كانت اشراقة شمس هذا اليوم على هذه المدينة الكئيبة بكل ماتحمله الكلمة من معنى , كئيبة من كل الجوانب النفسية والاجتماعية والاقتصادية , وفي أوج هذه الكآبة كان ذهاب رفاق الأخ زكرياء الساحلي رفقة أعضاء الفرع المحلي للجمعية الوطنية لحملة الشواهد المعطلين بالمغرب إليه اليوم 25/04/2011 في مستشفى ابن سينا بالرباط , حدث مروعا زاد من كآبة المدينة , فحول الشمس إلى سواد قاتم , سواد ينخر جسدك حتى يجعل العتمة عندك من طبيعة الحياة. كيف لا وكل شيء أسود بلون عتمة الليل , الأحلام والآمال وكل شيء قد يضفي السعادة على حياتك. كانت كل خطوات رفاق زكرياء إلى محطة القطار , حتى يسافروا إليه , ذاك القطار الذي سحق جسد رفيقهم , كلها سخط وتذمر على الواقع المعاش هذا الواقع الذي يسحقك روحا وجسدا. ساد الصمت كل طريق الرفاق , كل مايحملنه عيون متأججة بالدمع وعقل شارد يحاول أن يكسر كل الألم والوجع الذي جاء بسبب ماحدث مع رفيق الرفيق. فجأة تم الإعلان عن وصول القطار الى محطة الرباط , ومع الاعلان اهتز فؤاد الرفاق . كانت خطواتنا مهتزة ونحن متوجهين نحو مستشفى ابن سينا , حيث يعالج رفيقنا وأخونا وصديقنا زكرياء الساحلي. وكلما اقتربنا من المستشفى كلما زاد حجم الألم. ووصلنا , لم يكن بوسعنا إيقاف دموعنا من النزول , فالموقف سيد نفسه في هذه اللحظة, لأن من ينزل لأجله الدمع ليس شخصا عاديا , وإنما هو الرجل والمناضل والإنسان وكل ماقد تراه جميلا في حياتك , هو الورد والعطر والشمس والقمر. في حياتنا لم نرى مريضا بهذا الجمال , نور رباني يسطع من وجهه. ابتسامة نادرا بل من المستحيل أن ترسم على شفاه شخص في هذا الموقف والحدث إلا أن يكون هو زكرياء الساحلي. أول ماسألنا عليه زكرياء كان عن المعركة الوطنية ومدى التحاق الفرع بالمعركة, ثم بدأ يمرر سؤالا بلغة سخريةلكل واحد منا , بكل قوة وبسالة يقول لنا بأنني كنت رجلا مناضلا إنسانا وسأضل رجلا مناضلا إنسانا حتى وان بترت رجلاي. أي قوة هذه التي تمتلكها يازكرياء؟ أي ارادة هذه التي تقودك يازكرياء؟ أي مجد هذا الذي جعلك شامخا هكذا يازكرياء؟ هذا هي الجمل التي كانت تتردد في أذهاننا ونحن نعاين بكل دقة العنفوان الذي كان يتحدث به زكرياء إلينا وكأننا نحن من حط علينا القدر وهو الذي جاء لماوستنا. الله يازكرياء كم أنت عظيم. في قمة الألم الابتسامة لاتفارق وجهك , تصر على السؤال عن كل واحد فينا رغم كم الألم الذي يعتريك بسبب الجهد الذي تفقده لأجل هذا الأمر. وفي خضم الألم والحسرة لاتنسى رفاقك في التهميش والإقصاء وتقول بكل الجهد الذي تملكه , صامدون صامدون صامدون. فعلا صامدون صامدون صامدون حتى تعود العزة والكرامة والكبرياء لزكرياء ولكل الكادحين في المغرب وحتى يتم الزج بالخونة , في مزبلة التاريخ. تحية المجد والخلود للرفيق زكرياء الساحلي ونحن على نهجك يازكرياء نسير لنفك قيد الوطن الأسير.