أينما ولَّيْت عينيْك يصفعُك ركام الأوراق المتناثرة الذي يوثق لقطات حياتي .. إلى جانبه ترقد بقايا جرائد قديمة أجلبها كل مساء من المقهى بعد أن تفقد صلاحيتها .. روايات هنا ومجلات أُصيبت بالإفلاس ففضًّلتْ أن تتقاعد بفوضوية داخل غرفتي مُشَكِّلة خليطا متجانسا مع مجموعة كتب متناثرة على الأرض تحكي لكل من يُطِلُّ على غرفتي جنون خراب يرقد هنا .. لا أعرف لما أتعايش مع كل هذه الفوضى .. و لا أعرف لما أضع سلة مهملات قرب طاولتي مادامت السريالية تعبث هنا مُحوِّلة الفضاء لسلة متلاشيات كبرى أقرر ترتيبها عند نهاية كل يوم .. لكن للأسف برنامجي لا يذهب أبعد من البرامج الحكومية ، كثرة الكلام ولا شيء على الإطلاق .. وفي الأخير تتدخل والدتي وترتب الأشياء بعد أن تسمعني معزوفة رائعة عنوانها " هادي هيا حالتك " .. شكرا والدتي .. ليس هذا وحسب .. فحتى في الكتابة تتربص بي الفوضى وتلفني كنوارس البحر وهي تحوم حول قوارب الصيادين.. فانا لست ممن يعشقون الكتابة في غرفة مغلقة وعلى أوتار الموسيقى الهادئة كما في الأفلام الكلاسيكية ، بل أحب أن اخط أفكاري وسط من ألهموني أن أكتب عنهم .. تماما مثل فيلم الساموراي الياباني الذي وثق فيه كاتبه كل شيء عنهم من داخل معركة الحرب .. لذا تجدني أكتب بعبثية داخل المحطات و القِطارات و المقاهي الشعبية التي تعج بدخان السجائر و صراخ الزبائن الذين يقاطعونني كل مرة ليستعيروا قلمي كي يملئوا به أوراق طوطو فوت … لمرات عديدة حاولت صنع قالب أنمط فيه ذاتي و أفكاري بسلوكيات الانضباط لكني فشلت .. وفي النهاية تركت نفسي على سجيتها وقررت أن أعيش كما أنا إلى أجل غير مسمى .. مقتطف من مذكراتي – أوراق الخريف –