بعدوة باب الواد كما سبق الذكر، خلال مقالات هذه السلسلة، ما يلهم العقول بشتى الخرافات والحكايات. فداخل دار الدباغ بالقصر الكبير، أمكنة وأضرحة ذات صبغة خاصة، مثل ضريح شمهروش وضريح مولاي علي الشريف وسور الموحدين. وأيضا توجد هناك صومعة فريدة وغريبة، هي صومعة البنات المطلة على نهر لوكوس، والتي ينتفي بها وجود أي قبر أو ضريح لولي أو مسجد للصلاة، وإنما هي عبارة عن صومعة يتيمة، من بقايا مسجد قديم مندثر. على أن أطرف ما في تلك الصومعة من حيث شيوع الفكر الخرافي في الماضي، كونه صار محجا للبنات، وخاصة أيام الجمعة، لأغراض مختلفة، ومنها الزواج. ويذكر أن هذا الجامع كان في البداية عبارة عن مسجد يدرس فيه القران للفتيات. كما يقال إن مدرستهن انذاك كانت هي الولية الصالحة، الأندلسية الاصل المعروفة باسم للا فاطمة الأندلسية، وهي عمة لمولاي علي بوغالب. جاء في كتاب (القصر الكبير مدينة في إقليم من المغرب الشمالي) لميشو بيلير وجورج سالمون: (( جامع البنات يوجد بباب الواد قرب دار الدباغ . بنايته مخربة بالكامل باستثناء المئذنة التي ظلت وحدها واقفة . كان سابقا مدرسة كبيرة للفتيات. يمتد من الخلف إلى حومة البناتيين: ويمكن أن تكون هناك علاقة بين هذين الاسمين. كان مسجد زاوية سيدي فوندريرو ، تلميذ مولاي علي بوغالب، ملتصقا بجامع البنات وهو حاليا في حالة خراب))(تر. د. عبد المجيد المصباحي جمعية البحثت التاريخي والاجتماعي، القصر الكبير، 2018، ص. 163). ولا يفوتنا هنا كون صومة البنات، تذكرنا بوظيفة أخرى لبعض الأضرحة بالقصر الكبير، غير التعليم الديني والجهاد في سبيل الله والوطن، ألا وهي الوظيفة التنفيسية، حيث كانت مزارا للتخفيف عن المعاناة من نقص ما، ولتحقيق الأمنيات. وربما من هنا نجد كثيرا من أسماء الأضرحة في القصر الكبير، لها هذه الرمزية، أمثال سيدي بوضريسة وسيدي بوحاجة وسيدي بوخبزة وسيدي بودجاجة.