من الامور التي باتت تؤرق بال المتتبع لمباريات بطولتنا التي يقال عنها احترافية , مشكل التعليق , فلا يكاد المشاهد يتحمل رتابة المباراة و المستوى التقني الهزيل , حتى يطل علينا المعلق مطلقا العنان للسانه ضنا منه أنه يعلق و هو في الحقيقة لا يقوم إلا بالنهيق . مع بداية الألفية الثالثة ظهر جيل جديد من الواصفين المغاربة وظهرت الى الوجود قناة رياضية متخصصة فوجد المعلقون الشباب الطبق جاهزا ولغة الوصف المغربية غنية جدا , فبدؤوا في استغلال هدا السهل الجاهز والمحفوظ في لاشعورهم , لكن شتان بين الأمس و اليوم فتعليق زدوق في الثمانينات ورغم ضيق القاموس اللغوي الرياضي انداك , أفضل بمئات المرات من تعليق أجود ما يوجد في قناة الرياضية اليوم. ففي مباريات البطولة يأخذ المعلق في التحليل التقني للمباراة و توزيع النقاط على اللاعبين هذا ضعيف و هذا مميز , مع العلم ان التحليل ليس من اختصاصهم , فالمهمة المنوطة بهم لا تتعدى التعليق ووصف مجريات ما يحصل على رقعة الميدان مع بعض المعلومات عن اللاعبين و المدربين و تاريخ المباريات بين الفريقين . اما الجانب النحوي و اللغوي , فالأخطاء تتساقط من أفواه المعلقين كأوراق الخريف , هنا نستحضر بعض العبارات : ''أتمنى من الفريق الذي يرغب بالتسجيل أن يسجل '' عبارة غريبة تخفي من وراءها عدم الحياد وانتظار المعلق لفريقه المفضل كي يسجل ''المدافعين يحاولوا يسرقوا الكرة من الخصم'' لعبة "غميضة" وليس كرة القدم . ''اللاعب يضع السلك على فمه '' " من سيفوز في هذه المباراة بيم الدي اش جي و الحيزا '' ''250غرام من الهواء تفعل فينا ما تشاء '' فشل دريع في استعمال المجاز أو التشبيه
والكل يتذكر تلك المباراة التي صال و جال فيها المعلق في حقول الخضر و الفواكه و أسهب في الحديث عن البرتقال و الليمون و الأراضي الزراعية الموجودة في المغرب, مما أثار موجه استهتار عارمة ضده فهناك من علق عليه بكونه جائع و البعض الأخر قال ان هذا المعلق لا يعدو ان يكون بائح خضر متطفل على ميدان الكرة. حقيقة إن القنوات الوطنية بأمثال هؤلاء تمارس علينا نوعا من الضغط المفضي إلى هجرة برامجها، لا تعليق'' زين '' و لا معلومات في الرياضة و لا لغة سليمة ، فاللغة العربية على موعد مع '' الدق '' كما يقال بالدارجة , كلما طلع علينا بعض المعلقين بصوته ، و هنا يتبادر للذهن تساؤل عن المعاير المعتمدة في اختيار و توظيف مثل هؤلاء المعلقين في و كأن المغرب على مساحته ليست فيه إلا هده العينة من المعلقين علما ان العديد من الشباب المغاربة الموهوبين في ميدان التعليق الرياضي شاركوا في مسابقات نظمتها قنوات رياضية عربية و كانوا في المستوى فكيف تضيع مواهب مغربية بينما قنواتنا الوطنية في حاجة ماسة لهم , حيث تتوفر على معلقين رياضيين لا يجيدون إلا العويل و الصراخ . إن الحديث عن تأهيل كرة القدم و الارتقاء بها لمستوى الاحتراف لا يجب أن ينسينا تأهيل المشهد الإعلامي الرياضي . فمؤسساتنا الإعلامية الرياضية لاتزال للأسف في مرحلة الهواية ولم تستطع بعد الارتقاء إلى الاحترافية المهنية.