في خطوة تصعيدية، فضل تلاميذ ثانوية أبي القاسم الزياني بخنيفرة، صباح الاثنين الماضي، نقل احتجاجاتهم من ساحة المؤسسة ومواقع الانترنيت إلى الشارع العام، إذ نظموا مسيرة حاشدة انطلقوا بها في أجواء سلمية وحضارية نحو مقر النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، حيث احتشدوا ورددوا سلسلة من الشعارات الغاضبة التي نددوا من خلالها بالوضعية المزرية التي تتخبط فيها مؤسستهم، وبالوعود الفاشلة التي ما فتئ المسؤولون «يخمدون» بها الاحتجاجات التي «تشتعل» بالمؤسسة من حين لآخر، سواء من طرف الأساتذة والأطر أو من طرف التلاميذ الذين واصلوا احتجاجاتهم منذ الثلاثاء 29 نونبر الماضي. مسيرة تلاميذ ثانوية أبي القاسم الزياني بخنيفرة «تميزت» بإنزال مكثف لمختلف أشكال الأجهزة الأمنية والسلطات المحلية وأعوانها، قبل محاولة النائب الإقليمي الجديد امتصاص غضب المحتجين عبر مطالبتهم بتشكيل لجنة منهم للحوار، إلا أنهم رفضوا طلبه في تعبير منهم عما يفيد أن جميع الحوارات السابقة انتهت إما بالوعود المهزوزة أو لم تكن سوى مجرد "وسيلة لربح الوقت" خارج أرض الواقع الملموس، ولم يفتهم التهديد بالمزيد من التصعيد خلال الأيام القليلة المقبلة في حال ما لم يتم التدخل لإيجاد حلول ناجعة ومسؤولة للمشاكل المطروحة. ومن المقرر، حسب مصادر تنظيمية من المحتجين، أن يدخل التلاميذ في مسيرات يومية ابتداء من الأسبوع القادم. ومعلوم أن احتجاجات تلاميذ المؤسسة المذكورة تأتي بعد سلسلة من المعارك التي قام بها أساتذة ذات المؤسسة، وليس آخرها وقفتهم الاحتجاجية أمام عمالة الإقليم، خلال أبريل الماضي، لاستنكار الوضعية المزرية التي تتخبط فيها المؤسسة، وعدم تنفيذ الجهات المسؤولة لما التزمت به من وعود خلال عدة مفاوضات، بما فيها التي جرت في حضور لجنة أكاديمية، كما سبق للشغيلة التعليمية أن دخلت في إضرابات واعتصامات متواصلة بالمؤسسة، خلال مارس الماضي، على اعتبار أن مطالبها لها علاقة مباشرة مع مصالح التلاميذ في ظل سياسة التسويف وعدم الوضوح الممارسة من طرف المسؤولين عن القطاع محليا وجهويا، حسبما ورد حينها في نص بيان حصلت "الاتحاد الاشتراكي" على نسخة منه، والذي طرح العديد من القضايا والأوضاع التي تعاني منها المؤسسة التي عرفت مؤخرا إعفاء مديرها وتعويضه بآخر بشكل مفاجئ ومتسارع. التلاميذ المحتجون في «مسيرة الغضب» استعرضوا ملفهم المطلبي أمام الملأ، ومنه ما يتعلق بالظروف المتردية التي تتخبط فيها داخلية المؤسسة، إن على مستوى الإقامة والمبيت والأكل والشروط الإنسانية اللازمة، أو بخصوص ما يتوفر عليه هذا المرفق من أعوان وتقنيين الذين هم أشبه ب«متطوعين» وغير معنيين بالوظيفة التي تم تكليفهم بها عشوائيا، فضلا عما يلاقيه نزلاء المرفق ذاته من معاملات غير لائقة، حسب المحتجين. المشاركون في المسيرة الاحتجاجية عرضوا أيضا ما يهم وضعية ملاعب ومستودعات التربية البدنية، إذ لا