سؤال تبادر إلى ذهني منذ نعومة أظفاري، في البداية إستبشرت خيرا و صدقت من سمي تلك الموجة من الحركات الإسلامية بالصحوة الإسلامية، و مع مرور الوقت و استمراري في القراءة و الدراسة ومتابعة الأحداث مما حصل في أفغانستان بعد خروج السوفيات من حرب لا هوادة فيها بين مجاهدي الماضي و سفكهم لدمائهم بأيديهم، ثم ما إقترفته الجماعات الإسلامية المسلحة في مصر من قتل و إرهاب للمفكرين و الأدباء و من تفجيرات إجرامية على يد الإرهابي الكبير أسامة الظواهري مرورا عبر الجزائر و الصومال و الشيشان و .... و قد لعبت القضية الفلسطينية و ما يعانيه الفلسطينيون من المحتل الصهيوني و مساعدة الدول الغربية له دورا كبيرا في تأجيج كره المسلمين للغرب ، و انتقل الكفاح المسلح الفلسطيني من عمليات فدائية ضد مواقع عسكرية صهيونية إلى عمليات إنتحارية في مقاهي و حافلات يقتل فيها الأبرياء ، و كثير من المسلمين يصفقون و مشايخهم و علماؤهم من قرضاوي و آخرون يفتون بجواز مثل هذه العمليات و أسموها بكل جهل و جهالة عمليات استشهادية متناسين وصايا قادة دولة الرسول لجند الإسلام الفاتحين.. لا تخونوا.. لا تغلّوا.. لا تمثلوا.. لا تقتلوا طفلاً ولا شيخًا ولا امرأة.. لا تغرقوا نخلاً ولا تحرقوه.. لا تقطعوا شجرة.. لا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا للأكل، وإذا مررتم بقوم فرَّغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرّغوا أنفسهم له.. و هنا كان تحول كبير في الرؤية السلفية لمفهوم الجهاد في سبيل الله كان من أول نتائجه حادث 11 شتنبر 2001 الذي أضر بالمسلمين داخل بلدانهم و خارجها ثم ما تلاه ذلك من غزو أمريكي لأفغانستان و العراق و الصومال ، فتشكل مايسمى بالفكر الجهادي الإنتحاري الذي حول كل معتنقيه إلى قنابل موقوتة في إنتظار الضوء الأخضر من أمراء جماعاتهم للإنفجار و الطيران لمعانقة الحور العين في جنات النعيم و ظهرت معالم هذا الإنزلاق الفكري و الديني مع ظهور عصابات تستغل الإسلام و محن المسلمين لإرتكاب أروع الجرائم الإنسانية و تشويه صورة الإسلام و على رأسهم الزرقاوي السفاح. لم يفلت المغرب من هذه التيارات السلفية المتطرفة التي ساعد في انتشارها شبكة الانترنت فحصل التواصل بين كل الخلايا النائمة و اليقظة و أصبح التنظيم عالميا رغم عدم وجود تنظيم بالمعنى الفعلي للكلمة، و انتقل العمل السلفي المغربي من دعوة للإلتزام بالكتاب و السنة إلى فكر ظلامي تواق للشهادة و الجهاد المزعوم في البلدان الاسلامية المستضعفة و لما فشلوا في الوصول إلى أعدائهم "الصليبييين و اليهود" وجهوا نيران قنابلهم و متفجراتهم نحو وطنهم و أبنائه مدعين أنهم بذلك ينهون عن المنكر و يحاربون الطاغوت فكان واجبا الحجر عليهم قبل أن يحرقوا الوطن بما فيه، و هذا لا يعني أنني أؤمن بالمقاربة و الإستباق الأمنيين كحل وحيد لهذه المعضلة بل كان من اللازم اعتماد الحوار و الحكمة و المجادلة بالتي هي أحسن. مادعاني لكتابة هده الأسطر هي الأحداث المتسارعة التي يعرفها العالم هذه الأيام و بشكل خاص المغرب بعد إعادة فتح ملف السلفية الجهادية و حادث مراكش الإرهابي و الإعلان عن مقتل زعيم الإرهابيين الإسلامويين، وما استنفر قلمي هو سماعي بأن سلفيي الجهادية صلوا صلاة الغائب على بن لادن من داخل أسوار سجونهم بينما اكتفوا ببيانات تنديد جافة على حادث مراكش. فماذا يعني هذا؟و لماذا لم يصلوا صلاة الغائب على شهداء المسلمين الذين لقوا حتفهم في التفجير الإرهابي؟ و هل يؤكدون أنهم يبايعون و يوالون بن لادن؟ المشكلة الحقيقية في معتنقي السلفية التكفيرية ثم الجهادية هو أن جل المتنمين إليها لديهم جهل عميق بأحكام الدين و لا يعلمون من الكتاب إلا أماني و ثقافتهم الدينية سماعية بكل المقاييس من أشرطة صوتية و حلقات حول شيوخهم الذين يبجلونهم و يقدسونهم ، و تجدهم نادرا ما يقرأوون كتابا رغم أنهم يدعون الإنتماء إلى أمة كانت أول كلمات رسالتها "إقرأ"، ويعتقدون أنهم بمجرد إعفائهم للحى و حفهم للشوارب و عدم التخلي عن سواكهم و مسكهم و لباسهم القصيرو باقي طقوس التدين السطحي و دعائهم للمجاهدين و لعنهم للأمريكان و اليهود و تمني الشهادة حتى لو كانت إنتحارا و قتلا للأبرياء ، نعم لقد اعتقدوا أنهم بذلك يرفعون لواء الإسلام بصفتهم الفئة الناجية و الباقي كلهم كفار مشركون جزاؤهم جهنم و بئس المصير، يا لغبائهم و جهلهم فلندعو لهم بالتوبة ...آمييييين. و صفوة القول فإن كل من يؤمن بهذا الحديث فإنه إرهابي ، و هذا هو الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك ، عصموا مني دماءهم وأموالهم ، إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى رواه البخاري ومسلم لأن هذا الحديث يتعارض مع كثير من الآيات القرآنية و هنا بعض منها : لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿البقرة: 256﴾ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴿الكهف: 29﴾ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ﴿الغاشية: 22﴾ و هناك العديد من الآيات في نفس المعنى يكفي مراجعة القرآن بخشوع لتدبرها. أما بن لادن و من بايعوه فإن جزائهم طبقا للقانون الإلهي القرآني و هي عقوبة الحرابة ونجده في هذه الايات التي أختم بها كلامي هذا : إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿المائدة: 33 و السلام عليكم و بركاته