لما رفعت حركة 20 فبراير شعارات تتعلق بإسقاط الفساد و محاسبة المفسدين عبر مسيراتها على الصعيد الوطني،انطلقت ألسنة أهل الفساد و التي لا تعرف إلا احتساء النبيذ المستورد، ولا تتكلم إلا بأمر من النظام المخزني، لضرب الحركة كلما أشهرت لوحة الفساد و المفسدين ،هؤلاء المفسدون الذين لا علاقة لهم بالوطن إلا علاقة النهب واغتيال القيم والغش وتمييع المشهد السياسي،. و لما رفعت الحركة شعار دستور ديمقراطي يكون فيه الشعب سيد نفسه و مصدر القرار و يكون فيه الملك يسود و لا يحكم ، انطلقت ألسنة قيادات أحزاب البلاط و التي لا تتحرك إلا لتصدير الكذب ، لتهاجم الحركة بنعوت استخبراتية وبتهديدات مستوحاة من قاموس الجنرال أفقير و أتباعه الذين حكموا هذا الوطن بقبضة من النار و الحديد . ثم تحرك الإعلام المخزني ليستضيف أساتذة نصبوا أنفسهم منظرين للمرحلة ليتكلموا عن الحركة من خارجها، بأنها موجة ، أو هي رد فعل لشباب يائس أو شباب الفيسبوك .فلا أحد كانت له الجرأة لقراءة دفتر الحالة المدنية لهذه الحركة و بصوت عالي .هل هذه الحركة لا وجود لها ؟أم أنها سحابة صيف، ستنتهي مع انتهاء النهار؟ أم أنها حركة غير شرعية ؟ لماذا يريد أذناب النظام المخزني ضرب الحركة من داخلها و من خارجها؟ و ما هي علاقة حركة 20 فبراير بالأحزاب المخزنية و بالأحزاب الديمقراطية ؟ ذلك ما سنحاول تناوله من خلال المحاور التالية: 1 الحركة و الشرعية النضالية 2 الحركة و أحزاب اليسار 3 الحركة و شبيبات تجمع اليسار الديمقراطي بالمغرب 4 الأحزاب المخزنية و حركة 20 فبراير 1 الحركة و الشرعية النضالية: لم تأت حركة 20 فبراير من الفراغ كما يدعي البعض ، كما أنها لم تأت لخدمة أية جهة كانت، في الداخل أو في الخارج ، و إنما هي إفراز طبيعي للمخاض الذي ظل يميز الشعب المغربي وفي مقدمته الشباب، منذ عقود في إطار الصراع الطبقي الذي لم ينته ، في ظل استمرار الحكم الاستبدادي، و نهب المال العام و تزوير إرادة الشعب و تهميش الشباب بحرمانه من حقه في الشغل ومن حقه في المشاركة الفعلية في تدبير الشأن العام للبلاد، و في ظل استمرار نهب الثروات الطبيعية و الثروات البشرية للبلاد. فاستمرار هذا الوضع يفرض على الشباب و الجماهير الشعبية كل أشكال الاحتجاج، و لن يحتج إلا من كان ضحية لهذا الوضع .إذن فحركة 20 ، هي حركة لا شرقية و لا غربية ، لا شمالية و لا جنوبية ، لا عروبية ولا أمازيغية، لا عجمية و لا عربية ، بل هي حركة وطنية أصلها تابت و فرعاها في السماء رافعة شعار التغيير ، مستمدة شرعيتها النضالية من وطنيتها ، من جماهيريتها ،من التاريخ الوطني ، من نضال للشعب ومن روح حركة التحرير الوطني، فهي استمرار لانتفاضة مار 1965 و انتفاضة حزيران 1981 و يناير 1984 ، و هي تزداد قوة بمكوناتها المخلصة للمبادئ التواقة إلى التغيير .هي واقع سياسي يعكس هموم شباب ظل يعاني من انحباس اجتماعي و اقتصادي و سياسي منذ عقود، في غياب أية إرادة من اجل التغيير وبناء مجتمع تكون فيه الديمقراطية سلوكا يوميا في كل مناحي الحياة العامة .و إن الركوب عليها من أي جهة كانت هو انتحار لأنها شمولية المطالب وواعية بآليات الصراع و بنتائجه وواعية بنظرية التطور ، و لأنها تتطور من حيث البدائل النضالية و من حيث تدبير الاختلاف . 2 الحركة و أحزاب اليسار: لم تتردد أحزاب التحالف اليسار الديمقراطي بإعلانها في ندوة الدارالبيضاء المنعقدة بتاريخ 2 فبراير ،2011 بعد تقييمها للوضع الراهن ، عن دعمها اللامشروط لحركة 20 فبراير، لأن مطالبها هي مطالب اليسار ومطالب الجماهير و المسحوقة. واستمرت هذه الأحزاب تواجه تهديدات وزارة الداخلية و التحريفيين لمطالب الحركة و المتربصين بها من أجل كبح جماحها أو من اجل استغلالها لأغراض سيساوية او مخزنية. و تكون بذلك علاقة حركة 20 فبراير بأحزاب اليسار علاقة جدلية من حيث المبادئ و الأهداف و من حيث الأشكال النضالية. 