لا جدال اليوم حول كون منطقة الخليج قد أصبحت مركزا ثقافيا له وزنه في الوطن العربي بل غدا يتفوق على المراكز الثقافية التقليدية كالشام، العراق ومصر، رغم السبق الذي حظيت به تلك المراكز في صناعة الكتاب؛ كتابة ،تأليفا نشرا وتوزيعا، وعلى تأخر ظهور الرواية – وهي جنس حديث في الثقافة العربية - لابد من الإشارة إلى عجزنا عن متابعة وتصفح كل ما أضحت تنشره النساء في هذا المركز الجديد لذلك آثرنا أن نفتتح هذه السلسة من المقالات حول الرواية النسائية في الخليج بإشارة جد مركزة إلى نشأة الرواية في تلك الدول الستة قبل الوقوف على تجربة كل بلد على حدة : تعد المملكة العربية السعودية أهم محور ثقافي في منطقة الخليج فأول رواية نسائية عرفتها المنطقة تعود لسنة 1958 وهي رواية (ودعت آمالي ) لسميرة محمد خاشقجي وانتظر السعوديون إلى سنة 1972 ليروا ثاني نص روائي باسم امرأة (البراءة المفقودة ) لهند باغفارا واثناء البحث وقفنا على ما يفوق 120 رواية نسائية إلى حدود 2008 منها 41 رواية قي القرن العشرين مما يعني أن أزيد من ثلثي ما كتبته النساء روائيا كان في أقل من عشر سنوات الأخيرة و بهذا العدد تتفوق السعودية على عدد من الدول العربية التي سبقتها لكتابة الروية فلم تكتب نساء الجزائر إلا 47 رواية منها 40 رواية في العشرية الأخيرة ، وفي المغرب كتبت النساء حوالي 53 رواية منها 34 في السنوات العشر الأخيرة... أما في الكويت فكانت الفاتحة مع رواية ( مدرسة من المرقاب) لعبد الله خلف سنة 1962 وإن رأى آخرون أن البداية كانت برواية (السماء زرقاء) 1970 لفهد إسماعيل، وإن صح هذا ستكون المرأة قد كتب الرواية جنبا إلى جنب مع الرجل إذ كان أول عمر روائي نسائي بهذا الصقع هو (وجوه في الزحام) لفاطمة العلي سنة 1971 وبعد ذلك أصدرت نورية السداني روايتين هما (الحرمان ) و (واحة العبور) 1972 وظل العدد محدودا في خمس روايات في الثمانينيات هي: (عندما يفكر الرجال) لخولة القزويني ، وروايتا (المرأة والقطة ) و(وسيمة تخرج من البحر) ليلى العثمان / روايتا (مذكرات خادم ) و ا(الإنسان الباهت ) طيبة الإبراهيم )) وقد وقفنا على عدد من الروائيات لهن أكثر من رواية منهم: خولة لقزويني بست روايات، و لبثينة العيسي خمس روايات ، ومثلها لفوزية السالم ، وللميس خالد العثمان ثلاث روايات.... مقابل هذا التراكم في كل من السعودية والكويت ظل الإنتاج الروائي محدودا في الدول الأربعة الأخرى إذ تأخر ظهور الرواية في الإمارات إلى سنة 1971 بظهور رواية (شاهندة) لراشد عبد الله . و تأخرت رواية النساء بأزيد من عقدين من الزمن وكانت الأولى هي (شجن بنت القدر الحزين) الصادرة سنة 1992 للرواية (حصة الكعبي) والتي اختارت اسم سارة الجروان اسما فنيا على ظهر كل مؤلفاتها، وهي الروائية التي استطاعت في وقت وجيز خلق تراكم بعد أن صدرت لها رواية طروس إلى مولانا السلطان في جزأين ، ورواية (عذراء وولي وساحر) في بلد لا زال عدد الروائيات على رأس الأصابع وإن استطاع بعضهن كتابة أكثر من رواية كأسماء الزرعزني بروايتين هما (ريحانة) و(الجسد الراحل ) .. أما في عمان فكانت البداية مع روايتي عبد الله بن محمد الطائي (الشراع الكبير ) و( ملائكة الجبل الأخضر) سنة 1773 واليوم من أشهر الروائيات سناء محمد الهلالية بروايتين هما قيثارة الأحزان 1993 و (بين ظفائر امرأة) 2006 / وغالية بن فهر بن تيمور السعيد ولها روايتان (أيام في الجنة الصادرة سنة 2005 و رواية (سنين مبعثرة) سنة 2008 / كما صدر لبدرية الشحي روايتين هما (الطواف حيث الجمر) سنة 1999/ ورواية (فيزياء 1) سنة 2010 ... وكانت نشأة الرواية نسائية بامتياز بقطر وأكثر حداثة إذ انتظر القطريون إلى سنة 1993 لميلاد وكان المولد نسائيا إذ صدرت أول رواية (العبور إلى الحقيقة) ثم رواية ( أحلام البحر القديمة) لشعاع خليفة سنة 1993 وإن ذكر الكاتبة أنها كتبت الرواية سنة 1987 / وفي سنة 1994 صدرت روايتها الثالثة (في انتظار الصافرة) كما تم إصدار أربع روايات لشقيقتها دلال خليفة هي : أسطورة الإنسان والبحيرة 1993/ وأشجار البراري البعيدة 1994 / من البحار القديم إليك 1995 / دنيانا مهرجان الأيام والليالي 2000 / ولم يتم تسجيل أول رواية ذكورية مع مطلع الألفية الثالة برواية (أحضان المنافي ) لآحمد عبد المالك سنة 2005 . وفي البحرين كانت البداية الجنينية سنة 1966 لتتوقف كتابة الرواية حتى الثمانينيات وتعاود حركيتها مع محمد عبد المالك ورواية (الجذوة) بينما كانت أول رواية نسائية هي رواية (الحصار) لفوزية رشيد سنة 1983 ولعدد من الروائيات اليوم أكثر من عمل واحد منهن فتيحة ناصر لها أربع روايات وفوزية رشيد لها ثلاث روايات..... يتضح أن إشكالية نشأة الرواية العربية والاختلاف حول أو من فجر عين هذا الجنس الأدبي عند العرب (رجل أم امرأة) بعد دحض اعتبار رواية أحمد حسنين هيكل ( زينب) 1914، أول رواية عربية بدليل وجود نصوص روائية نسائية صادرة قبل هذا التاريخ بكثير، مثل (حسن العواقب) لزينب فواز التي صدرت سنة 1898 وبعدها بست سنوات كانت رواية (قلب رجل) 1904 للكاتبة لبيبة هاشم ، كما يتضح إن منطقة الخليج لم تسلم من مثل هكذا نقاش ، إذا كان للمرأة قصب السبق ، وفرصة تدشين الرواية في عدد من البلدان الخليجية فكانت أول رواية في قطر لدلال خليفة ، أول رواية في الكويت لفاطمة العلي، أول رواية في الإمارات لسارة الجروان، وفي البلدان الخليجية الأخرى ظهرت المرأة جنبا إلى جنب مع الرجل، بل تكاد المرأة اليوم تتفوق على الرجل في كتابة الرواية في بعض الدول ، مع وجود عدد من الروائيات اللواتي ولجن الكتابة الروائية صغيرات السن وربما ذلك سبب غياب البعد الأيديولوجي والنظرة العميقة في كتابات بعضهن مما جعل رواياتهن تتمحور حول اليومي والمتداول شعبيا وحول الذاتية والخصوصية المحلية... (يتبع) انتظرونا في حلقة قادمة ..............