يجادل اثنان حول الحالة المتردية لأرضية هذه الملاعب، وعدم صلاحيتها تماما لمزاولة التربية البدنية ولا هي مجهزة بما ينبغي من التجهيزات اللازمة، وكم هي المعارك الاحتجاجية التي خاضها أساتذة هذه المادة واصطدمت إما بلغة التسويف أو بالتطمين غير المفيد، كما أن قاعة مغطاة سبق إحداثها داخل المؤسسة من أجل مزاولة مادة التربية البدنية، لم يعثر الملاحظون على أي جواب لوضعيتها العالقة، إذ بقيت مغلقة دونما توضيحات شافية، اللهم بعض التبريرات التي ظلت تكرر ما يفيد أن المقاول الذي تكلف ببنائها لم يلتزم بالشروط المنصوص عليها ضمن دفتر التحملات، وقد انكشفت فعلا بصمات الغش على هيكل البناية من خلال ما شابها من تصدعات وشقوق وتسربات مطرية. وبينما سجل الكثيرون في تصريحاتهم ل"الاتحاد الاشتراكي" عدم فتح أي تحقيق في موضوع القاعة المغطاة، وانفلات المتورطين في بنائها من المساءلة والمحاسبة، عبر الملاحظون عن استغرابهم الشديد حيال قيام النيابة الإقليمية بتحويل هذه القاعة إلى مستودع خاص بالتجهيزات في ظروف مستفهمة، وكانت إحدى اللجان المختصة قد اقترحت القيام بهدمها وإعادة بنائها وفق المواصفات التقنية المتعارف عليها. ومن حق المحتجين التشديد على فتح ما يلزم من التحريات في شأن غلاف الميزانية الباهظة التي تم "إهدارها" في ترميم المؤسسة التي تعد من أكبر وأشهر المؤسسات على الصعيد الجهوي. وصلة بالموضوع، لم يفت التلاميذ المحتجين التعبير عن سخطهم إزاء ما وصفوه ب"القانون الداخلي" للمؤسسة، وتساءلوا بقلق كبير عن معنى محاسبتهم بفصوله التي تمت صياغتها دون إشراكهم في شأنها، ويعمد بعض الإداريين إلى تمرير مواقفهم باسم هذا القانون الذي زاد فأقحم بموجبه بعض أعوان الأمن الخاص في مسؤوليات ليست من مهامهم، ما يضعهم في مواجهة دائمة مع التلاميذ. ومن جهة أخرى، لم يفت المحتجين الإشارة بكثير من الامتعاض إلى ظاهرة ما يسمى ب«الساعات الإضافية» (السوايع)، بالقول إن بعض الأساتذة ممن لا يقومون بواجبهم المهني يعمدون إلى إرغام التلاميذ على تلقي دروس إضافية خارج المؤسسة مقابل مبالغ مالية، كما أن البعض الآخر، في رأيهم، يتاجر في «الدروس المنسوخة» بآلة النسخ، حسب تصريحات متطابقة لمسؤولين من المشاركين في المسيرة التلاميذية. وفي ذات السياق، أثار المحتجون في تصريحات متطابقة ل"الاتحاد الاشتراكي" ما يتعلق بافتقار المؤسسة للتجهيزات العلمية الضرورية، ومنها مثلا ما يسمى بالمحلولات الكيميائية واللوازم التجريبية، مع إشارة منهم لمواد علمية منتهية الصلاحية مع ما ينتج عن ذلك من أخطاء على مستوى النتائج والتجارب، كما استعرض المحتجون جملة أخرى من المشاكل التي لا تقل عن انعدام مراحيض خاصة بالذكور، وهزالة وهشاشة أدوات التدريس، وقلة الإداريين لدعم الإدارة، ثم عن وضعية قاعة المداومة المغلقة على الدوام في وجه التلاميذ، إضافة إلى ما يتعلق بالغياب الدائم لإحدى موظفات مكتبة المؤسسة.