Tweet كنت مارا بأحد شوارع دينهاخ وفجأة رأيت موكبا من السيارات تتقدمهم عربة يجرها حصانين وبداخلها عريس وعروس من ورائهم كانت نسوة داخل سياراتهم تسمع زغاريدهم المغريية القحة ملئت المكان وجذبت إليهم الأنظار ، قفزت ذاكرتي إلى وطني . تخيلت نفسي هناك فالصورة تعبر عن أصلها الحقيقي بكل ما في الكلمة من معنى زغاريد، ألبسة تقليدية أغاني مغربية متعلقة بحفلات الزفاف..، ما لفت انتباهي هو منظر شابة تحمل راية مغربية كبيرة وتحركها إلى الأعلى يمينا ويسارا، قلت سبحان الله ما هذه التضحية راية كبيرة وثقيلة حتى على الرجل أكثر من ذلك فهي جالسة من فوق نافذة السيارة وهي متحمسة لذلك ومنغمسة في الحفل دون أن تعي خطورة ذلك، فهي تعبر عن حبها الكبير لوطنها المغرب فلا تستهزء بعاداته وتقاليده بل تحترم ذلك وتقدره وتحاول ما أمكن ممارسة هاته الطقوس في حياتها اليومية. الغريب في الأمر أن الشباب الذي ازداد بهولندا وترعرع فيها وتنفس هوائها وشرب من مائها وأثرت عليه ثقافتها لم ينس طقوسه بل هي متجذرة في عروقه انطلاقا من رأسه حتى أخمص قدميه، كان بإمكان الشابة الهولندية المولد ومغربية الأصل أن ترفع علم البلدين المغربي والهولندي ولكنها فضلت رايتها الوطنية أن تبقى عالية وشامخة، وكأنها تريد أن تبلغ رسالة إلى من يهمه الأمر نحن مغاربة وسنبقى كذلك وسنبلغ هاته الرسالة إلى الأجيال القادمة. إن أبناء الجالية تعطي مثالا تلو الآخر أن مغربيتها لا يمكن أن توضع على المحك فإذا أراد شخص هنا أن يمس المغرب ولو بقيد أنملة يتصدى له أبناء هذا الجيل وكأنه مس أمهم أو أباهم. في السابق عندما كنت أقطن في المغرب إذا حلت العطلة الصيفية حل المغتربون المغاربة إلى أرضهم، فمن أجل التمييز بينهم كنا نستعمل قاعدة البلد القادمين منه، فإن كانوا يقطنون بهولندا نقول: هَا وْلِدَاتْ هولندا جَاوْ وإن كانوا آتين من بلجيكا هَا وْلِدَاتْ بلجيكا وهلم جرى.. أنا لا أعرف لما نميز بين بعضنا البعض أيعتبر هذا التمييز صائبا أم خاطئا؟ لما نقول عن هؤلاء أنهم مغاربة قدموا إلى بلدهم وبذلك نصبغ ونطبع عليهم طابع وصبغة المغاربة مئة بالمئة، وهم بهذا لا يمكن أن يقع لهم الخلط وتهتز هويتهم الأصلية، فهنا في المهجر المهاجر يأخذ إسم ونعت البلد الذي بنتمي إليه ويقطن فيه مضاف إليه نعت مهاجر من أصل مغربي ولو كان يحمل جنسية البلد الذي ينتمي إليه، ويبقى المسكين بين نارين يريد أن يحافظ على أصله وفي نفس الوقث يريد أن يندمج في المجتمع دون أن يذوب فيه. لهذا نرجو من أصحاب الإختصاص والحاملين المسؤولية في الداخل وفي الخارج أن يمدوا يد العون والمساعدة للمغاربة المهاجرين حتى يتمكنوا من الحفاظ على هويتهم وثقافتهم الأصلية كي لا تنسلخ في يوم من الأيام. وإلى أن يتم ذلك يبقى للمستور بقية. ..