تعد العلاقات الاقتصادية القائمة بين المملكة المغربية وجمهورية الصين الشعبية بمستقبل مشرق، حيث بوسعها أن تتطور أكثر فأكثر بفضل تكامل موارد البلدين وإمكانياتهما والإرادة التي تحذو قائديهما في جعل التعاون الصيني -المغربي في خدمة الشعوب الإفريقية. وتواصل الصين، القوة الاقتصادية العالمية، التي سيزورها صاحب الجلالة الملك محمد السادس ابتداء من يوم غد الأربعاء، مسار التطور والابتكار، متمكنة من الحفاظ، سنة بعد سنة، على معدل نمو مطرد. وسعيا إلى الحفاظ على تطورها الاقتصادي المتسارع، وجدت الصين، التي أضحت في حاجة ملحة للمواد الأولية، نفسها مجبرة على تنويع شركائها والانفتاح على أسواق جديدة بأفريقا، وعدم حصر تواجدها في الأسواق المسماة ب “التقليدية” (إفريقيا الأنغلوساكسونية). ويؤكد القادة الصينيون، في هذا الصدد، أن الصين وإفريقيا يتقاسمان المصير نفسه وأن إمبراطورية الوسط قادمة إلى إفريقيا ليس ك “قوة مستعمرة”، بل كشريك في التنمية والتقدم. وهكذا، فإن الصين ملتزمة على أساس شراكة مربحة للطرفين وبدون شروط، بمصاحبة الدول الإفريقية الشريكة في جهودها التنموية من خلال تمكينها من التكنولوجيا، والكفاءات والخبرة الضرورية في مجالات جد متنوعة، من قبيل البنيات التحتية، الكهرباء، الاتصالات، وتكنولوجيات الاتصال. كما تعبر الصين، الأولى عالميا في 22 قطاعا صناعيا، عن رغبتها في مصاحبة هذه البلدان في تنفيذ إستراتيجياتها الصناعية. وفي هذا السياق، من شأن المغرب، الذي تجمعه علاقات متميزة مع جمهورية الصين الشعبية، والذي يتقاسم مع إمبراطورية الوسط رؤية مشتركة حول إفريقيا، تقوم على قيم الصداقة، والتضامن الفاعل، والتعاون المفيد للطرفين، والتنمية المشتركة، والشراكة المتوازنة، أن يشكل فاعلا جوهريا في شراكة ثلاثية الأطراف. ويشكل الاستقرار السياسي الذي تنعم به المملكة، ومنظومتها القانونية المتميزة، ومواردها البشرية المؤهلة، وموقعها الجغرافي بين إفريقيا وأوروبا والأمريكيتين والشرق الأوسط، وعلاقاتها السياسية والاقتصادية المتينة مع عدد من البلدان الإفريقية، والشراكة جنوب- جنوب التي ينتهجها جلالة الملك، فضلا عن حضور شبكة هامة من المؤسسات المالية والبنكية المغربية بالقارة السمراء، عناصر تساهم في نجاح هذا التعاون ثلاثي الأطراف. وفي نفس السياق، من شأن تطوير هذا التعاون تمتين العلاقات الاقتصادية الثنائية وإعادة التوازن للميزان التجاري بين البلدين، حيث بلغ حجم المبادلات التجارية بين المغرب والعملاق الآسيوي في 2012 مستوى قياسيا ب 3,69 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 4,8 بالمائة مقارنة مع سنة 2011. وقامت الصين بتصدير 3,13 مليار دولار من المنتجات صوب المغرب خلال هذه الفترة، مسجلة ارتفاعا نسبته 29 بالمائة على أساس سنوي، بينما بلغت الواردات الصينية من المغرب 558 مليون دولار (زائد 17 بالمائة). وتتمثل الصادرات الصينية صوب المغرب، بالخصوص، في منتوجات النسيج، والأجهزة المنزلية، والتجهيزات الصناعية والشاي، بينما تشكل الأسمدة الفوسفاطية والمنتوجات البحرية أهم المنتوجات المغربية المصدرة في اتجاه الصين. ويسير حجم الاستثمارات الصينية بالمغرب وفق منحى تصاعدي، حيث يوفر نمو اقتصاد الصين وتعزيز إمكانيات مقاولاتها الظروف المواتية للاستثمارات بالخارج. وتهم استثمارات الصين بالمغرب، والتي تشجعها الحكومة الصينية، على الخصوص، الصيد البحري، والصناعة التحويلية، وقطاع الاتصالات. كما تشكل إمبراطورية الوسط سوقا ضخمة يتعين استكشافها. وهكذا، فإن المغرب مهتم بالاستثمار في هذا السوق الضخم ذي الآفاق الواعدة للغاية، لاسيما في قطاعات السياحة والصناعات الغذائية. ويشكل تطوير النقل بين البلدين عنصرا آخر كفيل بالنهوض، ليس فقط بتدفقات السياح في اتجاه المملكة، بل بالمبادلات الاقتصادية والتجارية أيضا. وتظل السوق الصينية، التي تبحث دوما عن منتوجات جديدة، مفتوحة في وجه رجال الأعمال المغاربة المدعوين، اليوم وقبل أي وقت مضى، إلى تسريع وتيرة صادراتهم، وتنويع إنتاجهم والمشاركة بكيفية فاعلة في نجاح الشراكة الثلاثية القائمة بين الصين والمغرب وإفريقيا، والتي أضحت خيارا إستراتيجيا.