بقلم سعيد لعريفي الموضوع له أهمية من حيث قيمة التحليلات التي حاولت أن تتطرق له، لكونه يوحي مند البداية انه مادة خصبة للتحليل الاجتماعي و العشائري. الذي كانت ترتكز عليه قبائل الوطن العربي والتي انخرطت بشكل مباشر في تشكيل الدولة الحديثة، نعم الموضوع له أهميته لاعتبارات أن المنتقد يرى أن الانتقائية سادت في تشكيل النخب، وأن المسالك المعتمدة ، عليها ملاحظات وجيهة، في حين أن الممعن في الموضوع سيرصد أن هناك فرق كبير بين التحليل من خلال آليات معاصرة و واقع الأمر حينها. النخب أو المنتخبون أو الطبقة القائدة في أي بلد، لا يمكن أن تكون إلا حالة من حالتين: - انتخاب من منطلق شعبي وقدرة الطبقة على كسب عطف الجماهير، وهو حال ما بعد قيام الدولة وتشكيل المؤسسات. - الحالة الثانية هو انتخابها من طرف جهة قيادية لتوفر عدة شروط يمكن أن تدفع في إطار الاستقرار والاستمرار.وهو حال الدولة في مرحلة الانتقال. قبل الدولة الحديثة كانت حالة الوطن العربي، كبنية مجتمعية ترتكز على العشائر والقبائل، فكان منطق السلطة والسطوة والولاء هو الأساس في الانخراط في إطار البنية العامة، كثير من المحللين حين يريدون أن يتناولوا بالتحليل، ظاهرة النخبة، يتناولونها بمنهجية غير واقعية، فيتكلمون عن النخبة منفصلة عن واقعها وعن الظروف التي سادت، وكأن التعامل الصارم، مع كل حراك يمكن أن يعصف بالاستقرار، لم يكن له ما يبرره ، وبالتالي فان المنتقدين للنخبة ، هم النخبة الفاشلة التي عجزت عن إثبات ذاتها، عبر آليات الصراع والهيمنة، وعجزها يبرر من خلال تحميل النخب القائدة والبارزة كل ويلات المجتمع والتاريخ، متناسين أن تأسيس الدولة لا يمكن أن يكون بشكل سلمي سلس، دون إراقة الدماء، فيعطون للنخبة الحالمة. مواصفات مثالية، منبثقة عن بنية مثالية، وهنا يحيلوننا إلى المدينة الفاضلة نظريا و يحللون من خلالها، لهذا فالانتقاد دائما يكون منهجا يرسل كقذائف للنخب الحالية عبر الوطن العربي، النخب يجب أن تخرج من رحم الشعوب، تحمل همومهم، تفكر من خلال تصوراتهم للحياة وللواقع السياسي......صحيح ، هذا ما يجب أن يكون وقد يكون هو واقع حال كثير من النخب عبر الوطن العربي، لكن حين نركز فكريا على أن الشعوب بنية متجانسة، وأنها لا تسعى إلى تحويل البنية إلى مصالحها منتشية بأفكار ثورية، حينها يصبح التحليل عبر القواعد السكونية أمر وارد، لكن قبل الحسم في شكل الأنظمة القائمة وان الأفكار الانقلابية لم تعد واردة إلا عبر الأصول التداولية، لا يمكن بالمطلق إلا أن نتكلم على نخب شرسة لها القدرة على إلزام الأخر بواقع الأمور. أنا هنا لا أكتب لكي ادعم توجها على آخر ولكن عقيدة الاستقرار السياسي عبر الوطن العربي تلزمني أن احلل من خلال رؤية واقعية، تحفظ للأمة دماءها وتفكك بنية التحولات الدامية التي عششت عبر عصور في أفكار دخيلة عن المنهج العام، نعم التحليل الثوري هو العدول عن تحليل النخبة من خلال منهج واقعي، يعي ان الدولة القائمة تشكلت عبر مخاض صعب، ورجالات الدولة التي ضحت لكي يستقر الوضع على ما هو عليه لا يمكن بالمطلق تبخس جهودها، أو تسفه أحلامها، وأنها نخبة تستحق كل التقدير والاحترام، المسالك الانقلابية في الغالب تكون عبارة عن مجموعة أفكار، غايتها تحقيق أغراض شخصية.