هو عبد السلام الزفري ، ولد بحي باب الواد بمدينة القصر الكبير، خلال القرن التاسع عشر للميلادي ، ولا يعرف تاريخ ولادته بالضبط ، حيث لم أقف على تاريخ ولادته ، وتوفي سنة 1919م حسب ما يذكر، وأقبر بمقبرة سيدي محمد الشريف بحي باب الواد (حسب بعض المعلومات الشفاهية )، وهو ينتمي إلى أسرة عريقة من أعيان المدينة ، وقد نشأ نشأة عادية، شأنه في ذلك شأن جميع أبناء مدينة القصر الكبير، فحفظ القرآن الكريم وتعلم العلوم الأولية التقليدية ، ثم تلقى تعليما في العلوم الدينية والأدبية على أيدي علماء وأساتذة أجلاء ، بالإضافة إلى اللغات الأجنبية ، فمكنته ثقافته من الاشتغال كاتب لدى الكاتب والمؤرخ الفرنسي ميشو بيلير(1857م – 1930 م) ، خلال إقامته بمدينة القصر الكبير من سنة 1890م إلى سنة 1906م ، حيث كان يساعده في أبحاثه وكتاباته ويمده بالمعلومات التاريخية والاجتماعية للمدينة ، فتوج ذلك بإنجاز دراسة تاريخية عن مدينة القصر الكبير ونواحيها . ويعد الفقيه عبد السلام الزفري من شعراء مدينة القصر الكبير ومن الشيوخ الكبار في فن الملحون ، وتخرج على يديه مجموعة من الشيوخ ، وقد برع في نظم الشعر الفصيح وفي شعر الملحون . يقول عنه الأستاذ محمد الفاسي (1) : ( كان له إلمام بالعلم والآداب وكانت له سجية فياضة ، ويقال أنه كان يحسن اللغات الأجنبية ، وكان ينظم الشعر أيضا بالعربية الفصحى ) . وقد تناول في أشعاره مجموعة من المواضع المختلفة والمتنوعة بأسلوب جميل ولغة جذابة ، إلا أنه اشتهر بقصائد طرب الملحون ، فأمسى إسمه مشهورا ، وذاع صيته في هذا المجال . وكان يحضر كباقي زملائه جلسات الاستماع إلى الأمداح النبوية وطرب الملحون في بعض زوايا مدينة القصر الكبير، التي كانت معروفة بهذا النشاط الديني والفني ، خاصة بين صلاة العشائين ، منها زاوية سيدي محمد الشريف الواقعة بحي باب الواد ، وزاوية سيدي محمد الفضلي التي تقع بحي الشريعة . ويتميز شعره بالقصائد الطوال والمختلفة الأغراض ، ومن أشهر قصائده في الملحون: الخلخال وشامة ونجمة والصالحية والإدريسية وقمر الدار والشمعة البحرية والبرية وجمهور البنات وجمهور الأولياء التي ذكر فيها جميع أولياء مدينة القصر الكبير وغيرها . وحسب الأستاذ محمد الفاسي (2) ، فإن للفقيه الزفري شعرا كثيرا إلا أنه ضاع ولم يبق منه إلا القليل . ومن عادة الشاعر الزفري أنه كان يختم قصائده بذكر إسمه آخر كل قصيدة . وبهذا العمل البسيط حاولت أن أعرف بهذا العلم المنسي وأن أذكر به (فإن الذكرى تنفع المؤمنين) (3) ، بعدما مرت سنوات على رحيله ولا أحد يتذكره ، فنسي الفقيه نسيانا تاما ، كاد أن يختفي نهائيا ، إلا من ذاكرة بعض شيوخ طرب الملحون والمهتمين بهذا المجال الفني الأصيل . وقد حان الوقت لإحياء هذا العلم الشامخ المنسي ، وأن نخرجه من عالم النسيان والإهمال إلى عالم النور والظهور، وأن نفض الغبار على إنتاجه الشعري ، وأن نعمل على تأريخ حياته وشعره ، وإماطة اللثام عما زال من قصائده المجهولة ، وتسليط الضوء على هذا المنتوج الأدبي ، وإتاحة الفرصة للمهتمين بهذا الميدان قصد الدراسة والاهتمام به ، خصوصا أنه يوجد نقص في المعلومات وندرة في المصادر والمراجع التي تهتم بهذا الشاعر، وإنه لمن دواعي الأسف أن نفقد هذا الإرث الثقافي القيم . وإنا لعملكم منتظرون . الهوامش: 1 و 2 ) الأستاذ محمد الفاسي . كتاب معلمة الملحون.الجزء الثاني.القسم الثاني .الصفحة 211. رقم الترجمة 272 . 3 ) الآية رقم 55 من سورة الذاريات . 4) الأستاذ الحاج عبد السلام القيسي. وثائق خاصة .