بجديتها وصراحتها وتواضعها وخصوصا تعاطفها مع الآخرين تعد أنيسة عازب نموذجا للمناضلة الجمعوية والناشطة الملتزمة بقوة لفائدة الدفاع عن حقوق الأطفال . واستطاعت أنيسة عازب مؤسسة جمعية ( ألف ) للأطفال والأسر المغربية في إسبانيا التي يوجد مقرها ب ( لاس روساس ) ضواحي العاصمة مدريد أن تثبت بالملموس وعبر مبادرات إنسانية تفانيها والتزامها الثابت تجاه القضية النبيلة المتمثلة في حماية والدفاع عن حقوق أطفال الجاليات الأجنبية المقيمة بهذه المدينة بصفة عامة وأطفال الجالية المغربية على وجه الخصوص وهو ما أكسبها الثقة بالنفس وكذا التقدير والاحترام من طرف كل من اقترب منها أو تواصل معها . وقد برهنت أنيسة الحاصلة على دبلوم التعليم العالي في علم النفس وتدريس الأطفال من إسبانيا على الدوام على إصرارها سواء في وسطها العائلي أو في المجال المهني حيث لا تفتأ تواصل جهودها لتلقين مبادئ المثابرة والصبر والعزيمة في الشباب وتحفيزهم على تحقيق أحلامهم وتطلعاتهم . تقول أنيسة عازب في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء " لطالما كنت على الدوام أما نشطة للغاية أشارك في اجتماعات دورية لجمعية الآباء والأولياء في المدرسة التي يتابع فيها أطفالي تعليمهم وفي كل مرة أكتشف أن أحد الأطفال المغاربة المتمدرسين يعاني من مشكلة ما في التواصل مع مدرسيه أو مع والديه إلا وأتدخل بشكل تطوعي من أجل الترجمة وكذا للمساهمة في إيجاد حل لقضيته " مشيرة إلى أن تأسيس " جمعية ألف " جاء كثمرة لهذه التجربة الشخصية . وعادت بذاكرتها إلى الوراء لتحكي عن انبثاق فكرة تأسيس هذه الجمعية في ذهنها ونضالها من إخراجها إلى الوجود مؤكدة أن ابنها كان قد تعرض لاعتداء جسدي في المدرسة وبدعم من مدير المدرسة " الذي شجعني على تقديم شكاية إلى السلطات المختصة من أجل الإبلاغ عن هذا الفعل العنصري " قمت بذلك وظل هذا الموقف راسخا في ذاكرتي وقررت الانخراط في هذا المجهود . ولهذا السبب تضيف السيدة أنيسة عازب قررت رفقة زوجي تأسيس جمعية لدعم الأطفال الذين يتعرضون للعنف في المدرسة عام 2012 وذلك بهدف إشاعة قيم ومبادئ السلم والتعايش والتسامح وقبول الآخر والاختلاف إلى جانب دعم ومساعدة الأسر المغربية على الاندماج بطريقة سلسة في المجتمع الإسباني والاستفادة الكاملة من جميع الحقوق التي يكفلها لهم القانون . وحسب السيدة أنيسة عازب فإن هذه الجمعية تروم بشكل خاص دعم وتعزيز وعي الأسر المغربية بأهمية اندماج أبنائها في المجتمع الإسباني مع تقوية ارتباطهم بالثوابت والثقافة والهوية المغربية . وتقترح جمعية ( ألف ) التي يستفيد من خدماتها حاليا حوالي 120 عائلة ونحو 100 طفل العديد من الخدمات بدء من الدعم المدرسي مرورا بدورات تكوينية ودروس التقوية في اللغات والمعلوميات وصولا إلى دروس لمحو الأمية لفائدة النساء وتنظيم الأنشطة الرياضية لفائدة الأطفال وذلك من اجل دعم وتعزيز الاندماج والنهوض بأوضاع أفراد الجالية الذين يقيمون بمدينة ( لاس روساس ) . ومن بين أعضاء " جمعية ألف " هناك تلاميذ المدارس الثانوية الذين يساهمون كمتطوعين من خلال ديناميتهم وروح التضامن والعمل التشاركي الذي يحفزهم على الانخراط في مختلف الأنشطة والمبادرات التي تنظمها الجمعية . وباعتبارها الجمعية المغربية الوحيدة التي توجد بمدينة ( لاس روساس ) فإنها تستقبل الأسر والعائلات والأطفال الذين ينتمون ل 13 جنسية خاصة من بوليفيا وكولومبيا وروسيا والصين والفلبين والبيرو إضافة إلى المغرب . كما أنها تعمل على تقديم