5. الاتصالات والإعلام : 2 مليار دولار. الصندوق القطري للاستثمار QIA بدأ بالاهتمام بهذا القطاع خاصة في فرنسا حيث في سنة 2011 دخل في رأسمال Vivendi بمعدل 2 % أي برأسمال 400 مليون دولار و 1% من آسهم فرانس تيلكوم برأسمال 300 مليون دولار وقوى تواجده بشركة Lagardère ب 12.83 % برأسمال 900 مليون دولار. إمارة قطر مهوسة بالأمن وواعية بهشاشة موقعها الجيوسياسي المتوتر، لذلك استجمعت كل عناصر القوة من اجل حماية الأمن القومي القطري. ومن العناصر المهمة التي اعتمدت عليها قطر في حروبها الخارجية : الإعلام والرياضة والفن، رغم التعزيزات العسكرية الحديثة التي تتوفر عليها الإمارة إلا أنها واثقة بأن جيرانها أكثر عددا وعتادا منها وخصوصا العربية السعودية المنافس الشرس للنظام الأميري القطري . السلاح الخارجي الأول: قناة الجزيرة : مباشرة عند وصوله للسلطة عام 1995 عمل الأمير إستراتيجية إعلامية ذكية بعد تطوير قناة مغمورة في قطر تسمى قناة الجزيرة، هذا المشروع الإعلامي حقق لإمارة قطر موقعا دوليا متميزا وبينا، وأصبحت قطر معروفة في كل بقاع العالم بفضل قناة الجزيرة. تتألف قناة الجزيرة من الصحفيين المخضرمين الذين اشتغلوا بالبي بيسي (BBC )، وتحتوي على مختلف الجنسيات ومنهم القطري محمد المري أحد القلائل المشتغلين في القناة والمقدم لنشرات الأخبار. قناة الجزيرة لم يكن هدفها مخاطبة القطريين وحدهم بل تعدت ذلك إلى مخاطبة الرأي العام الدولي وأثرت في أحداث كثيرة في العالم، لذلك لم تسلم القناة من انتقادات الداخل والخارج، ولكن الشيخة موزة لعبت دورا كبيرا في الدفاع عن الخط التحريري للقناة ضد كل الأصوات المحافظة داخليا والتي تشتكي من القناة، وخارجيا بدأت القناة تثير حنق وسخط العديد من الأنظمة الدولية ومنها العربية السعودية والولاياتالمتحدةالأمريكية التي ترى في القناة تحريضا على قتل الأمريكيين ومناصرة التنظيمات الإسلامية المتطرفة في العالم. استطاعت قناة الجزيرة أن تزعزع المشهد الإعلامي العربي والدولي الذي بقي اغلبه تابع للحكومات ومقيد للآراء المعارضة للحكام، فيما الجزيرة تعطي الحرية لكل الآراء المعارضة للأنظمة باستثناء النظام القطري الذي بقي خارج اهتمامات القناة. فبرزت الجزيرة بصورة قوية في الهجمات الإرهابية التي استهدفت الولاياتالمتحدةالأمريكية في 11 شتنبر 2001 ، ونقلت الأحداث باحترافية كبيرة ، وأعطت للإسلاميين فرصة التعبير عن آرائهم رغم مخالفتها للأمريكيين وللغرب عموما. واستأثرت القناة بالصور المباشرة والتسجيلات الصوتية وبالصور أحيانا لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن التي أصبحت الجزيرة المنبر المفضل له لإيصال رسائله إلى العالم، في الغرب بدأت الأصوات تتعالى مهددة قناة الجزيرة بأنها الذراع الإعلامي لتنظيم القاعدة، مما جعل الأمريكيين يضربون مقرها في كابول، تغطية قناة الجزيرة للانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 جلب لها نسب مشاهدة قياسية في العالم ، فقد عاش الرأي العام الدولي مباشرة حلقات المواجهات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين من الرباط إلى دمشق مباشرة بالصوت والصورة، انبهر المشاهدون بقناة الجزيرة ويقضون ليالي بيضاء لتتبع برامجها المباشرة. 