بينما نحن جلوس بإحدى المقاهي إذ طلع علينا رجل كث الشعر ،طويل الذقن ، ملابسه ممزقة ومرقعة، متوسطة القامة ، تجاعيد الزمان بادية على وجهه المكفهر ، يلقب بالبوهالي بودربالة، يجول في الشارع العام طولاً وعرضاً ويتحدث ويردد بأعلى صوته ويرثي حال العالم العربي المسكين ويقول ونظره شاخص تارة نحو الناس وتارة اخرى نحو السماء : رجال العُرب ناموا فمازال الليل طويل وحتى إن اتى النهار فلا نأملوا منكم الكثير، فهاهي كلاب الغرب تنبح وتعوي ليلاً ونهاراً،ً سراً وجهاراً ، ورجال العُرب بشهوات الغرب يلهثون وبتلذذون وينعمون، رجال العُرب ناموا فقد إنتهكت حرمات ومقدسات وأهينت أمة الإسلام من طرف أحقر قادورات الدنيا ، وأنتم في هذه الأرض البسيطة تكتفون بالتنديد والشجب، والوعود الكاذبة، وبإبتسامة مخادعة خائفين على مراكزكم العالية الواهية، خشيت أن تسحب منكم عروشكم الفانية من العام سام وأصحابه من بني صهيون وزبانيتهم الأوغاد ، وإذا ما أراد الشعب يوماً أن يصرخ بأعلى صوته ليعبر عن سخطه المكبوث ، ويقول لا ولن نرضى بهذا الذل والهوان . انهالوا عليه رجال العُرب بالتعذيب وبتخريب البلاد حولوا الوطن إلى بقعة حمراء على خريطة العالم ، فجروا عيوناً من الدماء لتروي عطشهم وعطش أولياؤهم، ليجلسوا عليها وهي ملطخة باللون الأحمر على إيقاع أنين الرعية ونواح الأحبة وبكاء البراءة التي لم تسلم من خبطات الجبابرة من بني جلدتنا تفننوا في إرهاب العباد وفق أخر صيحات القمع والقهر ، دمروا البلاد وجابوا في الأرض عبثاً وفساداً وتقتيلاً للنفس وتخريباً للزرع رجال العرب ناموا ، فإني أحمق بين العقلاء وماكلامي إلا هذيان حسب شهادة الجمهور المحترم مع تحيات البوهالي بودربالة