ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    سفير ألمانيا في الرباط يبسُط أمام طلبة مغاربة فرصا واعدة للاندماج المهني    بوريطة: المقاربات الملكية وراء مبادرات رائدة في مجال تعزيز حقوق الإنسان    ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار صحفي مع رحال الحسيني حول مستجدات الوضع الصحي بالمغرب
نشر في خريبكة أون لاين يوم 31 - 12 - 2014

في سياق الدينامية التنظيمية والنضالية التي تعرفها الجامعة الوطنية للصحة المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، ورغبة منها في تسليط الضوء على السياسات التي تستهدف الصحة العمومية وكذا حق المواطنين في الولوج إلى العلاج المجاني، بتزامن مع تصريحات رئيس الحكومة بضرورة تخلي الدولة عن مسؤولياتها في توفير وتأهيل الخدمات العمومية الأساسية للمواطنين من صحة وتعليم، وكذا على الأوضاع المادية والمهنية التي يعيشها قطاع عريض من الطبقة العاملة ممثلا في نساء ورجال الصحة، التقت جريدة " أخبار عمالية " المناضل والمسؤول النقابي، الرفيق رحال لحسيني، نائب الكاتب العام الوطني ومسؤول دائرة التنظيم والتنقيب والإعلام والتواصل بالجامعة الوطنية للصحة (إ م ش)، على هامش إشرافه على الجمع العام التأسيسي للمكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة (إ م ش) بالحسيمة، وأجرت معه الحوار التالي:
أجرى الحوار: كريم الخمليشي
جريدة "أخبار عمالية": في البداية نشكرك على قبولك دعوة الجريدة لإجراء هذا الحوار، ونبدأ بالنداء الذي أطلقته الجامعة الوطنية للصحة (إ م ش) في اجتماع مكتبها الجامعي الأخير بأكادير، والذي أكدتم فيه على استمرار تردي أوضاع قطاع الصحة، وعزمكم على مواصلة معركتكم النضالية المفتوحة، فهل من الممكن أن تقدموا لنا وصفا دقيقا لهذه الأوضاع؟
** بدوري أشكركم، أشكر الجريدة المتميزة والمناضلة " أخبار عمالية "، مناضلات ومناضلي الحسيمة هذه القلعة المناضلة الصامدة، قلعة عبد الكريم الخطابي، أشكركم على دعمكم ومساندتكم للجامعة الوطنية للصحة ( إ م ش) وأحيي كافة مناضلات ومناضلي الحسيمة ومناضلات وعلى رأسهم الكاتب العام للإتحاد المحلي لنقابات الحسيمة المناضل خاليد الأجباري ومناضلي ومناضلات قطاع الصحة الذين ساهموا في إعادة تأسيس المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة (إ م ش).
بالنسبة للنداء الذي أطلقته الجامعة الوطنية للصحة ( إ م ش) من عاصمة سوس، هو تجديد لندائها من أجل النهوض بقطاع الصحة ليكون في مستوى تطلعات المواطنات والمواطنين، هو تجديد لدعوتها لوزارة الصحة والحكومة والدولة المغربية لإعطاء العناية اللازمة لهذا القطاع الحيوي والمنتج بالنسبة للمجتمع برمته. كما أنه تأكيد على مطالبتنا بالنهوض بالأوضاع المادية والمهنية للعاملين في قطاع الصحة. وهو كذلك إشارة لتكامل النضال الوطني والجهوي من أجل إقرار خصوصية قطاع الصحة من أجل خدمات صحية ذات نوعية.
جريدة "أخبار عمالية": كنتم السباقين في الجامعة الوطنية للصحة إلى رفع شعار ومطلب " إقرار خصوصية قطاع الصحة والنهوض به وبالأوضاع المادية والمهنية لنساء ورجال الصحة بمختلف فئاتهم ومواقع عملهم"، فهل يمكن أن تفككوا لنا مضامين هذا المطلب، وما ترومونه من وراء رفع هذا الشعار ؟
** بداية نشير إلى أن مطلب " إقرار خصوصية قطاع الصحة " هو تطوير لمطلب " الاعتراف بخصوصية قطاع الصحة" حيث ظلت الجامعة الوطنية للصحة ( إ م ش) تطالب بالاعتراف بخصوصية القطاع التي هي ليست بالجديدة أو بالإبداع النظري بقدرما هي أمر واقع وملموس، وتحتاج فقط لأن يعترف به الماسكين بزمام القرار، فنعتقد أن لا أحد يمكنه أن يجادل في خصوصية قطاع الصحة سواء كقطاع حيوي واجتماعي إنساني من المفترض أن يقدم خدمات صحية في المستوى لكل الناس أو بالنسبة لطبيعة العمل فيه.
