رغم أنهم سخروا من القرار الإسباني واعتبروه يشبه تغريدة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، حول الاعتراف بمغربية الصحراء، إلا أن حكام الجزائر ذهبوا، في رد الفعل بعيدا، ما كشف زيف ادعاء الحياد الذي يردده المحتكمون في الشأن الجزائري بخصوص النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية. فقد قررت الجزائر استدعاء سفيرها بمدريد للتشاور، دون أن يمر على قرار السلطات الإسبانية بشأن العلاقات المغربية الإسبانية وقضية الصحراء، سوى ساعات قليلة. وزارة الخارجية الجزائرية، وفق الإعلام الجزائري، أشارت إلى أن قرار استدعاء السفير الجزائري من أجل التشاور تم بشكل بشكل فوري، موردة بأن للقرار علاقة بتصريحات صدرت عن أعلى السلطات الاسبانية تشكل ما أسمته بالتحول المفاجئ في موقفها بخصوص ملف الصحراء. وجاء في بيان لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج أن "السلطات الجزائرية التي اندهشت من التصريحات التي صدرت عن أعلى السلطات الاسبانية بخصوص ملف الصحراء الغربية وتفاجأت بهذا التحول المفاجئ لموقف القوة المديرة السابقة للصحراء الغربية، قد قررت استدعاء سفيرها بمدريد للتشاور بأثر فوري". وكان بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، قد أكد أن المملكة المغربية عاليا المواقف الإيجابية والالتزامات البناءة لإسبانيا بخصوص قضية الصحراء المغربية، والتي تضمنتها الرسالة التي وجهها رئيس الحكومة الإسباني، بيدرو سانشيز إلى الملك محمد السادس. وجاء في بلاغ وزارة الخارجية بأن العبارات الواردة في هذه الرسالة تتيح وضع تصور لخارطة طريق واضحة وطموحة بهدف الانخراط، بشكل مستدام، في شراكة ثنائية في إطار الأسس والمحددات الجديدة التي تمت الإشارة إليها في الخطاب الملكي في 20 غشت الماضي. وكان الملك محمد السادس، قد دعا في هذا الخطاب إلى "تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة، في العلاقات بين البلدين، على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات". ويرتقب أن يقوم وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، خوسي مانويل ألباريز، بزيارة للرباط، في نهاية شهر مارس وقبل شهر رمضان. وقالت وزارة الشؤون الخارجية إنه ستتم أيضا برمجة زيارة لرئيس الحكومة الإسبانية إلى المغرب في وقت لاحق. لماذا أصيب النظام الجزائري بالسعار مجددا بعد رسالة رئيس الحكومة الإسباني الموجهة إلى الملك محمد السادس؟ المتتبعون لقضية الصحراء وللعلاقات بين البلدين يشيرون إلى أن ما ورد في الرسالة يعتبر، في الجوهر، تحولا كبيرا في العلاقات الإسبانية المغربية. فطبقا لما تضمنه بلاغ الديوان الملكي، فإن الرسالة تؤكد أن "إسبانيا تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف" المتعلق بالصحراء المغربية، وهو تحول جذري في مقاربة الحكومة الإسبانية لملف الصحراء. رئيس الحكومة الإسبانية، أورد في ذات الرسالة أنه " يعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب". وفي هذا الصدد، "تعتبر إسبانيا مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف". ووصف، في السياق ذاته، الجهود التي يقوم بها المغرب في إطار الأممالمتحدة من أجل تسوية ترضي جميع الأطراف بالجهود الجادة وذات المصداقية. وتحدث على أن "ازدهار المغرب مرتبط بازدهار إسبانيا والعكس صحيح". كما تحدث عن بناء علاقة جديدة، تقوم على الشفافية والتواصل الدائم، والاحترام المتبادل والاتفاقيات الموقعة بين الطرفين والامتناع عن كل عمل أحادي الجانب، وفي مستوى أهمية جميع ما نتقاسمه، قبل أن يضيف بأن "اسبانيا ستعمل بكل الشفافية المطلقة الواجبة مع صديق كبير وحليف". و"ستحترم على الدوام التزاماتها وكلمتها". وأورد بأنه "سيتم اتخاذ هذه الخطوات من أجل ضمان الاستقرار والوحدة الترابية للبلدين".