تعد خطبة الجمعة شعيرة من شعائر الإسلام، بواسطتها يتم التبليغ عن الله تعالى و عن رسوله، صلى الله عليه وسلم، فيما شرع للناس من دين الإسلام و إرشادهم لما ينفع في عاجل دنياهم و آجل أخراهم. و هي من أهم الخطب الدينية التي تنور الأفكار و تزكي النفوس، و تبصر بالواجبات الدينية، و لها أثر فعال في تقويم سلوك الناس و التأثير عليهم. لذلك، اهتم بها المسلمون غاية الإهتمام، و عملوا على التأسي برسول الله صلى الله عليه و سلم الذي رسم بخطبه المنهج الأسلم و الأنفع الذي ينبغي أن تكون عليه خطبة الجمعة. إن خطبة الجمعة هي صوت الإسلام الذي يصدر كل أسبوع عن أفواه الخطباء من فوق المنابر، يقرع الأسماء و القلوب، و يدعو إلى الحق و الخير، و ينهى عن الباطل و الشر، و يحض على التزود بالتقوى و العمل الصالح و درء المنكرات و المفاسد. و لن تؤدى خطبة الجمعة رسالتها النبيلة، و تستجيب لانتظارات و تطلعات الأمة، كما لن يكون لها في المجتمع أثر و لا في مجال الإصلاح تغيير إلا بتشخيص واقعها تشخيصا يسهم في الوقوف على اختلالاتها من حيث النوع و المجالات، و الحجم، و الرتب، و النتائج و الأثار…. ثم الانتقال إلى ترتيب ما يناسب من التدابير الممكنة من تلافي الاختلالات المانعة من الارتقاء بها ارتقاء يحقق غاياتها الشرعية : وجدانية و أخلاقية كانت، او تعليمية و تعريفية، أو توعوية و تحصينية. ببالغ الأسف، كل ما سلف ذكره من قوام خطب الجمعة، لا نجد منه مثقال ذرة في خطبنا و خطبائها -إلا من رحم ربي- فتاهت خطبنا في تزويق المنوتجات الدنوية و تلفيق تهمة الوطنية لها. لذلك استوجبت الضرورة رصد اهتمامات بالغة الجدية في تكوين الخطباء تكوينا أكاديميا يمكنهم من تبليغ رسالتهم بكامل حمولتها البلاغية و الخطابية و الدينية، من جهة، و تنقيح نصوص الخطب و استلزامها ظوابط فقهية و دينية و أخلاقية محكمة، انطلاقا من أن خطبة الجمعة لها مقصد واضح لا تحيد عنه، إنها تفقيه الناس في أمور دينهم.