تواتر الحديث عن السلامة والتغيير الذي تروج له الإدارة القائمة على مناجم عوام-تويسيت بمريرت لكن من المؤلم حقا أن يكون هذا الحديث حبرا على ورق ومن المؤلم أيضا أن تكون السلطات المعنية ضالعة في هذه المحنة التي يمر منها عمال الشركة وهم بين مطرقة الحاجة وسندان غياب السلامة. لقد كشفت زيارة السيد مدير مديرية الطاقة والمعادن إلى المناجم المعنية حقيقة العلاقة بين مؤسسات الدولة التي من الواجب عليها حماية المواطن والسهر على سلامته، حيث إن الشركة لا تخضع لأي قانون للدولة، لأن مديرها يتصل مباشرة ببعض الموظفين بالوزارة لإلغاء جميع قرارات هذه المديرية، كما يحرص هؤلاء الموظفين بإبلاغ الشركة بأي زيارة لأحد المسؤولين بالوزارة وبالتفصيل يخبرونهم بالوثائق المطلوبة التي سيفحصها هذا المسؤول الزائر فيعدون العدة بطبيعة الحال. ومن نتائج هذه التوصيات الصادرة عن المحسوبين على الوزارة المعنية – وزارة الطاقة والمعادن – والساعية إلى طمس الحقائق هي رفض تقرير ممثل السلامة بالمنجم وتراجع مدير المديرية الطاقة والمعادن بخنيفرة عن قراره وقف العمل بممري 14 و 15 بنفس المنجم وتوفير أجواء مناسبة للعمل بباقي الممرات التي تعرف ارتفاع مهولا لدرجة الحرارة تصل إلى 50 درجة في بعض الأماكن. كما أخبره ذات التقرير أنه لا يطبق أي معيار من معايير السلامة بالمنجم، وهو ما استغلته إدارة الشركة وأنه مخيرة المراقبين خاصة مدير الطاقة والمعادن بخنيفرة بين الصمت عما يجري من خروقات إلى إعلان إفلاس الشركة وتسريح ما يزيد عن 700 عامل، علما أن الواقع شيء آخر، وعلما أن الشركة بمقدورها أن توفر فرص شغل أخرى وبمقدورها بالموازاة توفير شروط السلامة، لكن، كما نعلم إنه مغرب الباطرونا المتاجرة في دماء المستضعفين وما يجري بعوام وصمة عار على جبين الدولة المغربية. وحتى نضع القارئ الكريم صلب الحقائق فمباشرة بعد زيارة السيد المدير لمنجم الموت قام ممثل السلامة بالمنجم بتحرير محضر ينبه فيه لخطورة العمل بالممر رقم 11 وأنه يتعين على مهندس المنجم توقيف العمل والاهتمام أولا بالصيانة، الشيء الذي أثار حفيظة المدير بعد أن اتصل به المهندس، وللإشارة فمعظم المسؤولين تجاوزوا سن التقاعد مما يجعلهم غير مهتمين بسمعة الشركة ولا بسلامة العمال، إذ يعتبرون أنفسهم مجرد عمال تحت وصاية السيد المدير الذي لا يهمه سوى الإنتاج ولو على سلامة العمال . هذا وتروج بقوة فضيحة تتعلق بتزوير ملف حادثة المنجم بإغرم أوسار الذي راح ضحيتها الحادثة ضحيتها 13 عاملا، إذ تشير المعطيات أن جميع أدوات السلامة كانت معطلة لأن المشرفين عليها أولهم مهندس الصيانة الميكانيكية الذي لا حول له ولا قوة، ويتم استغلاله من طرف مدير الشركة لإمضاء بعض الوثائق، ووضعه كصورة أمام المسؤولين على أن الشركة تتوفر على مهندس. أما المسؤول بالشركة فمعروف أنه مجرد (شحام) تمت ترقيته ليكون مسؤولا، ولا شهادة تخول له تولي هذه المسؤولية كما هو الشأن بباقي المناجم، وهذه هي اعظم جريمة يرتكبها السيد المدير في حق الشركة، حتى يكون هو وحده صاحب السلطة في الشركة ويحكم يده عليها وعلى مصيرها يقوم بتعيين عمال لا تتوفر فيهم الشروط المهنية لتولي المسؤولية الشيء الذي يجعلهم تحت أوامره العمياء، خصوصا أن الأمر يتعلق بسلامة العمال، وهذا ما يفسر الارتفاع الصاروخي لحوادث الشغل بالمنجم، وقد التجأ إلى حيلة أخرى وهي عدم الإبلاغ بالحوادث البسيطة مبررا هذا الاجراء بكون شركات التأمين لن تقبل تأمين العمال أمام هذا العدد الهائل من الحوادث، وعوض أن تتخذ الشركة الإجراءات التأديبية ضد المسؤول الأول على الحادثة وإحالته على العدالة، تمت ترقيته لمسؤولية السهر على صيانة باقي المصاعد بالشركة، وإلقاء التهمة على عاملين لا حول ولا قوة لهما، كما لوحظ أن المرقى همه الوحيد بالشركة هو الاهتمام بالمقاولين والسهر على توفير جميع الإمكانيات ولو كانت على حساب سلامة العمال إرضاء للسيد المدير بطبيعة الحال. وقد كشفت تحرياتنا أن العمال قدموا شكاياتهم للمسؤولين مرارا وتكرارا حول سماعهم أصوات غريبة تصدر من محول السرعة، وحول الفرامل المعطلة التي لا تعمل بصفة جيدة وطبيعة أجهزة التغيير المنتهية الصلاحية والتي تتم صيانتها بمركز تيغزى من طرف عمال لا دراية لهم بخطورة أي تهاون في الصيانة، ولا علاقة لهم بصيانة مثل هذه الأجهزة . كما كشفت تحرياتنا أن نفس الكارثة تكررت بالبئر رقم 13 بإغرم اوسار ولم يتخذ مدير الشركة أي إجراء و لازالت هذه المصاعد تشكل خطورة على سلامة العمال بالشركة، ولو كانت هذه الأخيرة حريصة على سلامة العمال لقامت بتغيير هذا النوع من المصاعد، ونفس الشيء بالبار رقم 16 بجبل عوام الذي تكرر فيه الحادث ما يزيد عن ثلاث مرات، وبالسطح بأيت سيدي احمد أوحمد تبقى حياة عمال مناجم عوام مهددة في أي لحظة، ونشير إلى أن مدير الشركة وجد حلا لهذه المصاعد إذ عمل على الاستعانة بأحد المقاولين لصنع مصاعد من النوع الجيد دون اللجوء إلى شرائها مما سيكون له بطبيعة الحال تأثير على الفاعلية والجودة والضمانات. هذا وعلم الموقع أن مدير الشركة غالبا ما يطلق كلاما من قبيل أن الشركة على حافة الإفلاس. وللأسف الشديد لا ضمير يؤنب والحقيقة هي مصرع عامل جديد في حداثة جديدة هذا الأسبوع ورجوع خمسة آخرين من شفير الحتف بسبب الاختناق.