الدعم والمساعدة عبر تنظيم أنشطة وتظاهرات للتوعية والتحسيس وكذا المشاركة في دوريات رياضية من خلال فرقها في كرة القدم بالنسبة للأطفال وكذا فريق كرة الطائرة النسوية إلى جانب اقتراح برامج ومبادرات للتعلم وتلقين بعض الأنواع والألعاب الرياضية التي تستهدف توجيه الطاقة والنشاط لدى الأطفال وتنمية ملكة الخلق والإبداع لديهم. تقول أنيسة " نحرص كذلك على الاحتفال بجميع الأعياد الدينية والوطنية المغربية في جو احتفالي وعائلي وهي طريقة نسعى من خلالها إلى تأكيد التزامنا الراسخ بجذورنا ووطننا والعمل على تقريب الأجيال الصاعدة من التاريخ والحضارة والثقافة المغربية " . كما تعمل أنيسة عازب المتخصصة في علم نفس الطفل أيضا على تنظيم جلسات نقاش كل يوم أحد تحاول من خلالها الاقتراب من أفكار وطموحات الشباب المسجلين لدى الجمعية من أجل دعم توجهاتهم المدرسية وكذا لغرس قيم التسامح والتعايش وقبول الآخر إلى جانب تدخلاتها باعتبارها " محاورة موثوق بها " في كل اللقاءات والأنشطة المرتبطة بدعم وتعزيز حقوق الأطفال خاصة على مستوى جهة مدريد حيث تقيم جالية مغربية جد مهمة. وإلى جانب كل هذا تعتبر السيدة أنيسة عازب المزدادة بمدينة القصر الكبير بالمغرب ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة باعتبارها عضوة منذ عام 2014 في مجلس النساء ببلدية ( لاس روساس ) مما يضمن لها إسماع صوت المرأة المغربية والدفاع عن حقوقها واستقلاليتها . ورغم انشغالاتها في الميدان الجمعوي فإن السيدة أنيسة تهتم بأسرتها الصغيرة وبأطفالها الثلاثة حيث تعمل جاهدة على غرس قيم التسامح والتعايش والمواطنة في نفوسهم مع تحفيزهم على التشبث بالثقافة والهوية المغربية . وأكدت أن التجربة التي راكمها المشرفون على جمعية ( ألف ) خلال مدة اشتغالها في الميدان والتي فاقت سبع سنوات ستتعزز بعد افتتاح " مركز ألف للتعايش " المقرر تدشينه يوم 23 مارس الجاري والذي يأتي بهدف تقوية ودعم المبادرات والأنشطة التي دأبت الجمعية على تنفيذها في مجال تشجيع ودعم الإشعاع الثقافي المغربي والتحفيز على الخلق والإبداع . وسيتوفر هذا المركز الذي أقيم على مساحة إجمالية تصل إلى 340 متر مربع بالقرب من مقر بلدية ( لاس روساس ) على قاعات للدروس وقاعة لاحتضان اللقاءات تضم 300 مقعدا بالإضافة إلى فضاء للاستقبال تمت تهيئته وفق المعايير الهندسية المغربية . وتؤكد السيدة أنيسة عازب صاحبة هذه المبادرة أن المركز الذي اختير له شعار " جميعنا بشر " سيحتفي عند انطلاقته بالمغرب وبانفتاحه وبقيم ومبادئ التسامح والإخاء والتعايش التي تدافع عنها المملكة مع إبراز المكتسبات والإنجازات التي حققها المغرب في مختلف المجالات مشيدة بالدعم المتواصل الذي يقدمه النسيج الجمعوي الإسباني لمختلف المبادرات والأنشطة التي تقوم بها " جمعية ألف " منذ إحداثها . كما تطمح أنيسة عازب المهووسة بالفنون والإبداع بمختلف تجلياته إلى إحداث ورشة لصناعة الزرابي داخل هذا المركز من أجل تثمين منتجات الصناعة التقليدية المغربية والتعريف بالخبرة والتجربة التي راكمتها الصانعات التقليديات في تصميم وابتكار العديد من المنتجات خاصة بالنسبة للزرابي المغربية . وأشارت إلى أنه سيتم تسويق الزرابي التي سيتم إنتاجها من طرف نساء مغربيات يعشن بمختلف البلديات والمناطق بالجهة بمعارض الصناعة التقليدية والتظاهرات الفنية التي تطمح الجمعية إلى تنظيمها لتمكين النساء من الحصول على مصدر للدخل وبالتالي تعزيز اندماجهن في الحياة الاقتصادية والاجتماعية .