الحلبة لا تحتاج إلى تعليق وأحسن ما يذكر أنها كانت تشترى بوزنها ذهبا كل الكتابات تشير إلى أن الحلبة كانت توجد في دول حوض البحر الأبيض المتوسط وأوكرانيا والهند والصين، والغالب أن الحلبة كانت توجد في كل أنحاء المعمور، لأن الأرض تتشابه تربتها في كل القارات وأن اهتمام الإنسان القديم بالنبات هو الذي جعل هذه النباتات تبقى أو تنقرض. فكل النباتات والأعشاب والحشائش التي تمكن الإنسان من زراعتها كان هناك سابق معرفة أو كان يعلم بحكم التجربة أنها نافعة. وقد بين علم الآثار و الحفريات أن هناك بعض البقايا من هذه الحبوب في القبور القديمة، وهو ما يبين على أن هذه الحبوب كانت تستعمل من زمن بعيد. وجل الحبوب والبذور استعملها الإنسان المزارع منذ أزيد من 6000 سنة قبل الميلاد. وسميت الحلبة بهذا الإسم إشارة درها للحليب عند المرأة، وجل التسميات بكل اللغات خصوصا العربية واليونانية واللاتينية تستخدم الخصائص لتسمي بها الأشياء، ومن خصائص الحلبة أنها تدر الحليب وتنشط الخلايا المفرزة للحليب في الثدي، وقد تبين ذلك علميا. توجد منافع الحلبة في الحبوب كباقي الحبوب النباتية الطبية الأخرى، وهذه الحبوب لا تستعمل للعلاج لما يقع الخلل، وإنما تستعمل مع التغذية كما بينا ذلك فيما سبق، لضبط بعض الوظائف أو لوقاية الجسم من الخلل الفايزيولوجي أو لتقويته. وتستعمل الحبوب على شكل مسحوق أو على شكل نبتة، وتتنوع استعمالات الحلبة لتشمل التقرحات الخارجية مثل الإكزيما أو التآكل بين الأصابع، كما تستعمل لبعض الأمراض الداخلية. وأشهر الاستعمالات خفض السكر بالدم، ودر الحليب عند المرأة المرضع، وفقدان الشهية، وعسر الهضم، والحمى وآلام الظهر والضعف الجنسي و التقيء وأمراض الجهاز التنفسي والقرحة المعدية. وقد تساعد الحلبة على الضبط الهرموني عند المرأة. وتتوفر الحلبة على تركيب كيماوي غني يستحق الدراسة، نظرا طبيعة المركبات الكيماوية ونسبتها وخصائصها العلاجية والوقائية. والحلبة تفتقر للدهون، فالكمية التي تحتوي عليها ضئيلة جدا لا تذكر، لكنها غنية بالسكريات المركبة من نوع خاص أو الكلكتومنان الذي يمثل ما بين 45 إلى 65 بالمائة، والبروتينات الغنية باللايزين والترايبثوفين بحوالي 5 إلى 10 بالمائة وبعض الزيوت الثابتة بقدر ضئيل، والألكلويدات وأشهرها التريكونيلين والكولين والجانتيانين والكارباين، والفلافونويدات ومنها الأبيجينين والليوتايولين والأوريانتين والكويرستين والفيتكسين والكلسيوم والفسفور والحديد والسابونين وبعض الكليكوزيدات التي تعطي مكونات سابوجينية عند التحلل ومنها الدايوزجيبين والفاموجينين والتايكوجينين، وتحتوي الحلبة على الكوليستيرول والسايتستيرول وحمض النايكوتينيك. تحتوي حبوب الحلبة على بعض المواد الصمغية النباتية mucilage وهي على شكل مواد علكية توجد في كل الحبوب الغذائية الطبية، ومهنا الجرجير والكتان والحبة السوداء وبذور القرعيات، وهي مواد لا تذوب في الماء وتنتفخ مع الماء لتعطي بنية لزجة هلامية، ولذلك تنتفخ هذه الحبوب لما تبلل بالماء، وبما أن هذه المواد الصمغية لا تمتص في الأمعاء، فهي تعمل على تنشيط عضلة الأمعاء وتسهل التقلصات العضلية للأمعاء، وبذلك تتم عملية الإفراغ بسهولة. وعلاوة على ذلك تحتوي حبوب الحلبة على مركبات كيماوية تخفض من المدة التي يقضيها الطعام في الأمعاء ليصل إلى الإفراغ، وبذلك لا يكون ارتفاع السكر في الدم بقوة أو بسرعة، ليعطي تركيزا خطيرا مباشرة بعد تناول الوجبات. وتعمل الحلبة على كبح الأنزيم المكلف بتحرير السكر من الكبد ليمر إلى الدم. وبما أن الحلبة تحتوي على حمض أميني وهو حمض4-hydroxyisoleucine الذي ينشط إنتاج الأنسولين في البنكرياس، وذلك بتنشيط خلايا لانكرهاس بيطا في حالة ارتفاع نسبة السكر، وتساعد على ذلك مركبات أخرى تحتوي عليها الحلبة وهي الكلكتومنانgalactomananes ، وتعرف هذه المركبات بدورها في تسهيل الاستقلاب، وتحول دون ارتفاع السكر عند المصابين بالسكري من نوع 2. وبما أن الكلكتومنان سكريات ذائبة، فهي تساعد على خفض الكوليستيرول الخبيث أو LDL وتبقي الكوليستيرول الحميد على مستواه HDL، وتحتوي الحلبة على مكونات أخرى مثل الصابونينات وهي إلى جانب هذه السركيات تفتح الشهية بطريقة مضبوطة. وهناك دور آخر تقوم به الصابونينات في الجسم ومنها الدايوزجيبين والفاموجينين والتايكوجينين، ويتجلى هذا الدور في استقلاب الكوليستيريول وإنتاج الهرمونات التناسلية، ولذلك كانت الحلبة من بين المنشطات أو المسخنات بالنسبة للمرأة لتسهيل الحمل. وتحتوي الحلبة على مكونات كيماوية منها الفوسفور العضوي، ومركبات الفايتين والليستين،وهي مواد منشطة لكل التداخلات العصبية والعضلية، وقد كان قدماء اليونان يستعملونها كمنشط عضلي لممارسة الرياضة. وتتوفر الحلبة على خاصية خفض أوكساليت الكلسيوم في الكليتين، وبذلك تساعد على منع تكون الحصى بالكلية. ويعزى للحلبة القدرة على منع ظهور سرطان القولون، وكذا حماية الكبد من التسمم بالكحول عند المدمنين على الخمور. ولا تزال الأبحاث جارية لتوضيح هذه الخصائص بغية استخراج المواد النشطة الواقية من هذه الأعراض، لكن الحلبة تستعمل في الطب الغذائي لهذه الأعراض. وقد تستغل خاصية المواد الصمغية الموجودة الحلبة لغاية خارجية، وهي تضميد الجلد من أثر الحساسية أو من أثر بعض الإصابات التعفنية كالإكزيما والحكة بين الأصابع، بوضع غطاء من الحلبة على هذه التقرحات. ولذلك يعتبر مستخلص الحلبة غير مؤثر على الشهية. و هذا التركيب الكيماوي يجعل من الحلبة صيدلية متكاملة، من حيث المركبات الواقية ضد التأكسد والمركبات الهرمونية والأملاح المعدنية، وهناك عوامل كيماوية للنمو وتنشيط الامتصاص في القولون وتنشيط أنزيمات الهضم، ولذلك ننصح بالحلبة بالنسبة للمصابين بفقر الدم.