ليست من السهل التفكير جديا في تنظيم ملتقى عربي كبير، يهتم بقضايا الثقافة العربية بمدينة خريبكة، وهو موضوع إن كان يتسع لكثير من التحليلات والآراء والأفكار ووجهات النظر، والتخصيص، إلا أن العملية المتميزة تضطلع على حس كبير بدور وأهمية الثقافة في حل الكثير من المعضلات والمشاكل العالقة، في العالم العربي، فضلا عن الدور الريادي المهم للممارسة الثقافية في تجديد خلايا الكثير من القطاعات التنموية، في أفق البحث عن مسارات أرحب للتواصل وللنماء والازدهار عموما. جمعية منتدى الآفاق للثقافة والتنمية، أقدمت على مغامرة ثقافية حقيقية بعزمها تنظيم الملتقى الأول للثقافة العربية بمدينة خريبكة، وهي مغامرة يمكن اعتبارها سلاحا ذو حدين، ومن شأنها أن تشكل إحدى المحطات التاريخية الأدبية في المنطقة، من أجل لم شمل الفعل الثقافي العربي، وتكريس قيمة هذا الفعل، ليلعب الأدوار الطلائعية والرائدة في الانخراط القوي والمباشر في الدينامية التي يشهدها المجتمع العربي، بهدف تحقيق الكثير من المرامي التي تنعكس إيجابا على المجتمع أيضا. هذا المحفل الثقافي العربي الكبير الذي يرتقب أن يقام في عاصمة الفوسفاط من 17 الى 19 من شهر ماي المقبل، يسعى من خلال شعاره إلى جعل الثقافة محركا أساسيا للتنمية والوحدة الاجتماعية، وهو في اعتقادنا هدف سامي، نبيل، وراق جدا، وبخاصة أن الثقافة التي تقهقرت إلى الوراء، وظلت تلعب دور المتفرج في كثير من القضايا، هي الآن مطالبة بلعب هذا الدور التنموية والوحدوي بغية تحقيق أهداف اجتماعية مواطنة بالدرجة الأولى. من هنا لا بد من الثناء في هذا السياق على فعاليات المجتمع المدني بمدينة خريبكة، التي إن كانت حققت الكثير من الرهانات من خلال مهرجان السينما الإفريقية، والمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي، في جعل المدينة بؤرة حدث ثقافي وفني دوليين، بكل ما تحمله الكلمة من معنى وبكل ما لهاتين التظاهرتين من مساعي راقية تلامس قيم الحوار والتواصل، وخلق مزيد من الإشعاع للمدينة والإقليم والوطن، ها هو منتدى الآفاق، وبوسائله الخاصة يغامر، من أجل تحقيق هذا الحلم، بحثا عن إعادة الهيبة والمجد للثقافة، وترسيخ مبادئ الهوية والنظم الاجتماعية والوعي الجمعي، للتصدي لكل أشكال المحنة والتفرقة، وتعزيز مزيد من التواصل الثقافي العربي الكبير. واعتقد أن هذه المبادرة الناجحة تستلزم من الجهات المسؤولة، تمكين المنتدى من الدعم المادي والمعنوي اللازم حتى يتحقق له الرهان، دعم يليق بفعاليات المجتمع المدني النشيطة والفاعلة، بما تقوم الثقافة من دور أساسي في تحريك دواليب التنمية، فضلا عن إشاعة قيم المحبة والسلم والتعايش، وجعل الثقافة جواز سفر نحو ضفاف الحرية والنماء والنقاء، والاندماج، والوحدة.