قال عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية (الحزب الشيوعي المغربي سابقا، تأسس عام 1943) يحيى مكتوب: "لقد تم إفراغ حزب التقدم والاشتراكية من مضامينه النضالية ومن روحه بعد الحيثيات والملابسات التي عرفها الحزب منذ انعقاد مؤتمره الوطني الثامن السنة الماضية". وتأتي تصريحات مكتوب خلال ندوة صحافية عقدها الرافضون لقرار مشاركة الحزب في الحكومة المغربية القادمة في الرباط صباح الأربعاء يتقدمهم قيادون في الحزب وكاتب دولة أسبق. واستبعد المشاركون في الندوة أن يكونوا يتجهون نحو الانشقاق عن الحزب بعدما شهدته دورة أشغال لجنته المركزية المنعقدة السبت الماضي في مدينة سلا. وقال عضو المكتب السياسي للحزب مصطفى الرجالي: "لقد عانينا من الانشقاق الذي يؤدي دائما إلى فتح دكاكين حزبية ليس إلا." وكان الحزب قد سبق وأن تعرض لانشقاق قبل أكثر من 14 سنة في سياق الترتيبات التي كانت تتم حينها في المغرب تهيئا لحكومة التناوب التوافقي برئاسة الاشتراكي عبد الرحمان اليوسفي، نجم عنه تأسيس حزب جبهة القوى الاشتراكية الذي يقوده قيادي الحزب السابق التهامي الخياري. وكانت اللجنة المركزية للحزب المنعقدة السبت الماضي قد صادقت بأغلبية الأصوات على موقف المشاركة في حكومة بنكيران المقبلة، غير أن المعارضين قالوا أنه "كانت ثمة عملية تجييش داخل المركزية خلال اجتماعها الأخير (برلمان الحزب) عبر منح شارات لعناصر غريبة وأخرى من رؤساء اللوائح المرشحين خلال التشريعيات الأخيرة ليسوا أعضاء في اللجنة المركزية." وقال عضو المكتب السياسي وكاتب الدولة الأسبق المكلف بالرعاية الاجتماعية والأسرة والطفولة في حكومة التناوب بقيادة عبد الرحمان اليوسفي، محمد سعيد السعدي خلال الندوة: "يوم السبت حدث ما لم يكن في الحسبان، لقد تم إغراق القاعة بأناس لا علاقة لهم بالحزب." وأشار السعدي كيف أن شخصا منعه من مواصلة تدخله خلال اجتماع اللجنة المركزية "تبين فيما بعد أنه رئيس لإحدى البلديات، وليس عضوا في اللجنة المركزية." واستغرب السعدي من الخطاب الذي بدأ يسود داخل حزبه، والذي يحمله دعاة المشاركة في الحكومة الحالية، الداعي إلى تحالفات جديدة و"توافق جديد" بعيد عن اليسار وقيم اليسار، الذي "يجعل غرامشي يتقلب في قبره." كما ورد في تعبيره. واعتبر السعدي أن مكان تحالفات الحزب يجب أن لا تخرج عن الحركة الوطنية التقدمية والملكية، وقال: "الشعب لم يعطنا ثقته هذه المرة وبالتالي علينا ألا نشارك في الحكومة." وحدد السعدي التحالفات الطبيعية لحزبه في الاصطفاف إلى جانب الكتلة الديمقراطية واليسار والصف الديمقراطي الحداثي." وكان الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله خلال تدخل له أثناء اجتماع اللجنة المركزية قد أبدى استعداداته ل"تحالفات جديد" بعيدة عن اليسار المغربي وعن الكتلة الديمقراطية التي يعتبر أحد أعضائها المؤسسين عام 1992. ووصف السعدي المشاركة في حكومة بنكيران ب"الانقلاب على مقررات الحزب." من جهة أخرى، قال مصطفى الرجالي عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية في تصريح ل"إيلاف":تأتي ندوتنا كرد فعل على الموقف التي تم اتخاذه المتعلق بالمشاركة في حكومة يقودها عبد الإله بنكيران، حيث يتضح لنا من خلال تاريخ الحزب وأيضا لانتمائه التاريخي للصف الديمقراطي التقدمي والحداثي وبحكم التصور المجتمعي الذي نحمله، أن الموقف المتخذ يتناقض بشكل جذري مع التصور." وأضاف الرجالي الذي كان يتحدث إلى "إيلاف": "كان من الممكن أن يكون هناك قرار داخل اللجنة المركزية ونقبله، لكن بالشكل الذي تم فيه انعقاد اللجنة المركزية التي تعاني من التضخم بوجود ما يزيد عن 600 عضوا داخل اللجنة المركزية، تم استدعاء رؤساء اللوائح المرشحين خلال التشريعيات الأخيرة مروفوقين بأعضاء آخرين وكلهم تحصلوا على الشارة وفي آخر المطاف الكل ساهم في عملية التصويت التي لم يتم فيها إحصاء عدد الأصوات المعبر عنها." واستغرب الرجالي قائلا: "كيف أن اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية تضم عددا يفوق 600، فيما الحزب الشيوعي الصيني تضم لجنته المركزية 300 عضوا فيما مكتبه السياسي لا يتجاوز العشرين عضوا." واعتبر الرجالي أن القرار الذي اتخذته اللجنة المركزية يعد تجاوزا لمقررات الحزب منذ بداية تأسيسه 1943 باسم الحزب الشيوعي المغربي إلى المؤتمر الوطني الأخير المنعقد السنة المنصرمة. وأضاف الرجالي ل"إيلاف": "مقررات الحزب تحدد التحالفات الأساسية المتمثلة في الكتلة الديمقراطية والصف الديمقراطي واليسار وليس ثمة تحالفات مع تيار يشكل نقيضنا الفكري والسياسي والإيديولوجي." وأكد الرجالي أن رفاقه المعارضين لمشاركة الحزب في الحكومة "متشبثون بالتواجد داخل الحزب." قبل أن يضيف: "سيحسم المستقبل في العديد من الأمور كالقرصنة التي تعرض لها حزب التقدم والاشتراكية، ويمكننا أن نغير ميزان القوى من الداخل ونضع الحزب على سكته الصحيحة وهي السكة المجاورة لليسار والصف الديمقراطي والتقدمي." ايلاف