إن تجريم الأفعال الغير مشروعة تعتبر من أنجح الطرق التي لجأت إليها المجتمعات الإنسانية عبر العصور للحد من الظاهرة الإجرامية التي تعترض تطور المجتمعات وتقدمها . ومن أهم الظواهر التي تفاقمت في مجتمعنا وتكاثرت نتيجة الحراك الشعبي والسياسي بما عرف ب"الربيع العربي" في الدول العربية المجاورة مثل تونس وليبيا و مصر و اليمن وسوريا أخيرا ، ونتيجة انعكاساته السلبية على مجتمعنا المغربي تفشت ظاهرة قطع الطريق العمومي من طرف بعض الباعة الجائلين لأجل كسب قوت عيشهم والتي كانت إلى حد ما غير مؤثرة سلبا بشكل كبير كما هو الحال لما بعد الربيع العربي على جمالية المدينة وتمس بشكل مباشر الأمن والسكينة العامة . إذا كانت أهم أهداف السياسة الجنائية في المغرب هو تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني وتحقيق العدالة بما يضمن حماية حقوق الأفراد والمجتمع ، فكان لابد من إيجاد سبيل لتجريم هذه الظاهرة وخلق قوة رادعة للفعل الغير مشروع المتمثل في استغلال الملك العام وعرقلة المرور وإخراجه من نطاق الإباحة إلى التجريم ، والجزر من خلال توقيع العقوبة الجازرة عن مثل هذه الأفعال وخاصة إذا سببت الضرر للأفراد او الجماعة . فالركن الشرعي لجريمة عرقلة المرور يتجلى في الفصل 608 من القانون الجنائي المغربي : يعاقب بالاعتقال من يوم إلى خمسة عشر يوما وبغرامة من عشرين إلى مائتي درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط....... 10 - من ضايق الطريق العام بأن وضع أو ترك فيه، دون ضرورة،مواد أو أشياء من أي نوع كانت، تعطل أو تحد من حرية المرور أو سلامته. ومن خلال هذه المادة وتطبيقها على ظاهرة قطع الطرق العمومي تتبين أنها جريمة كاملة بأركانها الثلاثة النص الشرعي التجريمي المادة 608 القانون الجنائي المغربي،والركن المادي وهو وضع الأشياء في الطرق العمومية وإعاقة السير والركن المعنوي أو القصد الجنائي قصد التسبب في عرقلة المرور وإعاقتها وتعد من المخالفات . ويتوافق هذا النص ألتجريمي مع مقاصد الشريعة الإسلامية التي اعتبرت جريمة قطع الطرق جريمة الحرابة، وورد لفظ المحاربة في الفقه الإسلامي باستخلاصه من قوله تعالى في سورة المائدة الآية 33 (( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً..)). وسميت الحرابة في الفقه الإسلامي اصطلاحا بقطع الطريق، وهي خروج جماعة مسلحة في دار الإسلام لإحداث الفوضى وسفك الدماء وإهلاك الحرث والنسل متحدية بذلك الدين والأخلاق والقانون، وانزل الله في الحرابة قوله تعالى في سورة المائدة الآيتين (33-34) (( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا، أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، أو ينفوا من الأرض، ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم)).