2003 / 2004 كانت مرحلة ذهبية لدى قناة الجزيرة حيث تتبع المشاهدون في العالم وبنسب كبيرة من المشاهدة الغزو الأمريكي للعراق، وأعطت الجزيرة شهيدا وهو طارق أيوب الذي قتل في إحدى الغارات الأمريكية على بغداد، رغم أن القناة قد أعطت إحداثياتها (GPS ) للقوات الأمريكية، وقد فكر في تلك اللحظات الرئيس الأمريكي جورج بوش في قصف القناة، لكن الوزير الأول البريطاني عارض ذلك مما جعل الرئيس الأمريكي جورج بوش يعدل عن القرار. سنة 2003 عين مدير عام جديد للقناة وهو وضاح خنفر وهو من الإخوان المسلمين الفلسطينيين من جنين بالضفة الغربية، فقام بأسلمة الخط التحريري للقناة، وبدأت تعطي الكلمة أكثر لحماس والفصائل الإسلامية وتم إقصاء المسيحيين شيئا فشيئا من إدارة مكاتب الجزيرة مثل أكرم خزام بموسكو وميشيل الكيك بباريس. الربيع الديموقراطي كان مناسبة لقطر لاحتلال واجهة الأحداث، لكنها تخلفت عن البدايات الأولى للثورة التونسية، أي ثورة الياسمين في دجنبر 2010 ولم تكن القناة تتوقع تغييرا دراماتيكيا جذريا في تونس، وأن إدارة القناة اعتقدت أن قوة بن علي ستقهر الاحتجاجات، لكن حدسها كان خاطئا، وتماهت مع الثورات فيما بعد. فحاولت القناة تدارك الموقف فبدأت بتسجيل عدة حوارات مع قيادات إسلامية تونسية كراشد الغنوشي وغيره من اجل كسب الرأي العام التونسي، وتداركت القناة الأمر أكثر في ثورة 25 يناير 2010 بمصر ، حيث قامة القناة بتغطية كبيرة وواسعة للاحتجاجات الشعبية في ميدان التحرير وفي كل المدن المصرية . الثورات العربية كانت فرصة قوية للقناة للتأثير في مجرى الأحداث في المنطقة في تونس ومصر وليبيا التي كانت القناة طرفا في النزاع ضد القذافي بعد مقتل احد مراسليها من طرف كتائب القذافي، لكن القناة بدأت بالتقهقر بفعل انقسام الرأي العام في هذه الدول حول أهدافها وخطها التحريري الذي يعطي للإسلاميين الحيز المطلق. كما انتقدت بشدة قناة الجزيرة في عدم تغطيتها لانتفاضة الشعب البحريني، وهو ما سجل عليها من طرف العديد من المتتبعين والمحللين للشؤون السياسية الدولية، انخفضت نسب مشاهدة القناة بأكثر من 30% ، وبدأت مصداقيتها على المحك ، وأصبحت قنوات أخرى تنافسها كالعربية والميادين وسكاي نيوز وأبو ظبي وغيرها والقنوات الأجنبية الناطقة بالعربية كال : (BBC) وfrance 24 وروسيا اليوم والحرة و Deutsche Well بدون الحديث عن منافسة الفايسبوك وشبكات التواصل الاجتماعي. لمواجهة المنافسة الجديدة التي تتعرض لها القناة اتخذت خطة لتوسيع التواجد الجغرافي للقناة وإحداث نشرات باللغات الأجنبية ومنها الانجليزية لذلك انطلقت الجزيرة الانكليزية في سنة 2006 والهدف منها إيصال صوت الجزيرة إلى أوسع نطاق في العالم ومنافسة كبريات القنوات العالمية مثل : ( CNN ; BBC ; FOXNEWS ) واستقطبت القناة كبار المعلقين والصحافيين الدوليين، كما اشترت قناة الجزيرة CURRENT TV وهي قناة في ملكية نائب الرئيس الأمريكي الأسبق أل كور بما قيمته 500 مليون دولار، هذا الاستثمار الإعلامي مكن القناة من التخاطب مع 40 مليون أسرة أمريكية، فيما لا تستطيع قناة الجزيرة بالانجليزية مخاطبة أكثر من 5 مليون مشاهد. في سنة 2011 تم إطلاق قناة الجزيرة