أكد محللون سياسيون أن الصفقة العسكرية التي أبرمها المغرب مؤخراً مع أمريكا بخصوص تسلم المقاتلات الحربية إف16، لا تستهدف الجزائر باعتبار أن تسلح المغرب يرمي إلى مراقبة حركة الإرهاب والعصابات الإجرامية وتجار المخدرات الدولية. واعتبر المراقبون أن القلق الذي أبدته جبهة البوليساريو إزاء الصفقة العسكرية الأخيرة للمغرب هو بالأساس قلق جزائري من قوة التعاون العسكري بين المغرب وأمريكا، وما يعنيه ذلك بخصوص الدعم الأمريكي للمغرب في مسألة النزاع الإقليمي في المنطقة المغاربية. ودفعت الصفقة، التي أبرمها الجيش المغربي باقتناء مقاتلات إف16، جبهة البوليساريو إلى أن تعرب أخيرا عن قلقها البالغ مما سمته "التوجه الخطير" الذي بدأته الرباط، وأن هذا السلوك يمثل "تشجيعاً" للحكومة المغربية على المضي قُدماً في "سياسة التعنت" الاستعمارية القائمة على احتلال الصحراء الغربية بالقوة العسكرية"، وفق تعبير وكالة أنباء البوليساريو. وجدير بالذكر أن المغرب تسلم الخميس المنصرم دفعة أولى من الطائرات العسكرية الأمريكية، من نوع إف16، مرفوقة بتجهيزات إلكترونية ورادارات، وسيتوصل بالعشرين المتبقية من المقاتلات الحربية في غضون الأشهر المقبلة. مخاوف جزائرية وأكد عبد الفتاح الفاتحي، المحلل السياسي المهتم بقضية الصحراء، في حديث مع "العربية نت" أن "قلق" البوليساريو من تسلم المغرب لمقاتلات عسكرية أمريكية يندرج في سياق الحرب الإعلامية الجزائرية التي تقوم بها البوليساريو بالوكالة، حيث نابت عن الجزائر في اعتبار تسلم المغرب لأربع طائرات (إف 16) من شأنه أن يضر بالمفاوضات حول الصحراء. وعن خلفيات تعليق البوليساريو على عملية تسلم المغرب لطائرات (إف 16) بأنه "تصعيد مغربي خطير"، أوضح الفاتحي أن تدشين تسلم المغرب لمقاتلات عسكرية إشارة إلى قوة التعاون العسكري المغربي الأمريكي، وما يحمله ذلك من دلالة دعم أمريكي للمغرب في معادلة الصراع الإقليمي في المنطقة المغاربية، ومن جهة ثانية فإن في الأمر دعم قوي لموقف المغرب التفاوضي في النزاع حول الصحراء، وهو ما أثار حفيظة الجزائر والبوليساريو. وتابع الفاتحي أن قلق البوليساريو ما هو إلا قلق جزائري، لكن الجزائر فضلت كعادتها أكل الثوم بفم الجبهة الانفصالية، تنفيذا لعقيدتها العسكرية التي تعتبر المغرب عدوها الاستراتيجي الأول، وما جعلها ترفع من ميزانيتها العسكرية 5 مرات مقارنة بما يخصصه المغرب لتجهيز وتحديث القوات المسلحة الملكية. وأضاف المتحدث أن ادعاءات البوليساريو بأن تسلح المغرب موجه إليها هو ادعاء جزائري لإفشال كل تعاون عسكري مع المغرب، لكون ذلك يشكل تقوية للمغرب في حلقة الصراع الإقليمي بين البلدين، وهو ما يستفز حفيظة قصر المرداية، بالرغم من أن المغرب يلتزم بالمواثيق وقرارات الأممالمتحدة ومقتضيات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وأشار الفاتحي أن ترأس صامويل كابلان السفير الأمريكي بالمغرب، وماركيت وودوارد قائدة الطيران الحربي بالقوات الأمريكية بإفريقيا للصفقة بين المغرب وأمريكا، هو بمثابة وضع حد للمناورات الجزائرية ولجبهة البوليساريو، وتأكيد أمريكي على شرعية تسلح المغرب وعدم تشكيله لأي تهديد في المنطقة، إذ من المرتقب أن يحصل المغرب أيضا على صواريخ من نوع 88AGM- المضادة للرادارات من الولاياتالمتحدةالأمريكية بمقتضى عقد مبرم بين الطرفين. وأوضح الفاتحي أن التسلح المغربي يتجاوز نظرة الصراع الثنائي مع الجزائر، إلى المساهمة في حماية حدوده المنفتحة على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، وما يقتضيه ذلك من وسائل تقنية جد متطورة لمراقبة حركة الإرهاب والعصابات الإجرامية وتجار المخدرات الدولية. الحل ديمقراطي وكانت جبهة البوليساريو قد أصدرت بيانا تندد فيه بصفقة تسلح المغرب، معتبرة أنه ليس بحاجة إلى صفقات تسليح تصرف فيها الأموال الطائلة على طائرات ف 16 وغيرها، بقدر ما هو في حاجة إلى "بسط الديمقراطية الحقيقية وتكريس حقوق الإنسان داخل البلاد". وتعليقا على موقف البوليساريو، اعتبر عبد الرحيم بوعيدة، أستاذ بكلية الحقوق بمراكش وباحث في الشؤون الصحراوية، أن مسألة التسلح تدخل في إطار السيادة لكل بلد، وبالتالي فالمغرب حر في أن يتسلح أو لا يتسلح، مشيرا إلى أن البوليساريو لا تحرك ساكنا حين تقوم الجزائر بصفقات تسلح تبلغ مليارات الدولارات. وحول مسألة دعوة البوليساريو للمغرب منح الأولوية لحقوق الإنسان عوض التسلح، أفاد بوعيدة أن المغرب لا ينتظر من جبهة البوليساريو أن تقدم له النصح، فحقوق الإنسان هو مطلب للشعب المغربي، مردفا أن المغرب يسعى وفق رؤية جديدة إلى ولوج نادي الدول الديمقراطية من خلال الدستور الحالي الذي يكرس الأفق الديمقراطي للبلاد. وأكد بوعيدة أن اهتمام المغرب بملف حقوق الإنسان في منطقة الصحراء هو الورقة الوحيدة التي يمكن للمغرب أن يربح بها قضية الصحراء، فيسد بذلك الباب أمام البوليساريو التي ما فتئت تلوح بوجود خروقات لحقوق الإنسان في هذه المناطق. واستطرد الباحث الصحراوي أنه في هذا السياق يتعين على المغرب أن يطلق سراح كافة المعتقلين الصحراويين الذين اعتُقلوا في قضايا حرية التعبير، وأن تفتح الدولة صفحة جديدة مع جميع الصحراويين حتى الذين يخالفونها الرأي في هذه القضية. وخلص بوعيدة إلى أنه على المغرب أيضا أن يتنبه إلى أن الحل يجب أن يكون ديمقراطيا، على اعتبار أن منطقة الصحراء مقبلة على الانتخابات، وبالتالي ينبغي أن يتم الاعتماد على الخيار الديمقراطي المرتكز على إفراز نخب سياسية جديدة، حتى لا يتم إعادة نفس النخب القديمة التي تعيق نمو المنطقة نحو الأمام. العربية نت