من خلال مفهوم النخبة سيطرح السؤال حول: التشكل الطبيعي أو التشكل الموجه، النخبة هي مجموعة صغيرة من الأشخاص المسيطرين على موارد مالية ضخمة وقوة سياسية تأثيرية كبيرة. بشكل عام، النخبة تعني مجموعة من الأشخاص الأكثر قدرة من غيرهم. من خلال التعريف المتداول في العلوم السياسية، يظهر أن الأمر من البداية يستعمل السيطرة، كميزة النخبة، الثراء و السلطة السياسية، إضافة إلى كونها بنية منسجمة و متجانسة عبر قواعد اجتماعية خاصة. السؤال العميق هو:هل يمكن للنخب أن تتشكل دون نزيف الدم؟. وهل الثروة المحصل عليها لا تخضع لقواعد الاقتصاد الوضعي؟. وهل التأثير في القرار السياسي له مرجعية سياسية؟ من المعروف بداهة أن تفكك الدول كقيمة حضارية ونهاية مسار الأوج، والإشراف على النهايات هي مسالة محسومة في تاريخ الدولة، وان خيار التخطيط الاستراتيجي الذي يمكن أن يجنب الدولة الانحدار والاضمحلال، لم يتم التعامل معه بشكل صارم، وان قمة السيطرة المفضية إلى التحكم في كل المقدرات سياسية واقتصادية .لا تتعامل معه النخبة بكثير من الاحترافية كي ترسم مسار استراتيجي تنموي يمكنها من الحفاظ على استمرار النخبة في القيادة دون الدفع بالشعوب إلى تبني مسلك ثوري يمكن أن تعصف بكل المؤسسات. النخب دائما تكون لها قيمة مرجعية في الدولة، على أكتافهم استقر النظام السياسي، وعلى أفكارهم تشكل الفكر السياسي للدولة، ومن خلال قدرتهم على المغامرة تمكنوا من الاستثمار و تثمين موارد الدولة، هي رؤية مغايرة لخصائص النخب، وهو أيضا الاهتمام بالشق المملوء من الكأس، صحيح هناك ملاحظات على النخب، لا لكون أن عقيدة الاستقرار السياسي واستمرار الدولة، يعطيها صلاحيات كبيرة في التعامل الصارم مع الواقع، وهو علميا خصائص فترات الانتقال في مسار الدول، أكيد أن التقديرات في التعامل الحاسم قد يشوبها كثير من المآخذ، لكن ليس هناك خيار و لا وقت، يمكن أن يضيع للحسم في الحفاظ على مؤسسات الدولة والخروج السريع من المراحل الانتقالية، من المعلوم عبر وقائع التاريخ، أن المرحلة الانتقالية من بين سماتها، أنها مرحلة دموية، وأن كل من ساهم في الخروج من منها له فضل على غيره، وان تجدره على مستوى الدولة ومؤسساتها أمر طبيعي و مكافأة مستحقة لمسار التضحية والبدل والعطاء، نعم هو تأصيل واقعي لكل خصائص النخبة، الثراء، السلطة، والقرار السياسي، نعم الانسجام بين النخبة يعتبر مصدر قوتها و الداعم الأساس لتشكيلة بنية صلبة للدولة، وتعطي قوة أبرائية لمفهوم الدولة وهويتها الفكرية والسياسية والعقائدية، النخبة عنصر مهم في كل البنيات السياسية ، وجودها لا يمكن أن يطرح أسئلة عن ماهية وجودها، بل السؤال الذي سيطرح دائما هو: هل الشعوب قادرة على تخرج نخبا يمكن أن تساهم مع النخب القائمة في بناء الدولة والمؤسسات؟. أم أن الفكر الثوري والانقلابي الذي يعصف بالثقة المحتملة بين الشعوب والنخب، لازال موجودا داخل البنية؟