بالبلقان ويتم البث من سراييفو وهي القناة الوحيدة التي تغطي المواضيع الإقليمية والمحلية في المنطقة منذ انهيار الاتحاد اليوغوسلافي، ليفكر اليوم مدير قناة الجزيرة في قناة الجزيرة بالاسبانية والفرنسية ، لكن الرئاسة الفرنسية في عهد ساركوزي سابقا وحاليا في عهد هولند تعارض ذلك خوفا من منافسة قناة الجزيرة ل فرانس 24 ، لكن طموحات إدارة القناة لاتزال قائمة في هذا الاتجاه. سنة 2009 تم خلق هيئة قطر للإعلام التي تجمع كل الأنشطة الإعلامية لقناة الجزيرة من اجل تنسيق خطها التحريري بين أقطابها الثلاث ( الإخباري والوثائقي والرياضي ) الأمير حمد يتكلف بمراقبة الجانب الإخباري والشيخ تميم يتكلف بمراقبة الجانب الرياضي والشيخة موزة الجانب الوثائقي الجزيرة CHILDREN هي ثمرة اتفاق بين مؤسسة قطر ومجموعة LAGARDERE الذي تعهدت بموجب الاتفاق معها بإنشاء قناة الجزيرة للأطفال. تطورت الوضعية القانونية للقناة من مؤسسة عمومية إلى شبه عمومية، والهدف من ذلك هو إعطاء القناة حرية اكبر في إطار المنافسة الإعلامية الشرسة التي يعرفها الحقل الإعلامي. الشيخ حمد هو الذي يعين أعضاء مجلس الإدارة والذي يجمع التناقضات التي تعتمل داخل الجسد الحاكم بقطر بين الموالين لحمد بن خليفة والموالين لحمد بن جاسم وللشيخ تميم بن حمد. الشيخ حمد بن تامر آل ثاني تم تعيينه سنة 2011 خلفا لوضاح خنفر وهو عم الأمير حمد بن خليفة، وهو مهندس تابع لمؤسسة قطر للغاز وهو قريب من الإخوان المسلمين. الجزيرة الرياضية واجهة مهمة لتألق القناة فهي تحتوي على 18 قناة رياضية لها حرية واستقلالية نسبية ، وتم شراء حق بث مباريات العديد من الدوريات والبطولات العربية والإفريقية والآسيوية والعالمية وتكلف ناصر الخليفي رئيس باريس سان جيرمان ورئيس الفيدرالية القطرية للتنس منذ سنة 2003 بشراء حقوق بث المباريات الدولية لفائدة قناة الجزيرة، وأنشأت قطر ماركة رياضية خاصة بها وهي Bein sport وهي شركة صناعية خاصة باللوازم الرياضية. الرياضة انعكاس لقوة قطر عالميا، فالقوة الرياضية القطرية تسير جنبا إلى جنب مع القوة الديبلوماسية، ولكن لمعرفة الإستراتيجية القطرية لابد من معرفة أسرار المعجزة القطرية والتي بدأت مع اكتشاف الغاز وبعد اكتشافه قامت الأسرة المالكة والأمير شخصيا باحتكار كلما يتعلق بالغاز من الاستخراج إلى التصدير أي مراقبة جميع مراحل مرور الثروة الغازية القطرية. لذلك تسعى قطر إلى تطبيق نفس نموذج المراقبة على كل مراحل تطوير الرياضة القطرية، باعتبار أن الرياضة في قطر يعول عليها هي الأخرى لتنمية البلاد وإعطاء صورة ناصعة عنها في الخارج، فكأس العالم لسنة 2022 يعول عليه القطريون ليكون قاطرة للتحديث والتنمية الاقتصادية رغم أن الشيخ حمد لم يكن في البداية متفقا مع فكرة ترشيح قطر لتنظيم كأس العالم 2022 لكن أبناؤه الأمراء أقنعوه بالفكرة فانخرط فيها بكل قوة في قطر، يملك الشيخ تميم بن حمد مفاتيح الرياضة القطرية ، فهو رئيس اللجنة الاولمبية (COQ) ، ورئيس لجنة تنظيم كأس العالم 2022 ، وهو الذي يسهر على ترشيحات قطر للألعاب الأولمبية 2016 / 2020. في الميدان الرياضي الكل يمر عبر الشيخ تميم فهو بمثابة وزير للرياضة، فيشرف على الأندية والمنتخب القطري