حطم مسجد الكتبية التاريخي بمدينة مراكش، في ليلة القدر خلال هذا الشهر المبارك، رقما قياسيا من حيث عدد المصلين الذين يشدون إليه الرحال، لأداء صلاتي التراويح والتهجد، حيث اكتظ المسجد وباحته، بالمصلين الذين تقاطروا على المسجد من كافة أنحاء مدينة مراكش، واضطر آلاف آخرون إلى أداء الصلاة بكل الممرات والشوارع المؤدية الى المسجد. وكانت ليلة أول أمس الاثنين استثنائية في مراكش، توحد فيها الجسد بالروح، إذ لا تسمع إلا صوتا يخرج من جوف المقرئ وديع شاكر، هدأ من روع النفوس وقرب مسافة الخشوع والتعبد بينها وبين خالقها، في جو رباني وأجواء روحانية. وحسب معطيات حصلت عليها "المغربية"، فإن عدد المصلين الذين حجوا الى مسجد الكتبية لأداء صلاة التجهد تجاوز 80 ألف مصل، حيث شهد المسجد ازدحاما كبيرا وامتلأت جنباته الواسعة بالمصلين، ناهيك عن الساحات المجاورة له، والطرقات الرئيسية المحيطة به، التي تم إغلاقها في وجه حركة السير نظرا للإقبال الهائل للعديد من المصلين خلال ليلة القدر على مسجد الكتبية. وعاشت جموع المصلين، طيلة ساعتين أجواء إيمانية مصحوبة بالقراءة الفصيحة للقرآن من طرف المقرئ وديع شاكر خشوعا وخشية، بين ثنايا الركعات العشر، فتعالت الأصوات وأجهش البعض بالبكاء، مع تسجيل أربع حالات إغماء في صفوف النساء، تم نقلهن على وجه السرعة الى مستشفى ابن زهر المعروف بالمامونية ، لتلقي العلاجات الضرورية. وشبه بعض المصلين المشهد خلال هذه الليلة بأجواء الحج لكثرة الوافدين من كل الفئات، مؤكدين أن تحمل أعباء التنقل إلى مسجد الكتبية، في ليلة القدر بهذه المعلمة التاريخية، يعتبر هينا بالنظر إلى الراحة النفسية والخشوع اللذين يشعر بهماالمصلي خلف المقرئ وديع شاكر.ووصف عزيز مريد، رئيس اللجنة التنظيمية المشرفة على صلاة التراويح، الحضور الكبير للمصلين بالرقم القياسي الجديد الذي يجري تسجيله خلال هذه السنة، بعدما دأب على الصلاة في المسجد وباحاته وساحاته الخارجية ما يقارب 30 ألف مصل في أحسن الأحوال. ويسهر على تنظيم صلاة التراويح بمسجد الكتبية التاريخي، لجنة تنظيمية تتكون من 45 عضوا، (25 شابا و20 شابة)، توزعت مهامهم بين الحراسة والصوتيات ومرافقة الإمام، وبرمجة حفل إسلام الأجانب بالمسجد، فيما يتكلف المحسنون بمصاريف التنظيم. ويبقى مسجد الكتبية التاريخي، الذي يجمع بين التصاميم الهندسية الفريدة والفخامة العمرانية اللافتة، الأكثر استقطابا للمصلين حيث يتوافد عليه الناس من مختلف أنحاء المدينة غير آبهين ببعد المسافة بين المسجد ومحلات سكناهم، لأداء صلاة العشاء والتراويح خلف المقرئ وديع شاكر ذو الصوت الشجي المتقن لمخارج الحروف وقواعد التجويد، في جو تعمه السكينة والطمأنينة والراحة النفسية. ويجسد مسجد الكتبية، صورة متكاملة للمسجد الذي يسارع إليه المصلون لينعموا بأجواء إيمانية فريدة تملؤها السكينة ويميزها الخشوع يفرضها الجو العام للجامع الذي تزين لاستقبال أفواج المصلين في ليالي الشهر الفضيل.