: "حتى أنت يا عبيبيس؟"