تفاءل المغاربة ببداية العام الجديد آملين أن تكون بداية لانحسار موجة ارتفاع الأسعار التي ضربت البلاد العام الماضي، لكن لا يبدو أن الوضع تغير كثيرا، إذ لا تزال وسائل التواصل الاجتماعي تعج بالشكاوى من الارتفاع المتزايد للأسعار رغم تبريرات الحكومة، وهو ما دفع جهات نقابية للتلويح بتنظيم احتجاجات خلال الأيام القادمة. ويرى محللون أن الدعوات إلى الاحتجاج تبقى رد فعل طبيعيا أمام الارتفاع الكبير للأسعار وخاصة المواد الأساسية. والعام الماضي، قرر المغرب رفع سعر الفائدة ب 0,5 نقطة ليبلغ معدل 2,50 في المئة لتحقيق استقرار الأسعار في ظل تضخم قياسي، وفق المصرف المركزي. وعانى المغرب من ارتفاع الأسعار بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا وتأثيرات الجائحة، علما أنه يعتمد على الخارج لضمان حاجته من المحروقات. جشع التجار وأثر ارتفاع الأسعار على القدرة الشرائية لذوي الدخل المحدود والفئات الوسطى خصوصا، وجراء ذلك شهد المغرب في الآونة الأخيرة احتجاجات نظمتها نقابات وأحزاب معارضة. وتعليقا على رفض اتحادات الشغل تبريرات الحكومة، يقول المحلل الاقتصادي المغربي، رشيد ساري، إن أسباب ارتفاع الأسعار عديدة ويجب تناولها بموضوعية دون تغليب رأي على رأي آخر". يوضح المحلل أن التقلبات المناخية لعبت دورا كبيرا في موجة الغلاء، ويقر ساري أن من بين أسباب الغلاء احتكار الوسطاء لسوق الخضر والفواكه وجشعهم في رفع أثمانها وتذرعهم بأن عوامل التضخم هي السبب رغم أن الحكومة دعمت قطاع النقل للحد من تأثير ارتفاع مواد الطاقة. والخميس، انعقد في مقر وزارة الداخلية في الرباط، اجتماع لوزراء الداخلية، والاقتصاد والمالية والفلاحة والصيد البحري، لبحث الإجراءات الضرورية لتلبية طلب السوق وتوفير مخزون كاف من المواد الأساسية إضافة إلى محاربة الممارسات التي تمنع ذلك. ونظم الاتحاد المغربي للشغل وقفة احتجاجية الثلاثاء الماضي بمدينة تطوان في شمال المملكة، ردد فيها المحتجون شعارات تندد بسياسة الغلاء و"ضرب القدرة الشرائية للمواطن". ويرى الإعلامي المحلل، يوسف منصف، أنه في هذا السياق الاجتماعي الحاد، "تعد مبادرات النقابات لأجندة احتحاجات ضد الغلاء وضد الصمت الحكومي مشروعة، لاسيما وأن الحكومة لم تقدم تبريرا مقنعا لذلك". ويقول منصف إن "النقابات كممثلة للعمال والطبقة المتوسطة، بخطوتها النضالية المعلنة تدق ناقوس الخطر أمام انهيار القدرة الشرائية وعدم الحرص الحكومي على ضبط الأسعار، وتركها مطية للمضاربات التي يظل المستهلك البسيط أكبر المتضررين منها". وعانى القطاع الزراعي في المملكة، الذي لا يزال أداؤه مهما في الاقتصاد المغربي، من جفاف استثنائي في 2022، ويتوقع أن يتسارع النمو في العام الجاري ليصل إلى معدل 3 في المئة، على افتراض أداء جيد للقطاع الزراعي. ويعتقد الاقتصادي، رشيد ساري، أن هناك سوء تدبير من طرف العاملين في القطاع الفلاحي، بحسب قوله، "إذ تم تغليب تصدير مواد فلاحية مهمة كالطماطم والبرتقال في وقت كانت السوق المحلية تعيش خصاصا حقيقيا". ويذهب يوسف منصف بدوره إلى أن تصدير المواد الفلاحية ساهم أيضا في موجة الغلاء، موضحا أن "الإنتاج الفلاحي بالمغرب يخدم في جزء كبير منه الجانب التصديري بأثمان تسويقية مغرية تجعل المنتجين يوجهون الخضر صوب التصدير". وتقول الحكومة إنها تدعم الفئات الأولى بالرعاية بإجراءات مثل رفع الحد الأدنى للأجور وتطبيق نظام التأمين الصحي الإجباري على جميع الفئات، لتشمل التغطية 11 مليون مواطن. ولم يرد الناطق باسم الحكومة على اتصالات موقع "الحرة" للتعليق على الموضوع. في المقابل، يلجأ المغاربة إلى وسال التواصل الاجتماعي للتعبير عن غضبهم من الارتفاع الكبير في أسعار للمواد الغدائية الأساسية. ويقول المحلل يوسف منصف إن الارتفاع المطرد للأسعار نذير انهيار اجتماعي لطبقات واسعة من الشعب المغربي، مالم تتدخل الحكومة بحزمة مساعدات مباشرة لفائدة الفئات الهشة والمتضررة. المصدر: الحرة بتصرف