مع إشراف الولاية الحكومية على نهايتها واقتراب موسم الانتخابات ، كثر السجال والتراشق بين الفرقاء السياسيين واشتدت المزايدات والتغليطات واختفت الاصطفافات والتمايزات ، فلا تكاد تميز في خدام الدولة بين الذي يحكم والذي يعارض ولا بين المفسد والمصلح ولا بين الديمقراطي والمتحكم ... الكل يصرخ و ينتقد ولا أحد يجرؤ على قول الحقيقة وتسمية الأمور بمسمياتها. الكل يعد بمستقبل مشرق وبمحاربة الفساد ، يتوسل الناخبين ، ينصحهم ويحثهم على المشاركة وقطع الطريق عن الانتهازيين والمتربصين ... لكن، أليست الانتخابات المغربية بقوانينها وتشريعاتها ونخبها وأعيانها وطقوسها...أبلغ نموذج وأكبر مكرس للفساد والتحكم ... ؟ ان استغباء الشعب واستبلاده أو التدليس عليه لأعظم الكبائر السياسية التي لن تمحوها السنين ولن يغفرها التاريخ. الانتخابات المغربية عملية محكمة المداخل ، مضبوطة المخرجات والنتائج وبالتالي فلا مجال للصدفة أو المفاجئة أو توقع ما لم ترتضيه إرادة المخزن وخرائطه السياسية والانتخابية . إن الضبط والتحكم الانتخابيين يتمان عبر آليات ومراحل مختلفة نورد فيما يلي بعضها : - التقطيع الانتخابي , كمرحلة أساسية لتحديد الحصص على قاعدة الولاء ومستوى الإخلاص. - نمط الاقتراع ونظام العتبة اللذان اختيرا بعناية فائقة ونية تدليسية هدفها تشتيت النتائج وبلقنتها حتى لايحصل أي حزب على أغلبية مريحة . - اللوائح الانتخابية التي تعد بناء على قاعدة بيانات قديمة ومتجاوزة ، يتم الاكتفاء بتنقيحها وتعديلها جزئيا دون القبول بإعداد لوائح جديدة أساسها بطاقة التعريف الوطنية. - رفض فكرة اللجنة المستقلة لتنظيم الانتخابات واحتكار وزارة الداخلية كل التفاصيل رغم إيمان الجميع بعدم نزاهتها وحيادها دون نسيان ماضيها وتجاوزاتها التي لازالت موشومة في عقل ووجدان كل مواطن ... إن عملية الاقتراع ، أو التصويت ، رغم أهميتها ، ليست في الحقيقة سوى جزء ومرحلة من مراحل العملية الانتخابية وبالتالي فحتى افتراض نزاهتها لا يعني بالضرورة نزاهة العملية الانتخابية في مجملها. لقد طور المخزن والإدارة آليات تحكمهم وتزويرهم من المباشر القذر عبر الصناديق والمحاضر... إلى الذكي الماكر عبر الآليات والمدخلات . لذا نقول للذين يتأستذون علينا ويصدعون رؤوسنا إن المشاركة الانتخابية في ظل الانحباس الدستوري والقانوني والسياسي ... السائد لن تغير من الواقع شيئا بقدر ما تزكيه وتشرعنه وتمد في أمده ، ليبقى البديل الناجع هو الانخراط في فعل مجتمعي عام وشامل لتشكيل قوة ضغط شعبية وسلمية هدفها تغيير قواعد اللعب وتحقيق الانفتاح والنزاهة والديقمراطية .