وقد رفعت الجامعة الوطنية للصحة ( إ م ش) كمكون أساسي من شعار مؤتمرها الوطني الثامن ومعركتها النضالية المفتوحة التي تخوضها من أجل النهوض بالقطاع وتحسين الأوضاع المادية والمعنية للعاملين فيه وظلت تناضل من أجل ذلك، الشيء الذي نعتقد أنه تحقق نسبيا من خلال توصيات المناظرة الوطنية الثانية للصحة الذي شاركت فيها الجامعة من أجل الدفاع على هذا المطلب وتقدمت خلالها بمذكرة تقديمية تحت عنوان " خصوصية قطاع الصحة ضرورة مجتمعية ومطلب للعاملين في القطاع" نصت ديباجتها على أنه " انطلاقا من كون الحق في الصحة أحد الحقوق الأساسية للمواطنات والمواطنين تُعنى به المجتمعات والأفراد دون تمييز، وتنص عليه مختلف التشريعات الوطنية والدولية وفي مقدمتها الدستور والمواثيق ذات الصلة، مما يتطلب تظافر جهود كافة مكونات المجتمع المعنية بشكل مباشر أو غير مباشر بضمان هذا الحق" كما أوضحت أن " الحق في الصحة يتجاوز توفير العلاجات وتيسير إمكانية الولوج إليها إلى كافة المجالات المرتبطة بالصحة في شموليتها".
لكن وللأسف منذ تاريخه (منذ يوليوز من السنة الماضية 2013) وإلى الآن لازالت توصيات المناظرة الوطنية في شقها المفيد والملائم للنهوض بقطاع الصحة حبيسة الرفوف، مقابل سعي الحكومة ووزارة الصحة لإخراج التوصيات والنوايا التي حملها للمناظرة رغم عدم تحقيق إجماع حولها، نظرا لأن بعض المشاريع تضرب في العمق الخدمة العمومية في الصحة، في سياق رفع الدولة ليدها على المزيد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.
أما بالنسبة لمطلب ومضمون إقرار خصوصية قطاع الصحة فالجامعة الوطنية للصحة (إ م ش) تسعى من خلاله لتدابير قانونية ومالية كفيلة بالنهوض بالقطاع (المجلس الأعلى للصحة، إشراف قطاع الصحة على المنظومة الصحية برمتها بدل الاكتفاء بالمنظومة العلاجية... الرفع من الميزانية المخصصة لقطاع الصحة في الميزانية العامة، برفعها في مرحلة انتقالية إلى 15 في المائة نظرا للتأخر الكبير، على أن يتم الإكتفاء بالمعدل الدولي أو حتى المعدل المخصص للقطاع في دول الجوار - التي تفوق مخصصاتها للصحة النسبة الهزيلة التي تخصصها له بلادنا-، ما سيترتب عن ذلك من إمكانات لتجاوز الخصاص في البنيات والتجهيزات الأساسية والمعدات الضرورية، وتجاوز الخصاص المهول في الأطر الصحية والذي نطالب بتجاوزه بالإدماج المباشر لأفواج المهنيين المعطلين، الأطباء والممرضين والإدماج المباشر للخريجين الجدد، الرفع من المناصب المالية المخصصة للقطاع... - وضع قانون أساسي خاص للمهن الصحية يَضمن بلورة قوانين متطورة العاملين في القطاع بمختلف فئاتهم (من أطباء وصيادلة وجراحي الأسنان وممرضين بكافة تخصصاتهم ومساعدين إداريين ومساعدين تقنيين ومتصرفين وتقنيين ومهندسين وحاملي للدكتوراه العلمية والدراسات العليا والمعمقة والمتخصصة والماستر– المساعدين الطبيين-…) ومواقع عملهم، إعادة الإعتبار للأطر الصحية وإنصافها بما يضمن وقف نزيف هجرة الكفاءات، تمتيع العاملين في قطاع الصحة بالأجر العادل وتشجيعهم بوضع نظام تحفيزات ديمقراطي يأخد بعين الإعتبار طبيعة العمل الشاق، مواقع العمل الأكثر خطورة، الأماكن الصعبة، مراعاة خصوصية النساء العاملات في القطاع - يشكلن أغلبية العاملين في القطاع-، تحديد سن التقاعد بالنسبة للعاملين في القطاع الصحة في 55 سنة، على غرار العاملين في قطاعات العمل الشاق والمضني.....
