سيجري يوم 21 دجنبر 2011 انتخاب نقيب هيئة المحامين بخريبكة وأعضاء المجلس كما ينظمها قانون المحاماة مرة في كل سنتين ؛ ولعل الجدير بالذكر أنها أتت في ظرف يتميز بحراك سوسيو-سياسي حاد تشهده الساحة العربية ككل أو ما يسمى "بالربيع العربي ، مما يفرض على نقيب ما بعد هذه الانتخابات وأعضاء الهيئة الاستجابة إلى رهانات المرحلة ومتطلبات المهنة سواء في علاقتها بالمناخ العام ، خاصة وأن منظومة حقوق الإنسان وأخلاقيات المهنة على المحك .. أو في تجاوبها مع تطلعات المحامين أنفسهم سيما أن فجر هذه السنة طلع لأول مرة في تاريخ النقابة بحركة احتجاجية للمحامين صدر عنها تقرير ( حصلت البوابة على نسخة منه مؤرخ 3/1/2011 ) يعري واقع الحال المتأزم والمتردي للمحامين المنتمين لنفس الدائرة القضائية ( يشمل محاكم خريبكة وادي زوم وأبي الجعذ ) والذي يمكن إيجازه كما يلي :تهدف الحركة الاحتجاجية إلى دق ناقوس الخطر الذي يلف بالواقع لمهنة المحاماة بالدائرة القضائية بخريبكة ؛ ويشير التقرير إلى الاهانة التي تعرض لها المحامون من خلال السب ..من طرف الموظفين بتجمهرهم أمام كتابة الضبط بابتدائية خريبكة ؛ مذكرا بأوضاعهم المادية والمعنوية المزرية الناتجة عن ضعف المردودية للمكاتب في بقعة جغرافية اعتبرت ضيقة ومجال محدودا لا يكفي لتأمين دخل محترم للعدد المتزايد للمحامين ( ما يقرب من 200 ) يصونهم من الانحراف ، (الذي يعرفه بعضهم خاصة باحتكار ملفات حوادت السير وتورط بعضهم في أخرى وهمية بل تورط آخرين في خيانة أمانة موكليهم ..) ؛ويعزي التقرير الدواعي : أولا إلى سيادة تقطيع قضائي وإداري لاعقلاني ؛ ثانيا ماراكمته أجهزة العدل( قضاء وكتابة الضبط )من ممارسة فاسدة تتجلى في سيادة الرشوة والمحسوبية والزبونية ونسج علاقات مشبوهة أثرت على أغلب القرارات القضائية ( الجنائية ، الجنحية ، المدنية ) ؛ ثالثا أنه رغم وجود اختلالات والتلاعب بالاجتهاد القضائي ، جعلت محاكم خريبكة نقطة سوداء ، لم توضع اليد على المتورطين ، الأمر الذي قوض العدالة بهذه الدائرة وضرب في العمق مصالح المواطنين وحرياتهم من خلالهم موقع المحامي ووضعه الاعتباري .. وفي هذا السياق أفاد البوابة الأستاذ محمد أمين ( محامي بهيئة خريبكة ومقبول لدى المجلس الأعلى ) بتصريح يجيب فيه عن الأسئلة الملحة التي يطرحها واقع حال المحامي بخريبكة وخصوصية الانتخابات و رهاناتها وانتظارت المحاحمين منها وفي حالة افرازها لتشكيلة لامتجانسة على شاكلة السابقة فما جدواها ؟ وتخدم مصلحة من ؟ ... "تأتي هذه الانتخابات فعلا في مرحلة حساسة يعرفها المغرب ، تتميز بالتغيير نحو الإصلاح وتفعيل المقتضيات الحقوقية التي جاء بها الدستور الجديد فيما يتعلق بالقضاء كسلطة مستقلة وبمهنة المحاماة التي عرفت نوعا من التضييق القانوني عليها وعدم تفعيل المقتضيات القانونية التي جاء بها ظهير المهنة للحيلولة دون فقدانها لدورها الحقيقي ، لذلك فهذه الانتخابات يجب أن تمر في جو من الشفافية والنزاهة والحيادية على غرار الانتخابات البرلمانية الأخيرة بعيدا عن عقلية تكريس الواقع الفاسد الذي لا يخدم المهنة في شيء بل إنه يزيدها انحدارا وتخلفا لإبقاء المهنة وسيلة استرزاق بكل الوسائل غير المشروعة . "وكما ذكرت في سؤالك :انه إذا كثر الحديث عن حركية انتخابية (حملة) بالطريقة التقليدية (زرود،مقايضة المصالح) كيف ينعكس هذا على نتيجة الانتخابات ؟ يجب أن انبه الزملاء والزميلات لهذا السلوك المشين المخالف للقانون وذلك لأن الانتخابات ستكون بالتأكيد مغشوشة ومبنية على وسائل احتيالية وإغرائية غير مشروعة ستفرز نقيبا وأعضاء غير أكفاء وغير متجانسين لا هم لهم سوى اللقب لإشباع نزوة ورغبة في إثبات الذات ومن تم تبقى الأزمة قائمة ويتم إدارتها بالتعلم فيها فتصبح القاعدة المتداولة في هذه المهنة هي الإبقاء على المصالح أولى من الإبقاء على المهنة وتصير هذه المهنة موردا غير شرعي للعلاقة مع القضاة ومن يدور في فلك القضاء وبهذا تصير المحسوبية والزبونية والرشوة والوساطة شرعا وصلاحا ومعيارا " لكفاءة المحامي" . وبخصوص تشخيص الأزمة سواء من خلال العلاقة مع الموكلين أومع الشركاء وكيفية التعامل مع المحيط يتسم بحراك سوسيو-سياسي قائم على الحدة والغليان ؟ على غرار التقرير الصادر على اثر الحركة الاحتجاجية للمحامين في يناير من هذا العام ضد الاختلالات والوضعية المتأزمة للمحامين ، يمكن القول أن مهنة المحاماة قامت على القيم والأعراف النبيلة والتقاليد الراقية لذلك نرى بأن الدول التي حافظت على قيم المحاماة انعكس ذلك في عقليات المحامين وأصبحت هذه القيم سلوكيات لديهم تبعدهم عن كل ما من شأنه أن يناقض قيمهم لكن في المغرب فإن مظاهر التخلف تطال أيضا المحامي ، خصوصا وأن تعاطي المحامي مع أوضاعه في المغرب بشكل عام هو تعاطي متخلف بعيد عن الفكر والتبصر والعلم والتعلم حتى أصبحت القيمة المعمول بها هي قيمة ما تملك من المال ومن العلاقات المشبوهة وطبيعي أن أناسا هذه قيمهم ستكون عقلياتهم وسلوكياتهم كذلك كما يقول المثل العربي "كل إناء بما فيه يرشح" وبالموازاة مع هذا أصبح المواطن يعاني من هذه السلوكيات التي أصبح عدة محامين يمارسونها لأنها أصبحت هي البوابة لقضاء حاجة المواطنين أمام القضاء ولعل الشكايات المرفوعة في هذا الصدد لخير دليل على هذا الاختلال ولكنها لا تعرف الحلول القانونية من طرف المجالس لأن هذه الأخيرة تبقى دائما مرهونة بهاجس الانتخابات ، وبصراحة أقول لو طبق القانون كما هو قانونا وليس كما أريد له أن يكون في المغرب لأصبحنا في غنى عن أي احتجاجات أو مظاهرات أو اعتصامات . "وبخصوص السؤال : كيف يمكن للمجلس المقبل أن يتعامل مع هذه الأزمة وهل بمقدوره حلها ؟أجيب أن الأزمة في المحاماة ليست وليدة منها ولكنها طارئة عليها وحلها يجب أن يكون من خلال المساطر القانونية الصريحة ومن خلال الجمعية العمومية للمحامين التي يجب أن تعطى لها صلاحيات قانونية من شأنها أن تجعل النقيب والأعضاء يحترمون القانون ويفعلونه في حياة المحامي الخاصة والعامة ويسهرون فعلا على شرف المهنة ونبلها تحت طائلة الحل أو الإقالة بالإضافة إلى هذا يجب تطوير عمل النيابة العامة لحماية المهنة ويجب ربط المسئولية بالمحاسبة القانونية ذات النصوص القانونية الصريحة وما دامت المهنة هي جزء من القضاء وجب أن تحاط بقانون تنظيمي حتى لا يبقى الباب مفتوحا على مصراعيه لكل تأويل أو تفسير أو خرق قانوني قد يضر بالمحامي وبالمحاماة وعلى سبيل المثال عندنا في هيئة خريبكة مجموعة من المحامين قضوا فترتين متتاليتين في المجلس ورغم ذلك تم إدراج أسمائهم ضمن لائحة المرشحين لمنصب النقيب ولفئة عشرين سنة فكان يجب على النيابة العامة أن يكون من حقها أن تطعن في قرار إدراج هؤلاء المحامين في لائحة الترشح لا أن يبقى الأمر معلقا على نتيجة الانتخابات والتي قد يستغرق البث في الطعون المتعلقة بها فترة هذا المجلس الجديد كلها ولماذا تنظم الانتخابات البرلمانية بشكل دقيق وهناك صلاحيات تعطى للسلطة لقبول طلب الترشيح من عدمه وعلى المتضرر من قرار الرفض الطعن أمام المحكمة في أجل قصير؟ . " أما إذا أسفرت الانتخابات عن مجلس غير متجانس كالسابق وما هي الجدوى ادن من الانتخابات ولمصلحة من ستصب ؟ ستصير هذه الانتخابات وسيلة لحماية الفساد ومن يساندونه ، فتظهر شريحة عريضة من المحامين تحسن الانبطاح والرضوخ وعدم القدرة على قول " لا للظلم وللفساد " ، وبهذا تقل الفاعلية القانونية في المجتمع لأن الطبقة المثقفة فيه لم ترد صعود الجبال فتعيش أبد الدهر بين الحفر .