الوطني وعلى جميع اللقاءات والملتقيات الرياضية، وتتكون لجنة تنظيم كأس العالم من الشخصيات المقربة للشيخ تميم بن حمد كالشيخ سعود بن عبد الرحمان آل ثاني السكرتير العام للجنة الاولمبية القطرية وهو أخ رئيس الجزيرة وصديقه ناصر الخليفي الذي يشغل رئيس الفيدرالية القطرية للتنس ورئيس PSG والمدير العام للجزيرة الرياضية ولشركة Bein الرياضية وخاصة رئيس الصندوق القطري للاستثمار القطري (QSI) الذي هو الذراع المالي والرياضي لقطر في كل الاستثمارات الرياضية. التسيير المالي للصندوق القطري للاستثمار في المجال الرياضي لا يبدو شفافا بل يكتنفه الغموض ، خصوصا وان رئيسه هو نفس الوقت رئيس الجزيرة الرياضية فيصعب التفريق بينهما، لكن كل هذه العمليات لا يقوم بها ناصر الخليفي إلا بموافقة الأمير تميم بن حمد الذي يعتبر الرياضة سرا من أسرار الدولة. أهم منجزات الصندوق القطري للاستثمار الرياضي هو شراء باري سان جرمان الفرنسي بنسبة 100% وهذا الفريق رغم انه ليس في حجم برشلونة أو ريال مدريد أو مانشيستر سيتي إلا انه مهم بالنسبة لدخول قطر عالم الرياضة الأوروبية, أمام قطر 10 سنوات من اجل تكوين فريق وطني قوي ليخوض نهائيات كأس العالم 2022 بقطر . لهذا الغرض تم التعاقد مع المدرب المساعد السابق للمنتخب البلجيكي، مهمته هي خلق نخبة رياضية شابة قادرة على التنافس في نهائيات كأس العالم 2022، وقد أنشأت الاكاديمية القطرية مراكز تكوين في عدد من البلدان الإفريقية لاستقطاب شباب مؤهل وإعطائه الجنسية القطرية وتعزيز صفوف المنتخب القطري. كما أن قطر اشترت فريقا من الدرجة الثانية في البطولة البلجيكية يسمى Aseupen ، اختيار بلجيكا ليس اعتباطيا بل لأن العلاقات القطرية رياضيا مع بلجيكا ممتدة في التاريخ ، كما أن حمد وأبنائه يملكون عقارات في هذه المنطقة الناطقة بالألمانية الملحقة ببلجيكا بعد الحرب العالمية الأولى، فاللاعبين المستقطبين من الدول الإفريقية خاصة من السنغال يتم تجريبهم في هذا الفريق قبل أن يتم التعاقد معهم للعب مع باري سان جرمان أو مالكا الاسباني الذي يملكه احد أفراد العائلة الحاكمة في قطر. قطر اليوم تخوض حربا تنافسية قوية مع جيرانها من الخليجيين على احتضان التظاهرات الرياضية الدولية وتنفق على الاستثمار والدعاية واستقطاب الرياضيين الكبار مليارات الدولارات. هل يجب الخوف من قطر؟ القوة المالية القطرية تمكنها من تحقيق كل الطموحات المشروعة وغير المشروعة وهذا ما يخيف الغرب، العلاقات القطرية بالعالم الإسلامي تطبعها قطر بالمال السياسي، وهذا ما يشكل خطر تنامي التطرف الديني المدعوم قطريا. قطر تعتبر العالم سوقا رائجة، والأفكار سلعا تباع وتشترى، لذلك نرى قطر تشتري كبار المفكرين والخبراء والرياضيين، وبأثمان فلكية. دعم قطر للإخوان المسلمين في العالم محط تخوف العديد من السياسيين في العالم. قطر قوة اقتصادية ومالية صاعدة لكنها ما تزال تعاني من نقص العنصر البشري، ومن توجس المحيط الإقليمي، وتقلبات السياسة الداخلية، حيث التنافس بين أعضاء العائلة الحاكمة على أشده. القطريون يحبون جمال أوربا ، ويستثمرون فيها، لكن الأوروبيون يكرهون قطر، ويخفون ذلك خوفا على هروب أموال قطر من بلادهم. دمتم في حفظ الله ورعايته