لم يكن أحد ليتوقّع أن يشعل بائع فاكهة شاب ثورة سياسية في تونس. ولكن عندما قامت شرطية بصفع محمد بوعزيزي (مما دفعه لإشعال نفسه)، أدى ذلك الى تدفق سيل من التويت، والتدوين ورسائل الفيسبوك؛ فسمع دويّ هذه الصفعة في مختلف أنحاء العالم. الى جانب الانتفاضة الشعبية التي حدثت مؤخراً في مصر وتونس وأماكن أخرى في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، ثورة من نوع آخر إنبثقت في وسائل الإعلام الإلكتروني. إستخدم المتظاهرون والناشطون الشباب شبكات الإعلام الاجتماعي لنشر المعلومات بسرعة لم يسبق لها مثيل. وقام المواطنون والمراسلون باستخدام هذه الأدوات ناقلين الأحداث لحظة بلحظة، محدثين تحوّلاً جذرياً في الصحافة التقليدية. حول هذا الموضوع بالتحديد عقدت ندوة في نادي الصحافة الوطني في واشنطن دي.سي.، (28 فبراير/شباط 2011) ضمّت أربعة صحفيين لمناقشة دور وسائل الإعلام الإلكتروني في هذه الثورات، برعاية المركز الدولي للصحفيين؛ قامت بإدارتها رئيسة المركز، جويس برناثان. أعلن خلالها ريز خان، المقدّم الأبرز في قناة الجزيرة الإنكليزية والمتحدث الرئيسي في الندوة؛ أن "مدرسة الصحافة القديمة لم تنفكّ عن الإلحاح على مراسليها بالتدقيق في كل خبر عدة مرات، مراراً وتكراراً." وأن هذه المعادلة قد تغييرت مؤخراً حين أتت الحقيقة من خلال الحشود في الميدان. وذكر خان أيضاً أن قناة الجزيرة، قامت بإستخدام وسائل الاعلام الاجتماعي لتصويب تغطيتها للثورة التونسية. وقد سمح لها هذا القرار (بنشر ما يكتب على الفيسبوك ويدّون على تويتر وغيره ويحمّل على يوتيوب) "بتقديم تغطية أوسع وأسرع". وقد شهدت قناة الجزيرة الإنكليزية زيادة في نسبة المشاهدين بنسبة 2.500 ٪ خلال الاحتجاجات. ووفقا لتقرير نشر الشهر الفائت من قبل مركز المساعدة الدولية للإعلام CIMA، وصل عدد مستخدمي الفيسبوك في المنطقة العربية حتى أوآخر العام 2010، الى زهاء 17 مليون شخصاً، بما في ذلك صحفيين وقادة سياسيين وناشطين. في حين وصل عدد المدونيين في المنطقة الى 40 ألفاً. بدا من الواضح للمتابعين أن استخدام الشبكات الاجتماعية في المنطقة كان له الفضل - كأداة مساعدة - على نطاق واسع في عملية الإحتجاج التي أسماها البعض "ثورة تويتر" و آخرون "ثورة فيسبوك". من جهتها أشارت نتاشا تاينز، مديرة برامج الشرق الأوسط في المركز الدولي للصحفيين، أنه "علينا أن نعترف بفضل هذه التكنولوجيا فيما حدث" فلم يكن للحادث الذي جرى في بلدة صغيرة في تونس "أن يأخذ البعد عينه - من ضغوط سياسية، وما الى ذلك - لولا إنتشار وسائل الإعلام الإجتماعي." وتماشياً مع موضوع الندوة، قام عدد كبير من حاضريها (الذين وصل عددهم الى 300 شخص) بإرسال تدوينات صغيرة حيّة عن مجرياتها مستخدمين إشارة # الآتية : ICFJMidEast#. ولاحظ المتحدثون أن الأنظمة كانت سريعة في منع الإنترنت في المناطق المعنية. وكانت النتيجة أن عمل مقرصنون (لأهداف سياسية/إجتماعية) على إعادة توفيره ووقف التدخلات. وكان على الإعلام التقليدي أن يسارع في اللحاق لتغطية الأحداث. هذا، وقامت قناة الجزيرة، على سبيل المثال، بإنشاء منصات بديلة للجمهور، وتشجيع إستخدام التدوين القصير "تويت". من ناحيته قام المحاضر جيفري غنّام، وهو مستشار إعلامي مستقل أعدّ تقريراً نشره مركز المساعدة الدولية للإعلام، بوصف ما يجري حالياً من تلاقي بين وسائل الإعلام الحديثة والقديمة بال"ثورة الإعلامية". وأضاف "كان هناك أشخاص يقومون بترجمة المعلومات، ويعيدون بثّها بواسطة التدوين المصغّر تويتر بسرعة غير مسبوقة". وفي حين عوّدت"وسائل الاعلام القديمة المشاهد تلقي الأخبار، تقدّم وسائل الإعلام الحديثة الكثير من الحيوية". وعلى الرغم من الدور الأساسي الذي لعبته التكنولوجيا في إشعال الاحتجاجات ومساعدة الصحفيين على تغطية الأحداث، قال بعض محاضري الندوة أن إعطاء الفضل بما حصل لتويتر أو لفيسبوك، لا ينقل الصورة بكاملها لما جرى. فعلّقت المدونة والصحفية المصرية الأصل منى الطحاوي على ذلك بالقول :"إن وسائل الاعلام الاجتماعي ساعدت الناشطين الشباب في التواصل مع بعضهم البعض"، ولكنها "لم تخترع الشجاعة." شبكة الصحفيين الدوليين