استشعرت ساكنة دواوير أيت عفي وأيت عبد الكريم وإغمارين من قبيلة أيت بوحدو بجماعة سيدي اعمر قيادة كاف النسور بإقليمخنيفرة، خطورة ما تخطط له السلطات المحلية والمجلس الإقليمي لمدينة خنيفرة بخصوص إقامة مطرح عمومي للأزبال فوق أراضيها. و يذكر أن اختيار هذه المنطقة قد استند إلى خلاصات مكتب الدراسات الخاصة والذي صنف منطقة أيت عفي في المرتبة الأولى للحصول على هذه الجائزة. و على إثر ذلك، نظم المتضررون وقفة احتجاجية صباح الخميس 16 يناير 2014 أمام مقر عمالة الإقليم للتنديد بهذا القرار الذي تم اتخاذه دون استشارتهم وإشراكهم، خصوصا وأن هذا المشروع يشكل خطرا حقيقيا على المنطقة برمتها. ورغم محاولات السلطات المحلية ثنيهم عن القيام بهذه الوقفة الإحتجاجية بأساليبها المعتادة، فقد أصروا على إسماع أصواتهم في الشارع العام والتعبير عن غضبهم مما اعتبروه إهانة واحتقارا لهم. وقد رفعت شعارات قوية بالدارجة والأمازيغية من قبل المتضررين من قبيل "هدا عار هدا عار، و الفلاح في خطر"، " يا عامل يا مسؤول، هادشي ماشي معقول"، "يا رئيس سير فحالك هادشي ماشي ديالك"، "إيخوباخ واضو أورنوفي أمعاون، أونا ميث ننا أريكاث ثيسعذار"، "ثنغاماخ ثنغاماخ، ك أوزاغار ثوذرماخ"... و للإشارة، فقد حضي المحتجون بمساندة قوية من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع خنيفرة والتي لا تخلف الموعد في مثل هذه المواقف. وأكد ممثل الجمعية، عزيز عقاوي، على الوقوف بجانب الفلاحين البسطاء المتضررين أول بأول إلى حين رفع الضرر الذي يتربص بهم. وقد عبر المحتجون عن استيائهم الشديد من هذه الخطوة غير محسوبة العواقب حيث اعتبروا أن إقامة هذا المطرح فوق أراضيهم سيكون له تأثير مدمر على صحة الساكنة وعلى الماشية و الغطاء النباتي و الفرشة المائية التي ستتضرر من عصارة "الليكسيفيا" الناتجة عن أكوام الأزبال، - حسب ما صرحوا به لموقع خنيفرة أونلاين - . بالإضافة إلى الأضرار التي ستخلفها المزبلة من روائح كريهة وانتشار للكلاب الضالة والحشرات والأمراض الخطيرة، ناهيك عن الآثار البيئية الوخيمة التي ستؤثر لا محالة على المحيط الطبيعي والوضع الاجتماعي للسكان الذين سيدفع بهم نحو المجهول. واستغرب السكان ما يروج له العديد من المحسوبين على المجلس القروي لجماعة سيدي اعمر من قبيل أن المطرح سيعود بالنفع عن المنطقة بتشغيل اليد العاملة، بالإضافة إلى ادعاء احترامه لمعايير ومواصفات الجودة العالية على غرار المطرح الذي أنجز في مدينة وجدة سنة 2005. وتناسى مروجو هذه التطمينات أن المطرح المذكور قد خلق مؤخرا مشاكل بيئية كبيرة لساكنة وجدة، حيث أضحت الأسر التي تسكن بالقرب منه مجبرة على الهجرة بعد أن تعرضت المراعي للتلف خاصة وأن المنطقة معروفة بنشاط تربية المواشي وأضحى الوسط الطبيعي، بما في ذلك غابة لاكولوج، مهددا. الأمر الذي استشعره المجتمع المدني بوجدة ودق ناقوس الخطر منذ سنة 2011، أي بعد مرور 6 سنوات عن إنشاء المطرح. لذلك، يؤكد سكان دواوير أيت عفي وأيت عبد الكريم وإغمارين أنهم لن يسمحوا بإقامة المطرح المذكور على أراضيهم الفلاحية. وحسب رأيهم، كان الأجدر بالمسؤولين أن يعملوا على فك عزلة المنطقة وإخراجها من دوامة الفقر والتهميش عوض إغراقها بالأزبال والنفايات. وجوابا على سؤالنا حول هذا الموضوع، أكد رئيس جماعة سيدي اعمر الذي صادفناه أمام العمالة قبل وصول المحتجين، أن دعوته لحضور مناقشة مشروع المطرح العمومي الذي تهيئه العمالة كان فقط للإستئناس وليس باعتباره ممثل السكان وطرفا شريك. وأشار أنه تم تقديم عدة مقترحات لمكتب الدراسات، فاختار منها منطقة أيت عفي بجماعة سيدي اعمر. وأكد أنه سيعرض الأمر للمجلس الذي يرأسه ولجنة تكافؤ الفرص بناء على المقاربة التشاركية ولن يأخذ قراره إلا بعد مده بالصيغة النهائية للمشروع. وأضاف أنه سينفذ قرارات المجلس، وتأسف أن أعيان المنطقة لم يتصلوا به من أجل التشاور حول الموضوع. وأثناء الوقفة، طالب عامل الإقليم المحتجين بانتداب ممثلين عنهم للحوار، و هو ما استجاب له المعنيون حيث أفادوا لجنة بعد انتهاء الوقفة. وحسب ما صرح به أحد الحاضرين في اللقاء، فقد أكد لهم عامل الإقليم أن المشروع المثير للجدل لا يعدو أن يكون إلا مقترحا لا يزال في طور المناقشة وأنه إلى حدود الساعة لم يتم الحسم فيه. وبدورهم، أكد له أعضاء اللجنة أنهم لن يقبلوا بهذا المشروع لا في الوقت الراهن و لا في المستقبل. صورة للمساحة المستهدفة وفي الأخير، أكد المحتجون عزمهم على خوض جميع الأشكال النضالية وتعبئة جميع دواوير قبيلة أيت بوحدو المترامية الأطراف إلى الحدود التي تفصل إقليمخنيفرة عن إقليمخريبكة، للتصدي لهذا المشروع المشؤوم الذي لن يزيد وضعهم إلا تفاقما. وقد انصرفوا آملين أن يتم الأخذ بعين الاعتبار لتوجسهم. فكيف ستتعامل إذن السلطات المحلية مع هذا الملف الساخن؟ و في أي اتجاه ستسير الأمور؟ أسئلة ستجد جوابا لها في الأيام القليلة المقبلة. ومما لاشك فيه أن هذه القضية بمثابة قنبلة موقوتة ستنفجر إذا لم تتعامل السلطات المحلية بالحكمة والرزانة اللازمتين لتفادي الأسوإ.