المساءلة الشهرية الخاصة بالسياسات العمومية يوم الثلاثاء 22 دجنبر 2015 بمجلس النواب لرئيس الحكومة المغربية نزلت كالسيف المهند على رؤوس الموظفين والإطارات النقابية وعموم الأسر المغربية . فالسيد عبد الإله بن كيران نزل بخطة القهر التقاعدي إلى قبة البرلمان واستفاض في القول أنه المنقذ ولا منقذ سواه من إفلاس صندوق التقاعد . هي ذي الضربة القاضية للحكومة تجاه الشغيلة العاملة بعد عدة ضربات تلقتها بالصمود الإسفنجي والسكوت اللاإرادي ، ومرة بالخنوع والكف عن المشاركة في الاستشارات الانتخابية والإضرابات العمالية والوظيفية . ضربة في محصلة رزق المتقاعد، ضربة في تقاعد مريح يرفع عنه راحة يد الاقتراض البنكي (الربوي) و استجداء الإحسان وبر القفة . فرئيس الحكومة عبد الإله بن كيران التف بظهره أصلا عن مقاربة السلم الاجتماعي الذي تم ترسيمه بالإرساء عبرالحوار الاجتماعي الفاعل والمفعل . و قفز عن مبدأ المنهجية التشاركية التي تم التأسيس لها منذ حكومة التناوب الأولى . واعتمد بالتحدي على الرأي الأحادي الانفرادي الذي يحمل الموظف والأجير تبعات الإخفاق الكلي لتدبير صندوق التقاعد . فخطة الحكومة لإصلاح التقاعد وصفت بالصعبة والضرورية والمستعجلة . وجاءت تفاصيل خطوطها الكبرى "رفع سن الإحالة على التقاعد إلى 61 سنة ابتداء من فاتح يناير 2017، وإلى 62 سنة ابتداء من فاتح يناير 2018، ثم إلى 63 سنة ابتداء من فاتح يناير 2019"، و رفع مساهمة الدولة والمنخرطين، كل منهما بأربعة نقط على مدى 4 سنوات ابتداء من تاريخ الإصلاح، واعتماد الأجر المتوسط للثماني سنوات الأخيرة من العمل كقاعدة لاحتساب المعاش بشكل تدريجي على مدى 4 سنوات ابتداء من فاتح يناير 2017 و مراجعة النسبة السنوية لاحتساب المعاش من 2.5% إلى 2%فيما يخص الحقوق التي ستكتسب ابتداء من فاتح يناير 2017 - (وليس لها أي اثر رجعي) - ورفع الحد الأدنى للمعاشات المدنية والعسكرية والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد من 1000 إلى 1500 درهم شهريا بشكل تدريجي على مدى 3 سنوات ابتداء من تاريخ الإصلاح. وأوضح رئيس الحكومة بهذا الخصوص أن محاولة معالجة عجز الصندوق المغربي للتقاعد بالاعتماد على تعديل كل مقياس على حدة، يعني" إما الرفع من معدل الاقتطاع من 20% حاليا إلى 50 % ابتداء من سنة 2016 ، أو تخفيض قيمة المعاشات بالنصف بما فيها المعاشات المصروفة حاليا ، أو الرفع من سن الإحالة على التقاعد إلى 77 سنة !!!. " وهي بطبيعة الحال إجراءات صعبة التطبيق ،والعهدة على قول رئيس الحكومة " مما يجعل من الضروري العمل على تغيير جميع المقاييس بطريقة عادلة ومتدرجة لضمان تحقيق التوازن المالي المطلوب ". وأوضح أنه " بعد انقضاء ثلاث سنوات، ابتداء من تاريخ الإصلاح، ستقوم هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، بناء على تقييم الوضعية الماليةالجديدة لنظام المعاشات المدنية ، بتقديم التوصيات المناسبة " بالتتبع والهيكلة . وأكد كذلك إذا لم يتخذ أي إجراء " سيتوقف صرف معاشات حوالي 400 ألف مستفيد في أفق سنة 2022 ". و مشيرا إلى أنه : تم التركيز مع الفرقاء الاجتماعيين - ( لحد الآن لم نعلم من هم الفرقاء الاجتماعيين الذين تم تداول أمر خطة التقاعد الحكومية الأخيرة معهم ) - على ضرورة مباشرة الإصلاح، وعلى الطابع الاستعجالي الذي يكتسيه الأمر. فيما الأخبار الصحافية الواردة بمصداقية المواقع المستقلة ، تقول بأن خطته لإصلاح التقاعد ستعرض على المجلس الحكومي المقبل ، حيث كشفت مصادر (لم تتم الإشارة إلى أي اسم معين ) حكومية مطلعة بالملف أن رئيس الحكومة سينتقل إلى السرعة النهائية بعد مروره البرلماني عبر بوابة المساءلة الشهرية الخاصة بالسياسات العمومية ، بعرض خطته خلال الاجتماع الحكومي القادم، المنتظر عقده في 31 دجنبر الحالي أو في 7 