جريدة "أخبار عمالية": هناك اليوم توجه حكومي نحو خوصصة قطاع الصحة، وفتحه أمام الرأسمال، بل وحتى فتح المجال أمام الخواص للاستثمار في مؤسسات تكوين الأطر الصحية، فما هو موقفكم من هذا التوجه الذي يروم تفكيك خدمة عمومية وقطاع اجتماعي حساس؟
** مبدئيا الجامعة الوطنية للصحة (إ م ش) تنظيم نقابي للعاملين في قطاع الصحة في القطاع العام، قررت خلال مؤتمرها الوطني الأخير أن تضمن كذلك الإنخراط في صفوفها للعاملين في المؤسسات التي توجد تحت وصاية وزارة الصحة والعاملين في المهن الصحية المختلفة في القطاع الخاص، نظرا لوحدة مصيرهم وتكامل المهن الصحية. وكذلك باعتبارها جزء من المنظمة النقابية الأصيلة الوحدوية لكل الطبقة العاملة ولأن العاملين في قطاع جزء لايتجزء من الطبقة العاملة المغربية وعلى المستوى الدولي؛ وتدافع عن الخدمة العمومية في الصحة وحقوق العاملين في القطاع من أجل خدمات صحية في مستوى التطلعات. أما بخصوص فتح القطاع أمام المزيد من الخوصصة التي انطلقت رسميا في القطاع منذ سنوات بتنفيذ ماسمي بسياسة التقويم الهيكلي ورهن القطاعات الإجتماعية ببلادنا لتوصيات المؤسسات المالية المقرضة بداية الثمانينات... إلخ ومانتج عن ذلك من ضرب للحق في الصحة بعدم ضخ الموارد المالية الضرورية للقطاع العمومي والتغاضي عن ممارسات اللاقانونية، ثم بفرض الأداء على الخدمات الصحية المقدمة من طرف المؤسسات الصحية الاستشفائية، وكذلك بتفويت بعض المهن المساعدة في تدبير القطاع وضرب حقوق عمال شركات التدبير المفوض الذين يشتغلون في ظروف يمكن وصف معظمها بالعبودية، فضلا عن إقحامهم في علاقات وخدمات مهنية لاعلاقة لهم بها!..
أما مايجري الإعداد له اليوم من مشاريع، فهي لا تحظى برضى العاملين في القطاع و"المجتمع المدني" لأنها تهدد الخدمة العمومية للصحة برمتها، وتسعى لرهنها بيد الرأسمال بشكل أكبر وأوسع وشبه نهائي. فبدل تأهيل القطاع العمومي، يتم التخلي عنه، وتسليع الصحة.
جريدة "أخبار عمالية": عرفت الآونة الأخيرة تصاعدا ملحوظا للتهجمات والاعتداءات على نساء ورجال الصحة بعدة مناطق ومواقع للعمل، وكذا استهدافا للحريات النقابية بعدة مؤسسات صحية، فما هي قراءتكم لهذه الاعتداءات وسياقاتها، وما هي المبادرات التي قمتم بها من أجل رد الاعتبار للشغيلة الصحية وحفظ كرامتها من جهة، ولحماية الحريات النقابية من جهة أخرى؟
** الاعتداءات على نساء ورجال الصحة تكاد تكون يومية لدرجة لم يعد الإعلان عنها متاحا بشكل مستمر، وأن الاحتجاجات التي تقع ضدها غالبا ما تكون بسبب اعتداءات كبيرة، أما الإهانات والسب والشتم والتهديد فحدث ولاحرج... إن هذا الوضع المتردي يرجع إلى ضعف بنية الاستقبال، الخصاص في الموارد البشرية، ضعف التجهيزات وقلتها، الصورة النمطية التي يتم ترسيخها حول معظم العاملين في القطاع جراء تحميلهم مسؤولية وتبعات نواقص المنظومة الصحية، عدم التحسيس بمشاكل القطاع، عدم تقديم نشرات توعوية حول مجالات تدخل المؤسسات الصحية،....
