روى الفرنسي جان-ماري روغول البالغ 47 عاما قبل شهرين في كتابه "جو تاب لا مانش" (أتسول) حياة التشرد التي يعيشها، وذلك بمساعدة وزير الداخلية السابق جان-لوي دوبريه. "جو تاب لا مانش" أو "أتسول"، هذا العنوان الذي اختاره الفرنسي جان-ماري روغول (47 عاما) قبل شهرين لكتابه الذي يسرد فيه أطوار حياته في الشارع وقد حقق نجاحا كبيرا إذ بيع منه حتى الآن 40 ألف نسخة. وإن كان هذا الوضع غيّر حياة روغول لكنه لا يزال مشردا. أكدت دار النشر "كالمان-ليفي" من جهتها أن الكتاب الذي يشمل 176 صفحة يصنف ضمن الكتب التي حققت العدد الأكبر من المبيعات. وقد حل جان-ماري ضيفا على العديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية برفقة جان-لوي دوبريه الذي ساعده في كتابته، ودوبريه هو سياسي يميني، رئيس المجلس الدستوري حاليا ووزير الداخلية سابقا. لقاء الرجلين هو محض الصدفة، فكان جان-ماري يتسول أمام متجر في جادة الشانزيليزيه عندما التقى جان-لوي دوبريه واقترح عليه أن يحرس دراجته الهوائية. وقد تبادل الرجلان الحديث واقترح جان-لوي على جان-ماري بعد فترة مساعدته على كتابة أطوار السنوات السبع والعشرين التي أمضاها في الشارع. "يراسلني الناس من كل مكان" دام المشروع سنتين تمكن خلالهما جان-ماري روغول الذي "لم يرتد المدرسة كثيرا" من كتابة ثلاث نسخ تكلف الوزير السابق على نقلها وإعادة صياغتها، وكانت النتيجة أن حل الكتاب في المرتبة الثانية عشرة بين أفضل مبيعات الكتب حسب تصنيف مجلة " ليكسبريس ". ويعترف جان-ماري وهو جالس في مقهى صغير قريب من مكان "تسكعه" في باريس "لم أفكر يوما أن تأليف كتاب سيكون له هذه الانعكاسات". لكن الرجل لا يزال يتسول يوميا أمام متجر "شانيل" للمنتجات الفاخرة في جادة مونتانيه في الدائرة 16 من باريس حيث الأحياء الراقية. يعتمر جان-ماري قبعة سانتا كلوز متوسلا المارة حتى يجمع 80 يورو يوميا يحتاجها لدفع كلفة غرفة الفندق إضافة إلى الطعام. ويوضح "سأحصل على حقوق المؤلف بعد عشرة أشهر. لا أريد دفعة مسبقة بل أفضل أن أحصل على كل شيء دفعة واحدة". مع ذلك حصل الكاتب على دفعة صغيرة سمحت له بشراء هاتف ذكي يرد من خلاله بحماسة على أصدقائه الجدد عبر شبكة فيس بوك موضحا "يكتب لي الناس من كل مكان ويتحدث إلي يوميا في الشارع أشخاص قرؤوا كتابي". دعوة إلى المطعم وشوكولا سويسري… ونظرة مختلفة ويضيف جان-ماري "دعاني الأسبوع الماضي رجل وهو من تينيسي (الولاياتالمتحدة) اشترى 15 نسخة من كتابي… وقد جاء رجل آخر من سويسرا حاملا لي الشوكولا". ويتابع وهو يعرض حذاءه الجديد الذي أهداه له أحد سكان المنطقة "يطلبون مني أن أكتب إهداء على نسخ كتابي ويعطيني بعض الناس المال والبعض الآخر الملابس". وقد أهداه جان-لوي دوبريه الذي يستمر بلقائه بانتظام، معطفا. ويفرح جان-ماري كثيرا عندما يقول له بعض القراء أن كتابه سمح لهم بتغيير نظرتهم إلى المشردين موضحا "باتوا يلقون نظرة مختلفة على الناس في الشارع". وفي الشارع يستفيد مشردون آخرون من التغير الحاصل في أذهان الناس فيقولون لجان ماري أن الكثير من الناس يأتون إليهم بفضله. وتمكن جان-ماري أيضا من التواصل مجددا مع أحد أشقائه. ويوضح " لقد رآني في التلفزيون ولم يكن يعرف أني مشردا. فعندما يصبح الشخص مشردا يبقى منطويا على نفسه ويشعر بالخزي. أولاده يريدون التعرف إلي… وهذا أمر غريب لأني لطالما عشت وحيدا". وبمساعدة أشخاص تأثروا بوضعه بدأ جان-ماري إجراءات للحصول على الحد الأدنى من العائدات والتسجيل في مؤسسة الضمان الاجتماعي والتقدم بطلب من أجل الحصول على مسكن شعبي. ويتابع "عندما يكون الشخص في الشارع لا تكون الأولوية لهذه الأمور فمن المستحيل خسارة يوم من التسول". ويضيف "عندما سأحصل على شقة سأشتري حاسوبا لأستمر بتأليف الكتب". ويأمل بعد حصوله على المال، بشراء مقهى متخصص بإعداد شطائر "الكريب" وهو حلم يراوده منذ فترة طويلة. ويحلم كذلك بالمشاركة في فيلم سينمائي بوليسي " مع جان-لوي دوبريه في دور مفوض الشرطة ".