كيمياء السيرة يحيل إلى سلالة الشريف المصباحي دخان ، وإلى أم بدوية عظيمة، ويحيل في الآن نفسه إلى فضاء تتشابه فيه دروب “باب الشريعة” و”باب الواد” لتتحقق معادلة توازن الزمان والمكان في مدينة تمتعت على مر العصور بهيبة استثنائية، لكن القصر الكبير عصف به التحول وأصبح مهدداً بنسيان هويته. ورغبة في استعادة هذه الهوية وتحويل المهدد إلى حضور، جاءت محاولات والدي- وارث الإرث الأندلسي- من أجل تلمس مسارات الكتابة، ومحاولة سد نقص حاد في الاهتمام بالمعرفة والتمرس بالقصص. فوجدت نفسي أنساق وراء جنس الخبر، وكان هذا النبع يحمل سحر استعادة الماضي كتتابع للأحداث وفق تراتبية بسيطة وتعميم منسجم.لكن القديس أوغسطين قادني إلى تجاوز الفهم المخل للزمن عبر البحث فيما يسميه “بحاضر الماضي، وحاضر الحاضر، وحاضر المستقبل] ../ عبد السلام دخان * نصك الأول، فاتحة مجدك الإبداعي، هل مازلت تذكره؟ - النص الأول، أو التمرين الأول يترجم رغبة لا تزال تتجدد في ركوب صهوة الكتابة، ونصي الإبداعي الأول كان قصصيا وليس شعريا. * النقد حين يسبر مغاوير النص، ما الذي يضيفه لك كمبدع؟ - يستطيع النقد الحقيقي أن يكشف بياضات في النص، أو أخطاء وقعت فيها عنوة أو سهوا، وهو من ثمة قادر على إثارة الانتباه إلى ما ظل مسكوتا عنه في النص، إنه توليد للمعنى، وللأسئلة المشاكسة. * وأنت بصدد الكتابة هل تستحضر المتلقي، وهل تعتبره شريكا مفترضا في المتعة المشتركة؟ - قد يكون المتلقي هو الذات نفسها، لذلك فإني أكتب من أجل تحقيق متعتي الخاصة،الأخر لا يأخذ شكلا محددا لكنني أستحضره وأسعى إلى تقديم أثر إبداعي يحقق مزية الدهشة والإفتتان. * ما يحدث في العالم الآن كيف يتسلل إلى مواضيع كتاباتك؟ - ما يحدث -هنا والآن- لا يتسلل فقط إلى كتاباتي ، بل يسعى إلى إيجاد إجابات قد تكون إبداعية ، وقد تكون فكرية، لأن الكاتب كائن مرتبط بهذه الأرض التي لا يعرف مسكنا آخر غيرها، لكن طريقة تمظهرات هذا الراهن هي ما يدفعني إلى الحذر، لآني لا أروم المعنى المباشر الذي يقتل العمل الإبداعي مند القراءة الأولى. * أصبح الكاتب يزاوج بين الكتابة الصحفية والعمل الإبداعي، ما الذي يتحقق في هذه المزاوجة كقيمة مضافة؟ - الكاتب اليوم يستطيع الحصول على المعلومة مثل غيره من المهتمين ، وهو يحاول بفضل تقنياته الكتابية إيصال هذه المعلومة إلى عموم القراء، لأن الأمر يرتبط بطبيعة وعيه المدني وإيمانه بأهمية العمل الإعلامي ودوره في المراقبة ورصد الخروقات، وتنوير الرأي العام . * يعدّ النشر الإلكتروني حاليا أكثر سرعة ووصولا للقاريء، كيف ترى حالة الكتاب الورقي من حيث القرائية والانتشار؟ - حالة الكتاب الورقي تعكس واقع المجتمع العربي، البعيد عن سلوكيات القراءة .ولعل لتزايد نسبة الفقر، وانعدام استراتيجيات لتشجيع القراءة الدور الأكبر في انحسار الكتاب الورقي ناهيك عن مشاكل الجودة، والطبع، والتوزيع.. * السفر والملتقيات الإبداعية والفيس بوك أخيرا، ما حدود الخدمة التي تتوفر في كل هذا؟ - السفر يمنح الذات طاقة استثنائية، قد تجد سبيلا للتحقق في أشكال إبداعية متنوعة، والملتقيات الإبداعية في جلها مضيعة للوقت، ومناسبة لممارسة النفاق الثقافي، وفي ندرتها فرصة للإنصات للتجارب الإبداعية ومد جسور التواصل المبني على الاحترام المتبادل. * في اعتقادك، الجوائز التي يحصل عليها المبدع ما تأثيرها على مساره الإبداعيّ، وإلى أي حدّ تعدّ حافزا؟ - هي تأكيد لأمر واحد مفاده أن ما يكتبه المبدع يستحق الألم: ألم حمل جمرة الإبداع. * يهيمن على وسائل الإعلام الموقف السياسي في تحليل ما يحدث، في المقابل يغيب موقف المثقف والمبدع، كيف ترى هذا التغييب، وما حدود تأثيره في تشكيل وتنوير الرأي العام؟ - أعتقد أننا نعيش البوار في كل أشكال الحياة. * مؤسسات الدعم الثقافيّ ودور النشر والسياسات الثقافية، هل تراها كافية وذات جدوى في دعم المبدع؟ - نفس البوار لايزال يمتد إلى أعيننا فمن يصدق زرقاء اليمامة. * أتعتقد أنك كتبت نصك المشتهى؟ - لازلت أشتهي قراءة نصوص الأخرين. * البوصلة، مجلتنا/ك، كيف تراها؟ - البوصلة بصمة جمالية تتجاوز متاريس الإفتراطي لتؤسس أثرها الواقعي في راهن الثقافة الإنسانية. باقة ورد للبوصلة وللرائعين إدريس علوش، والفنان والمبدع محسن العتيقي