يتضخم الحديث اليوم بين كل المهتمين بالشأن التعليمي، حول قضايا تنسيقية حاملي الشواهد المقصيين من الترقية، واحتجاجها المفتوح بشوارع الرباط، وما تعرضت له من تعنيف مخزني رهيب. ألسنا أمام عصر نهاية النقابات التعليمية، وتعويضه بالتنسيقيات؟ صحيح أن النقابات ظهرت بأوربا مع مطلع القرن التاسع عشر للضغط على البرجوازية بهدف ترسيخ قيم حقوق الإنسان الذي ناد به فكر الأنوار، وهذا ما جعل العمل النقابي يتجاوز منطق الربح المادي واقتناعه بأهمية التضامن الاجتماعي بين الأوساط الشعبية، مما أدى إلى زعزعة مسار التاريخ في القرن التاسع عشر بأوربا، أما المغرب فلم يعرف ظهورالعمل النقابي إلا في العشرية الرابعة من القرن الماضي، وقد تزامن ذلك مع الحرب الباردة "الإيديولوجية"، وتفتتت النقابات وطغى عليها منطق الربح المادي، وكلما ظهر صوت حر، يقوم المخزن باحتوائه أو نفيه وتعذيبه في السجون، حتى يتمكن من تحقيق الاستمرارية ومراقبة تحركات المدرس عن طريق النقابات. ومع توالي تراجع مكتسبات رجال التعليم، ظهرت تنسيقية حاملي الشواهد مرة أخرى، ولم يزداد وعيها بشكل سريع إلا في يوم 14 نونبر 2013، عندما وجدت نفسها أمام استغلال نقابي فظيع يضرب في قيم العدالة الاجتماعية، مما جعلها تدخل في تحد مستمر مع السلطة، وإعلانها اللاعودة من العاصمة الإدارية إلى العمل بدون تحقيق مطالبها، ومع تزايد الضغط المخزني ترتفع مطالب التنسيقية، ما دافع النقابات المخزنية تنحني احتراما وإجلالا لهذه الفئة، التي ما فتئت تقدم لهم دروسا في تنظيم الاحتجاجات، ولم يبقى للمخزن إلا الاستجابة لمطالب هذه الفئة، بعدما اختبرها في الميدان، وأكدت له أنها الأقوى. لقد انبهر الرأي العام بصمود التنسيقية، إلا أن الأمر يتطلب تحكيم العقل والتفكير نحو المستقبل، حتى لا تصبح التنسيقية فريسة النقابات. يتبع.......