لم أكن أرغب في زيارة لملك الجن "شمهروش". رغم أنني من أبناء حي"باب الواد" المعروف بعراقته وتواجد مآثر تاريخية كبيرة في ترابه، ونادرا ما كنت أزوره في السابق من الأيام قبل استقراري الأسري بطنجة، وبعدها بأكادير ، لأني لم أرغب يوما في تسجيل شكاية لدى ملك الجن "شمهروش" بسبب فشل عاطفي، أو ما شابه ذلك، لأني لا أومن بسلطته، ولا بتواجده في هذه السدة . والمناسبة اليوم مرتبطة بالزيارة الميدانية لمآثر القصر الكبير ارتباطا بالجولة الاستطلاعية لمآثر القصر الكبير وذلك مساء يوم الجمعة 26 يوليوز 2013 . وهي امتداد لبرنامج السمر الرمضاني الثاني المنظم من لدن جمعية النوارس للتنمية والإبداع، وودادية أبناء الحي سيدي يعقوب القشاشين، ورابطة الإبداع الثقافي. الجولة أطرها الأستاذ مصطفى العلالي عن جمعية القصر الكبير للحفاظ على الثرات الثقافي بالقصر الكبير. ضريح ملك الجن "شمهروش" الموجود بدار الدباغ بالقصر الكبير هو أعلى سلطة للجن، وهو من ثمة محكمة لفض النزاعات بين الإنس والجن، ولا يمكن الطعن في أحكام«الشيخ أبا الوليد شمهروش» المكنى ب"شمهروش" وهو من من الجن المسلمين. و" شمهروج" يمثل مكونا رئيسا في التراث الموسيقي الروحي الكناوي.وفي هذا المكان يأتي "المظلوم" يرى الرعد والبرق كعلامة لتواجد رئيس المحكمة "شمهروش" فيسرد له شكايته بعدها يصدر أحكامه ويمضي إلى حال سبيله. ويقال أنه لسبب ما قرر هجرة سدة حكمه بالقصر الكبير، ليتفرغ للتعبد بأعالي جبال الأطلس وتحديدا بجبل توبقال قرب قرية إمليل.هذا ما تقوله الحكايا العجائبية الشعبية لمخيلة ساكنة"باب الواد" التي تروي تفاصل ميثولوجية أخرى ترتبط ب"صومعة البنات"، أو صومعة ملك الجن "شمهروش".، أو ما تبقى منها وهي مكان أسطوري، ارتبط في المخيال الشعبي المغربي بمخلص البنات من العنوسة. صومعة البنات التي تطل على نهر اللكوس" أو التنين المرمري" حسب أسطورة هسبريس. توجد وحيدة بعد اختفاء مسجدها لأسباب تعددت المصادر التاريخية في سرد تفاصيلها،تزورها البنات ظهيرة يوم الجمعة بين الآذان الأول، والآذان الثاني للممارسة طقوس" خرافية" تتجلى في الطواف حول الصومعة، وترك بعض قطع الملابس الداخلية بالمكان نفسه. زيارة الصومعة مرتبطة بزيارة حمام "سيدي ميمون"، وهو حمام يزوره بكثرة نساء وفتيات يؤمنون بخرافات مفادها أن الاغتسال بمياهه، يبعد عن صاحبه الشر،السحر، والعنوسة، والعكس، وما جاورها من حكايا السحرة. (وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى)"طه الآية 69" باب حمام " سيدي ميمون" يعلوها قوس يفضي بزائره لبهو واسع تحيط به ثلاثة أقواس. القاعة الأولى أقل برودة مخصصة للاستحمام للنساء العليلات والمسنات، تتبعها قاعة في نفس حجم الأولى لكنها أكثر سخونة. القاعتان تحيط بهما قبور الجن أمثال"للاميرة"، و" سيدي ميمون"، وابن أخت ملك الجن"شمهروش". لذلك فهذا الحمام ببعده الميثولوجي يأخد مكانة مركزية في التراث الكناوي القصري بشكل خاص.