دفع الجوهرة السوداء البرازيلي بيليه ثمن استفزازه للأسطورة الحية الأرجنتيني ليونيل ميسي، حتى نجح أيقونة فريق برشلونة بتحطيم أفضل أرقامه القياسية، فلم يحتمل الصدمة وأودع المستشفى. بالطبع لا يمكن القول إن دخول أسطورة السيليساو للمستشفى بسبب تأثير ضياع لقب أفضل هداف في عام واحد، فبيليه صاحب ال 72 عاماً عانى أزمات صحية كثيرة في السنوات الماضية، لكنه رغم ذلك لم ينس خصومته الشخصية مع الأسطورة الآخر دييغو آرماندو مارادونا، فحاول قدر ما وسعه التقليل من قيمة مواطنه ميسي، لكنه تجرع الخسارة وحده. بيليه كان يجلس وحده على عرش أفضل لاعبي كرة القدم على مر العصور، حتى جاء من يؤرق نومه ويهدد عرشه، فراقص التانغو المراوغ مارادونا ناطحه على الزعامة، حتى انتهى المطاف بإعلانهما سوياً (لاعبي القرن ال 20)، غير أن أكثر الخبراء والنقاد والجماهير يرجحون كفة مارادونا. كان بيليه ومارادونا حتى قبل سنوات قليلة يتبادلان المصافحة الدبلوماسية ويتجنبان الصدام، لكن طفح الكيل، وبدأ كل منهما في التراشق لفظياً وتوجيه السخرية اللاذعة للآخر، فكل منهما يرى نفسه الأجدر بلقب (الأفضل في الكون وفي التاريخ). وزاد الطين بلة حين سطعت موهبة ميسي مع البارسا، فكان الحديث يدور في البداية حول كونه خليفة مارادونا، لكن مع استمراره في التطور وإبهار العالم بمهاراته، بات "ليو" منافساً ثالثاً على عرش أفضل اللاعبين في التاريخ، وكثر الكلام على أنه أفضل من الثنائي بيليه-مارادونا. بسعة صدر كبيرة احتفى مارادونا بميسي، فتارة يقول أنه خليفته وابنه الذي لم ينجبه، وطوراً يصرح بأنه أفضل لاعب في الجيل الحالي، لكنه يتهرب من وصفه ب (الأفضل تاريخياً). أما بيليه فزاد الأمر تعقيداً عليه، فبات يحارب على جبهتين كلتاهما تنتميان لبلاد التانغو، لكنه لم يستسلم، ولجأ لمدح نيمار دا سيلفا نجم سانتوس الصاعد، والذي تعقد عليه البرازيل كل الآمال في مونديالها المقبل عام 2014. فرغم أن صراع الأفضل حالياً منحصر بين ميسي وغريمه البرتغالي كريستيانو رونالدو هداف ريال مدريد، مع وجود منافسين أقل حظاً مثل أندريس إنييستا وتشافي هيرنانديز وإيكر كاسياس وأندريا بيرلو، إلا أن بيليه يرى أن نيمار هو الأفضل في العالم ومهاراته تفوق ميسي نفسه. حتى نيمار نفسه يرى أن ميسي هو الرقم الواحد، كما أن الفتى البرازيلي الواعد لا يزال محدود التجارب، فهو يقدم أداء راقياً على الصعيد المحلي في بلاده مع بعض اللمحات الفنية على الصعيد القاري في كأس ليبرتادوريس ومع منتخب السامبا، لكن من السابق لأوانه أن نضعه في مصاف أفضل لاعبي العالم، لا سيما أنه لم يخض تجربة اللعب في أوروبا وفي بطولات كبرى ذائعة الصيت. لذا فمحاباة بيليه لنيمار ليس لها سوى تفسير واحد، وهو إثارة غيرة واستفزاز مارادونا وميسي معاً، لكن هذا الأمر لم يجد نفعاً، فالأخير لا يكف عن تحطيم الأرقام القياسية، ورص مزيد من الأحجار الكريمة في إمبراطوريته الكروية. وكان ميسي قد أحرز هدفين في مرمى ريال مايوركا في المباراة التي انتهت الأحد الماضي بفوز البارسا 4-2 ضمن منافسات الأسبوع الحادي عشر لليغا الإسبانية، ليرفع النجم الأرجنتيني رصيده إلى 76 هدفاً هذا العام، متخطياً بذلك رقم بيليه الذي سجل 75 هدفاً في العام 1958. وأحرز ليو الذي توج الموسم الماضي بلقب أفضل هداف في تاريخ برشلونة، وحصد جائزة الحذاء الذهبي الأوروبي بتسجيله 50 هدفاً الموسم الماضي، 64 هدفاً للفريق الكاتالوني في هذا العام، إضافة إلى 12 هدفاً لمنتخب بلاده، وذلك خلال 59 مباراة خاضها حتى الآن. وبات ميسي قريباً من تحطيم الرقم القياسي المسجل باسم الأسطورة الألماني غيرد مولر والبالغ 85 هدفاً في عام واحد، حيث يحتاج إلى تسجيل 10 أهداف في 11 مباراة متبقية هذا العام. كما اقترب ليو من الظفر بجائزة الكرة الذهبية لعام 2012، وهو في حال فوزه بها سيكون أول لاعب في التاريخ يحصل عليها أربع مرات متتالية، ولا عزاء لبيليه.