أما بخصوص الحريات النقابية فالأمر سيء جدا داخل القطاع، فالدفاع عن مطالب نساء ورجال الصحة وحقهم في توفير ظروف عمل ملائمة وتعرية اختلالات القطاع ورفض تحميل العاملين فيه مسؤولية المشاكل البنيوية للقطاع والدفاع على حقوقهم وكرامتهم يؤدي غالبا إلى التضييق على المناضلات والمناضلين النقابيين ومحاربة المكاتب النقابية، فخلال الفترة الأخيرة تعرض مناضلاتنا ومناضليها لشتى أنواع المضايقات تمثلت في الاعتداءات اللفظية والجسدية واختلاق المشاكل المفتعلة كالإعفاء من المسؤولية، تعيين موظفين لاعلاقة لهم بمجالات عملهم مكان موظفين ذوي الإختصاص، تعرض مسؤولين نقابيين مناضلات ومناضلين لعقوبات إدارية انتقامية منها الاقتطاع بلغت حد من الإقتطاع من الراتب، إثارة الانتباه، التوبيخ، التوقيف المؤقت عن العمل، طبخ الملفات... وذلك مستوى عدة مناطق ومؤسسات صحية، تحضرني منها، نماذج: فاس، طاطا، تارودانت، سيدي قاسم، مراكش، خريبكة، أزيلال، الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، وغيرها... مما يشكل استهدافا مباشرا لنقابتنا ومناضلاتها ومناضليها من طرف قوى الفساد التي تريد رهن القطاع والعاملين به لأهداف لاعلاقة لها بالقطاع أو المهن الصحية..
إن التضييق على الحريات النقابية أحد أبرز المشاكل التي تعترض العمل النقابي الجدي والمكافح داخل القطاع، من أجل إلهاء المناضلات والمناضلين في قضايا بئيسة إبعادهم عن المشاكل الحقيقية للقطاع، لكن صمود المناضلات والمناضلين ونضالهم المستميت يكسر كل المؤامرات.
وبخصوص مبادرات الجامعة الوطنية للصحة ( إ م ش) للتصدي لهذا الوضع فهي مواصلة النضال والمزيد من النضال، لأن "ما لا يؤخذ بالنضال، يؤخذ بالمزيد من النضال" وعلى كافة المستويات.
جريدة "أخبار عمالية": خضتم إلى جانب الطبقة العاملة، وبكثافة ومشاركة غير مسبوقة، الإضراب العام الوحدوي ليوم 29 أكتوبر، فما هو تقييمكم لهذا الإضراب التاريخي، وما هي الآفاق النضالية الوحدوية التي ترونها كفيلة بمواجهة هذا الاستهتار الحكومي في الاستجابة للمطالب العادلة والمشروعة للطبقة العاملة المغربية؟
** الإضراب العام ليوم 29 أكتوبر، حدث تاريخي لازالت الدولة وجزء من الحركة النقابية بدورها لم تستوعب أهميته بالشكل المطلوب، فهو من ناحية ساهم في تكسير الحاجز النفسي الذي بناه التقسيم والتفتيت الذي عانت منه الطبقة العاملة المغربية، التي ظلت تتعرض للتقسيم لدواعي موضوعية ومبررات واهية. كما أنه أعاد الاعتبار لدور الطبقة العاملة وقوتها في المشهد السياسي والاجتماعي الوطني، أما بخصوص تحقيق مطالب الطبقة العاملة فأعتقد أنها تحتاج إلى تصعيد النضال لانتزاع مطالبها العادلة والمشروعة، وفي مقدمتها الحريات النقابية التي تعتبر المدخل لمباشرة العمل النقابي الذي يتعرض لمؤامرة لإفراغه من مضمونه الحقيقي ليصبح نسخة من الخواء الذي طال جزء مهما من العمل السياسي (الحزبي) بهدف تجريد الطبقة العاملة والجماهير الشعبية من وسائل دفاعها المشروعة الشيء الذي يهدد من يسعى لهذا الاتجاه، وليس الطبقة العاملة التي لا يمكن أن تفقد إلا قيودها.