3 الحركة و شبيبات تجمع اليسار الديمقراطي بالمغرب أعلنت شبيبات تجمع اليسار الديمقراطي بالمغرب ( الشبيبة الطليعية ، منظمة الشباب الاتحادي، شبيبة النهج الديمقراطي، حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية)، عن دعمها للحركة و المشاركة فيها و الانخراط في احتجاجاتها السلمية، و ذلك من أجل المطالبة بما يلي: وضع دستور ديمقراطي شكلا و مضمونا يضمن سيادة الشعب، و يقر فصل السلط، و ينص على سمو الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان على القوانين الوطنية. احترام الحريات و حقوق الإنسان كما هي متعارفا عليها دوليا ووفقا للمواثيق الدولية ذات الصلة. قضاء مستقل و نزيه و كفء. رفع القيود عن الإعلام العمومي و جعله في خدمة الشعب بعيدا عن الهيمنة و الوصاية. الرفع من الأجور و تحسين شروط العيش بما يضمن للمواطنين و المواطنات الكرامة، و ضمان الحق في الشغل و الصحة و التعليم للجميع و خاصة الشباب حاملي الشواهد. التوزيع العادل للثروة و السلطة. مناهضة الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية و السياسية. توفير تعليم ديمقراطي شعبي و مجاني يساهم في البحث العلمي و التنمية الاقتصادية و الاجتماعية. مجانية و جودة الخدمات العمومية. حل الحكومة و البرلمان و اتخاذ التدابير السياسية و التشريعية و الدستورية الكفيلة بإقامة الديمقراطية ببلادنا. هي مطالب تلتقي في شموليتها بمطالب الحركة و هو ما يجعلها و شبيبات اليسار الديمقراطي في المغرب في خندق و احد ضد أعداء أي تغيير و لو في حدود هذه المطالب . الأحزاب المخزنية و حركة 20 فبراير: إن مطالب الحركة و معها الجماهير الشعبية كشفت حقيقة الأحزاب الإدارية وحقيقة أحزاب الأغلبية الحكومية و كذلك الأقلية الحكومية. حقيقة تجلت في تنفيذ المخططات المخزنية التي تخدم مصالح لوبيات الفساد و ورموزه و تخدم التبعية للمخططات الصهيونية الإمبريالية المتوحشة وذلك من خلال الهجوم على حركة 20 فبراير و الكيد لها ولكل من انخرط فيها أو دعمها . و من خلال اختيارها لأحضان المخزن هروبا من صوت الشعب الذي زلزل أركانها و جعلها تقبل بأي دور مسرحي عينه لها المخزن. لقد أصيبت بارتباك سياسي جعل بعضها تنصب نفسها، دون علم جبرائيل، وصية على الإسلام في المغرب ووصية على الملك، ومتظاهرة بالتقوى و الإيمان ،كلما ارتفعت أصوات الحركة المطالبة بدستور يضمن فصل السلط .فجعلوا من الإعلام المخزني أو المتمخزن، السمعي و المرئي و المكتوب ، مجالا لتمرير خطابات معادية لحقوق الإنسان و للوطن ،ومؤسسة لخطاب التطرف الذي هو مشروع آل الظواهري في تنظيم القاعدة .و هناك أحزاب لا يتكلم قادتها إلا تحت الطلب المخزني أو تحت تأثير أنتوي لا نسائي فطهرت كالمحارب المغرور و ليس المغوار على الطريقة الدونكشوتية لمهاجمة المطاحن الهوائية ليلا طمعا في وزارية و لو على إسطبل خيول دار السلام .لقد أصبحت عقدتهم هي حركة 20 فبراير ، لأنهم هم من يرعى الفساد و يشرع له في قبة و البرلمان لمغشوش. و لأنهم المسئولون عن الأوضاع التي تعيشها البلاد الآن ،و هم يتعاقبون على الحكومات منذ الاستقلال الشكلي.إن الشرعية النضالية لحركة 20 فبراير تجعل الأحزاب الإدارية و أتباعهم لا شرعيين. و تبقى الحركة هي الحدث الشرعي الشعبي الجماهيري ولن تتوقف كما يريد المخزن و من يدور في فلكه إلا بإرادتها هي و متى تريد.