يشكل الاحتفال بعيد الأضحى مناسبة يتطلع اليها الجميع من أجل استحضار جملة من الأبعاد الدينية والثقافية والأخلاقية وقيم التضامن بين مختلف شرائح المجتمع. ومع ذلك٬ يتضح بشكل جلي بروز نوع من الممارسات "المشينة" و"غير المسؤولة" التي تظهر مع حلول هذه المناسبة الدينية٬ ولا سيما في ما يتعلق بتسويق المواشي المعدة للذبح في مختلف الأسواق. ولعل من أبرز هذه الممارسات السيئة بدون منازع ازدياد عدد الوسطاء الذين يلهبون أسعار الاضاحي على حساب القدرة الشرائية للمستهلكين. وفي واقع الامر٬ فإن عيد الاضحى بمدينة خريبكة كما في باقي مناطق المغرب لا يشكل مجرد مسألة بيع وشراء بين المربين والمستهلكين. فالوسطاء الذين يطلق عليهم ايضا اسم "الشناقة" ٬ يفرضون أنفسهم كطرف ثالث في مختلف نقاط بيع المواشي٬ ولا يفترض فيهم لامتهان هذه "الحرفة" معرفة دقيقة بمجال تربية المواشي٬ فهم فقط يستغلون هذه المناسبة لرفع الأسعار وذلك بالتحكم في عمليات البيع. ولا شك أن هذا الوضع غالبا ما يحقق لهؤلاء الوسطاء مكاسب مهمة في ظرف وجيز تتجاوز تلك التي يحصل عليها مربو الماشية الذين يقضون شهورا في تسمين الأغنام. وعلى غرار باقي المدن الاخرى٬ فان أسواق قطيع الاغنام تؤثث فضاءات الإقليم مع اقتراب العيد٬ إذ تصبح الساحات والدكاكين والأسواق مراكز لبيع الأغنام والماعز. وبهذه المناسبة٬ ولتوفير الظروف المناسبة٬ تبدي السلطات المعنية مرونة كبيرة بغرض تحقيق وفرة في العرض من المواشي بالنسبة للمواطنين٬ ومع ذلك٬ تصبح هذه الفضاءات التي يتم استغلالها للتسويق "أماكن " حقيقية للغش والخداع. ولأن فضاءات بيع الاضاحي تصبح منتجة لمظاهر صحية وبيئية غير سليمة والتي لا تلقى اهتماما من بعض التجار ومربي الماشية ٬ فإن هذه الأضرار البيئية تظهر في نفس يوم نحر الاضاحي٬ حيث عدم الاكتراث بعواقبها. وفي هذا الإطار٬ دعا عدد من الفاعلين الجمعويين الى تعبئة شاملة من كافة المصالح المعنية (سلطات ومجلس بلدي والشركة الموكل اليها جمع النفايات وادارة المكتب الوطني للماء الصالح للشرب ...) ومضاعفة الجهود وارساء مخطط عمل مشترك لمعالجة هذه المخاطر التي قد تخلف آثارا على المجال البيئي وعلى صحة المواطنين على حد سواء داخل المدينة. كما أن المجتمع المدني مدعو للانخراط في هذه العملية من خلال تنظيم حملات التوعية والتحسيس حول أهمية النظافة وجمع النفايات. من جانب آخر يتوجب على السكان التحلي بروح المواطنة وتجنب السلوكيات غير المقبولة وغير المسؤولة التي تتعارض مع قيم الاحتفال بهذه الشعيرة الدينية وكذا تعاليم الإسلام التي تحث على النظافة. ويتعين بالتالي مضاعفة الجهود لجعل الاحتفال بهذا اليوم كباقي سائر الايام ٬ حتى يكون يوما بيئيا بامتياز.