إنهم يريدون تدمير سلاح الإضراب، فقد شهدت الفترة مابعد الإضراب العام عمليات طرد لعمال شاركوا في الإضراب العام، كما أن موظفات وموظفي القطاع العام سلط على معظمهم الاقتطاع من أجورهم، بل أن الأمر فاق ذلك في قطاع الصحة بتجريم المشاركة في الإضراب العام بمستشفى الأنكولوجيا بالمركز الاستشفائي الحسن الثاني بفاس، وإحالة المناضلات والمناضلين على لجنة البحث التمهيدي كمقدمة لعقوبات تأديبة أو الإحالة على المجلس التأديبي بتهمة المشاركة في الإضراب العام، علما أن المصلحة المعنية لاتتخذ طابعا استعجاليا وأن العاملين بها في المناطق الأخرى غير فاس يشاركون في الإضراب، فمن أين يأتيها الاستعجال وهي تحدد المواعيد للمرضى بالأشهر، فإن كان الأمر كذلك فيجب محاسبة المسؤولين عليها على تعريض حياة المرضى للخطر بمنحهم مواعيد بعيدة، وليس المناضلات والمناضلين الذين شاركوا في الإضراب. فالمصالح المعنية بتوفير الحد الأدنى من الخدمات الصحية معروفة وتبقى تقدم الخدمة الصحية في كافة المناطق ولا يمكن أن تكون إدارة المركز الاستشفائي تتوفر على مصالح أخرى أو لديها مصالح يمنع فيها الإضراب لوحدها في هذه البلاد ولايمكن أن تحرص أكثر من النقابة على صحة المواطنين لأن النقابة جزء كبير من مطالبها النهوض بقطاع الصحة وتحسين خدماته.
كلمة أخيرة:
** تعتبر الجامعة الوطنية للصحة (إ م ش) سعي المجتمعات لضمان حق في الصحة وتجسيده فعليا يستدعي توفرها على القرار السياسي الذي يتم ترجمته من خلال تصورات واضحة وتدابير ومنسجمة للصحة التي تريدها هذه المجتمعات، وذلك ماسيتلزم وجود منظومات صحية تأخذ بعين الإعتبار كافة المحددات والعوامل المؤثرة فيها (التربية، البيئة، التغذية، السكن اللائق...)، لأن المنظومة الصحية هي مجموع الوسائل (التنظيمية، البشرية، الهيكلية والمالية) التي توفرها كل دولة لضمان الحق في الصحة لمواطناتها ومواطنيها، وتعتبر جزءا مهيكلا لنظامها الاقتصادي والاجتماعي. وأن النهوض بقطاع الصحة ببلادنا يتطلب مما يتطلبه كذلك جعل قطاع الصحة مشرفا فعليا على تدبير كافة أوجه السياسة الصحية وجعله المسؤول عن تنسيق وتكثيف مختلف السياسات القطاعية الأخرى المرتبطة بالمجال الصحي، من منطلق المفهوم الشمولي للصحة باعتبارها ليس فقط غياب المرض، لأنه من الممكن جدا أن يكون قطاع الصحة مدخليا رئيسيا وضروريا لرفع تحديات المجتمع.
شكرا لكم على هذا الحيز الذي خصصتموه لنا في هذا العدد، نتمنى أن نكون عند حسن ظنكم وظن قراء ومتتبعي الجريدة المناضلة " أخبار عمالية " مع متمنياتي لكم بالتوفيق والنجاح.
شكرا لكم.
حوار جريدة " أخبار عمالية "
العدد 15: دجنبر 2014/ يناير 2015


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.