في المغرب فقط يحدث أن تلج المحطة الطرقية في فترة نهاية العطلة الصيفية، فيخيل إليك أن المدينة قد أصيبت بوباء خطير جعل الجميع يهرول لمغادرتها على الفور ... في المغرب فقط يمكن أن تنعم أذناك بقاموس منتقى بعناية من الشتائم على لسان السادة ( الكريسونات ) المحترمين و (الشيفورات ) أصحاب الفخامة الذين لا يجب أن ترفع صوتك أمامهم حتى ولو كنت تسأل فقط ... في المغرب فقط تستطيع أن تسمع خط سير يمر عبر مدن الشمال لتجد نفسك مجبرا على التمتع بأزقة (الرحامنة ) بعد أن تكون قد أديت ثمن التذكرة لشخص لن تراه إلى بعد سنوات ..... في المغرب فقط يمكن أن تضع يدك على قلبك من الهلع بعد أن يغلق سائق الحافة أبوابها بإحكام ويشرع في مداعبة روحك بعجلات حافلته ... في المغرب فقط يمكن أن تجد إجابة باردة عند احتجاجك على سرعة السائق المفرطة ( اللي مكتابة فالراس هي اللي غتكون ) حيث تحس في تلك اللحظة بالضبط من حياتك بالندم على حماقات كثيرة لم تفعلها خوفا من العواقب، لتكتشف في الأخير أن هناك من يضع أرواح خمسين شخصا على مائدة ( المكتاب ) ويطلق العنان لعجلات منتهية الصلاحية ... في المغرب فقط تستطيع أن تتقدم بشكاية لمصالح أمن المحطة الطرقية حول تجاوزات ( الكريسون ) فيقوم الضابط على الفور بإخراجه من باب المحطة ليدخل من باب آخر وهو محمر العينين وبإصرار غريب على تلقينك درسا في المعنى الحقيقي للتبليغ عن التجاوزات ... في المغرب فقط يمكن أن تصعد الحافلة أملا في الاستلقاء على أول مقعد من فرط التعب، لتكتشف أن وقوفك الطويل على رصيف المحطة في انتظار إقلاع الحافلة، ما هو إلا حصة تسخينية قبل انطلاق مسابقة الوقوف لأطول مسافة في الحافلة، وبعد أن تكتشف بأن الممر بين الحافلات يدخل هو الآخر في حسابات أصحابها ... في المغرب فقط يمكن أن تجد أزيد من عشرة أشخاص فوق الحمولة القانونية ملتصقين ببعضهم البعض، وفي مقدمة الحافلة يظهر لك شخص بزي شرطي أو دركي وهو مستلقي بانشراح على مقعد ( الكريسون ) يتجاذب أطراف الحديث مع السائق وواضعا قبعته قرب الزجاج الأمامي للحافلة، بينما سعادة السائق يبدو مزهوا بهذه الحماية (القانونية ) لما يرتكبه من تجاوزات ... في المغرب فقط يجب أن تقدم رجلك اليمنى على اليسرى وأنت تصعد أدراج الحافلة، عملا بالسنة التي تنصح بتقديم اليمنى في كل شيء، وخصوصا عند نية الاستشهاد التي أصبحت فرض عين على كل راكب حافلة ،،،، في المغرب فقط !!!!