كلام في الحجر الصحي يوميات يعدها الاستاذ محمد أكرم الغرباوي لاستقراء آراء فاعلين جمعيويين ، مثقفين ، رياضيين ، شراح مختلفة …ترصد تجربة الحجر . الحلقة 36 تستضيف القاص المغربي عادل البدوي: _____ قال له صديقه: -أظنه التمديد الأخير للحجر، و بالتأكيد سيطلق سراحنا هذه المرة!! انتفض وقال: -مستحيل.. يجب أن يستمر الحجر لشهور أو حتى لسنوات… المرض خطير، ويجب الاحتياط منه!! ضحك صديقه ثم قال له: -من يسمعك يظن أنك ملازم لبيتك ملتزم بالتعليمات، بينما أنت تقضي يومك بطوله و بعضا من الليل متجولا في الأزقة دون كمامة أو احتياط!! طأطأ رأسه ثم قال: -يبدو أن أيام كورونا “الجميلة” ستمضي.. و سترمي بنا “للمجهول”!! صعق الصديق و صاح: -الجميلة؟؟؟! ماذا تقول يا رجل؟! تنهد ثم قال: -أنت تعرف حالي.. منذ فقدت عملي صرت أعيش في الجحيم.. و لولا ما تجنيه زوجتي من أجرة و بقايا طعام من عملها كخادمة في البيوت لمتنا جوعا… لكن كورونا “المْرْضية” أتت بخيرها، مشغلات زوجتي أصبحن يغدقن عليها العطاء، و قد منحتنا عدة جمعيات طعاما يكفينا لأشهر، بينما قبضت مساعدات من الدولة، و لم نعد نؤدي فواتير الماء و الكهرباء، حتى صاحب المنزل المتغطرس طردناه عندما أتى يبحث عن ماله.. بينما لم يعد مستخدمو وكالة القروض الصغرى يطاردونني لتأدية الأقساط المتأخرة… صمت ثم واصل: – ماذا سأفعل عندما سينتهي الحجر و يطالب الجميع بماله؟؟ قال الصديق في محاولة للمواساة: -الأهم أنك لم تصب بالمرض اللعين.. و اترك الباقي على الله!! صاح: -المرض اللعين؟؟ بل قل المرض المبارك.. لقد بحثت عنه بدون جدوى.. كنت أحشر نفسي في الازدحام بدون كمامة، و أذهب إلى الأحياء التي سجلت بها حالات، بل ذهبت حتى إلى محيط المستشفى. لكن دون نتيجة!! صعق الصديق و قال: -هل جننت؟؟ أجاب: -ما أغباك!! عل تعرف ما معنى أن أمرض بالكورونا مع أفراد عائلتي؟؟ هل تعرف الطعام الذي يقدمونه في المستشفى؟؟ في السابق كانت رؤية الملائكة أيسر من مقابلة طبيب في مستشفى عمومي، لكن إذا أصبت بالكورونا سيحيطون بي.. و يتمنون رضاي، و سأتعالج من الخشخشة في الصدر، و من البواسير المزعجة.. و ستزيل زوجتي الورم الموجود في ذراعها.. و عندما سنخرج سيصفق لنا الأطباء و المرضى، و ستتسابق الصحافة لاستجوابنا.. و سنقول لهم أننا مرضى وفقراء و نحتاج للمساعدة. فتنهال علينا العطايا.. ثم إن الجيران سيتحاشون مخالطتنا أو الجدال معنا.. و صاحب المنزل و العامل المكلف بقطع الكهرباء و مدير وكالة القروض لن يجرؤوا حتى على دق بابنا… صمت ثم قال: