في الوقت الذي يتعاضد و يتآزر و يتضامن فيه الجميع من أجل إيقاف زحف وباء ” كورونا” الفتاك ،و ذلك باتخاذ إجراءات صارمة ،فمن غير الجائز أن يُتْرَكَ المعتقلون في السجون ،معرضين للخطر ،إذ بالرغم من الاحتياطات التي تكون قد اتخذت على مستوى مندوبية السجون قصد التصدي للوباء القاتل ،فإن الأمر يأخذ طابعا استعجاليا باعتبار خصوصية فضاءات السجون المكتظة و المنعدمة لوسائل الوقاية. إن المسؤولية بهذا الخصوص ،تتحملها الدولة ،انطلاقا من سياستها الجنائية، مرورا بمؤسسة القضاء التي تنتهج غالبا سياسة عقابية وصولا للسجين المتميز بالرعونة و عدم الانضباط. إن الجهات المكلفة بالوقاية تركز جهدها الإعلامي و التحسيسي على مرتكزين : أولهما : تجنب التماس و الابتعاد مسافة متر على الأقل بين الشخص و الآخر ، و ثانيهما : تنظيف اليدين أكثر من مرة بالصابون و السائل المنظف. فأين يا ترى الدولة في شخص الحكومة : وزارة الأوقاف، وزارة حقوق الإنسان ، وزارة الداخلية ،وزارة الصحة ، مندوبية السجون ، من وضعية السجون المشار إليها أعلاه ؟ إن الوضع مخيف ،و عدد السجناء في ارتفاع مهول ،و بعضهم مصاب بأمراض مختلفة : عضوية ،نفسية و عقلية…الخ. لقد دخل فيروس ” كورونا ” فرنسا التي وصل عدد السجناء فيها إلى : 70000( أقل من عدد السجناء في المغرب ) ،و سجلت حالات وفيات، مما جعل جهات عدة تطلق صفارات الإنذار و منها نقابة القضاة syndicat de la magistrature ، و جمعية قضاة تنفيذ العقوبات JAD، و المراقب العام لأماكن الحرمان من الحرية : CGLPL ،و المرصد الدولي للسجون : L'observatoire internacional des Prisons ,و اقترحت حلولا ،الشيء الذي جعل وزارة العدل تتخذ إجراءات لمعالجة اختناق السجون و التقليل من عدد نزلائه. من جهة أخرى ،فالسجون المغربية تحوي كما هو معلوم مجموعة من معتقلي الرأي، كانوا قد اعتقلوا بسبب آرائهم المتعلقة بحقوقهم الاقتصادية ،الاجتماعية و السياسية. و كانت منظمات وطنية و دولية قد طالبت بإطلاق سراحهم . و اليوم لا يكفي القيام بإجراءات احترازية وصارمة لمواجهة الوباء ،دون اتخاذ – بموازاة ذلك – إجراءات إجتماعية، إنسانية و سياسية ،لتقوية المناعة الوطنية و تكتيل الصفوف في خط دفاعي واحد ،يحتاج للجميع و لكل الأصوات مهما وقع معها الاختلاف ،للتصدي لفيروس ” كورونا ” ،عدو البشرية و محاصرته و القضاء عليه (1). هذا وقت الحسم و إغلاق كل الملفات السياسية ،الاجتماعية المرهقة للبلاد. يجب على السلطات المغربية ،الإفراج فورا و دون قيد أو شرط على نشطاء الريف و الصحافيين و المدونين الشباب و المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين لمجرد التعبير عن آرائهم سلميا (2). لتفتح إذن أبواب سجون المغرب أمام معتقلي الرأي ،و اتخاذ إجراءات احترازية قوية درءا لحصول كارثة إنسانية لباقي السجناء . (1) و (2) : لنتحد ضد ” كورونا “. منظمة العفو الدولية – المغرب.