يناير القادم على أبعد تقدير (المساء/24/12/2015). فيما المركزيات النقابية وغيرها من الفرقاء الاجتماعيين، فيقولون بأنهم لن يلتزموا الصمت، ولن يقفوا مكتوفي الأيدي، وذلك ردا على تحدي رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران لهم ، وقراره بتمديد سن الإحالة على التقاعد والتوابع الأخرى المجحفة للشغيلة العمالية . وفي الوقت الذي اختارت فيه المركزيات النقابية التصعيد ضد الخطة الحكومية لإصلاح أنظمة التقاعد ، فإن الناطق الرسمي بإسم الحكومة مصطفى الخلفي ضغط بالتلفظ على عدة عبارات وشدد القول و بالإشارة السفلية باليد على أن هذا الإصلاح سيضمن للمغرب عدم الوقوع في أزمة صرف المعاشات ، مسجلا أن الحكومة " تحملت مسؤوليتها في سنة انتخابية، لكنها اختارت مصلحة الوطن بتقديم مشروع سيحال على البرلمان، مبرزا أن السلطة التنفيذية " قدمت مشروع إصلاح تدريجي وشمولي، ولا يمس بالحقوق المكتسبة الحالية!!! ". إنه الإصلاح الذي تتحمل فيه الدولة مسؤوليتها (برأي رئيس الحكومة ) ، فيما النقابات في اجتماع لها يوم الثلاثاء، والذي تزامن مع عرض رئيس الحكومة أمام نواب الأمة خطته الإصلاحية للتقاعد ، فقد أعلنت رفضها للخطة الحكومية الأحادية التنزيل ، مهددة بالتصعيد ضدها من خلال اعتصام مفتوح ، والدعوة إلى إضراب عام وطني، دون استبعاد سحب ممثليها من المؤسسات التمثيلية، ورفع دعاوي دولية ضد الحكومة المغربية . الملاحظة أن قضية إصلاح أنظمة التقاعد أصبحت تدار بأسلوب تقني /مالي ،فيما واقع الطبقة العاملة أصبح أسوأ حال من أي حكومة سابقة ، فالتضييق على العمل النقابي والاستخفاف بممثلي الطبقة الشغيلة ، وتهميش أدوارها بحكم الدستور ، وعدم تنزيل قانون الإضراب والاقتطاعات من أجور المضربين ضدا على فتاو قضائية إدارية في هذا الشأن ، والزيادات المتتالية في الأسعار بالتحرير ... كل هذه الإختلالات وغيرها تقوض كرامة المتقاعدين وتلقي بهم إلى التسول أو البحث عن عمل لمواجهة متطلباتهم المرضية ، أو الموت في العمل مادام متوسط مدى الحياة في المغرب ليس مثل ما هو سائد في الدول المتقدمة. إن تغييب إتباع أسلوب سياسي تضامني من خلال اعتماد رؤية شاملة جريئة لإصلاح شمولي بالحكامة و الحد من جيوب الفساد ، لن تكون نتائجه المرتقبة وازنة بالنسبة لضبط السلم الاجتماعي بالمغرب استشرافا . فتفعيل المساءلة عن الوضع الحالي الذي يواجهه صندوق التقاعد المغربي تكون هي المكاشفة الأولى عن نتائج سوء إدارته ، وانعدام الحكامة والإدارة الرشيدة للملف منذ البدء الأول للازمة . اليوم تدفع الحكومة في سنتها الانتخابية إلى تغطية الأسباب بالرمال كالنعامة ، وتدفع بالطبقة الشغيلة إلى الإفلاس وتحميلها سياسة كل ما مضى سلفا بعفا الله عنه !!!. ومن جهة أخرى عبر سائر الموظفين و الأجراء عن امتعاضهم من سياسة الحكومة في إجراءاتها الأحادية لإصلاح نظام التقاعد .حيث أوردوا مجموع المخاوف والضيق من الحلول التي يمكن أن تتبناها الحكومة في هذا الصدد.و تتوزع الآراء بين الرفض والإحساس ب "الحكرة " ومساءلة النقابات عن ردة فعلها المدوية ، وبين من يدفع بالملف إلى تحكيم الملك بصفته الضامن للعدل والإنصاف وأمير المؤمنين . السكوت عن قطع الأرزاق والدفع بالطبقة الشغيلة إلى قاعدة توسيع الفقر بعد أرذل العمر ، هو سكوت يلف أعناق جميع النقابات العمالية سواء الموالية للحكومة أو المعارضة لقراراتها اللاشعبية . سكوت يلفنا جميعا كلنا بالانخراط الجمعي في المواجهة ، فزمن ( ... اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون/ سورة المائدة الآية 24) قد ولى ومضى ، فالقومة بالرفض لا مناص لها من الوحدة والإتحاد ضد القرارات الأحادية لإصلاح أنظمة التقاعد ، فما ضاع حق كان من ورائه جميع من اتحد من العمال والموظفين. ذ محسن الاكرمين :[email protected]