تتوجه الأنظار منذ الآن، إلى الدوائر الانتخابية الثلاث لعمالة مراكش، سيما كليز، التي تأكد رسميا، أنها ستشهد نزالا قويا عنوانه "نساء في مواجهة غلاة الدين"، إذ قرر حزب الأصالة والمعاصرة، ترشيح إحدى نسائه القويات بالمنطقة، في مواجهة الشيخ السلفي احماد القباج، الذي قرر عبد الإله بنكيران، الأمين العام للعدالة والتنمية، شخصيا، فرضه على قواعد الحزب. وكشف مصدر قيادي في الأصالة والمعاصرة، ليومية "الصباح"، أن المرأة التي يؤمن الحزب بحظوظها الوافرة ويثق في قدرتها على هزيمة الشيخ السلفي القباج، هي جميلة عفيف، النائبة البرلمانية وأول امرأة رئيسة لمجلس عمالة بالمغرب منذ 2009، وهو المنصب الذي استطاعت تأمينه لولاية ثانية إبان الانتخابات الجهوية والجماعية ل2015 في مواجهة يونس بنسليمان، الرجل القوي في حزب العدالة والتنمية بمراكش والنائب الأول لعمدة المدينة. ولم تبد جميلة عفيف، أي تخوف من منافسها السلفي، إذ أن سلفية مراكش، لا يقفون كلهم وراء الشيخ احماد القباج، بل يواصل كثيرون تبعيتهم للشيخ الأصلي، عبد الرحمان المغراوي، رئيس جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة، التي انشق عنها احماد القباج، على خلفية قرار المغراوي، في انتخابات 2015 دعم جميع الأحزاب بمراكش باستثناء العدالة والتنمية. واتخذ الشيخ عبد الرحمان المغراوي، قراره، على خلفية عدم وفاء إخوان عبد الإله بنكيران، بعد وصولهم إلى الحكومة، وفق ما أوردته تقارير سابقا، بوعد وضعوه على عاتقهم، ويتعلق بمساعدة جمعية المغراوي، على إعادة الترخيص لدور القرآن المملوكة له، والبالغ عددها 60 وتم حظرها منذ أكتوبر 2008، مقابل التصويت للحزب في انتخابات 25 نونبر 2011. ولن تكون دائرة كليز وحدها، التي ستشهد نزالا حامي الوطيس، بين الغريمين العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، بل سيمتد الأمر كذلك، إلى دائرتي المنارة، وسيدي يوسف بنعلي، إذ قرر الأصالة والمعاصرة في الأولى، تزكية عمر خفيف، النائب البرلماني باسم التجمع الوطني للأحرار، الذي انسحب من "البام" غاضبا في 2011 بسبب عدم تزكيته، فتمكن من حصد مقعد بألوان "الحمامة" بتزكية من المحكمة الدستورية، التي استجابت لطعنه في الفائز الثاني باسم العدالة والتنمية في الدائرة نفسها. وفيما سيتواجه مع"البامي" عمر خفيف، في المنارة، محمد العربي بلقايد، النائب البرلماني عن العدالة والتنمية، الذي استطاع خلال انتخابات شتنبر 2015 انتزاع منصب عمدة مراكش لنفسه، سيشتد التنافس بدائرة سيدي يوسف بنعلي، التي قرر فيها العدالة والتنمية تجديد الثقة في يونس بن سليمان، النائب البرلماني ونائب عمدة مراكش والحاكم الحقيقي ل"بيجيدي" مراكش، الذي سيرشح الأصالة والمعاصرة في مواجهته، عبد الله مزهاني، المدير الجهوي لفاعل اتصالاتي شهير، أو فاطمة الزهراء المنصوري، العمدة السابقة للمدينة ورئيسة المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة. ولعل ما يضفي الإثارة على النزال الانتخابي بدوائر مراكش، هو أنه ستنعكس فيه على نحو دقيق، الثنائية القطبية الحادة بين الأصالة والمعاصرة وغريمه العدالة والتنمية، الجارية على المستوى الوطني، إذ لا يخفي كلا الحزبين، أن كلا منهما، عازم على حصد جميع مقاعد عمالة مراكش، ما يبشر بفرجة انتخابية تحبس الأنفاس، بالمدينة الحمراء، التي تعد مهد الأصالة والمعاصرة، ومعقل العدالة والتنمية. وليس انقسام "سلفية مراكش" بين الشيخ المغراوي، وصديقه بالأمس احماد القباج، وحده ما يرجح حظوظ جميلة عفيفة رئيسة مجلس عمالة مراكش عن الأصالة والمعاصرة، بدائرة كليز النخيل، بل أيضا الانقسام داخل قواعد العدالة والتنمية، نفسه، التي ترفض فرض الشيخ السلفي عليها من قبل الأمانة العامة للحزب، بدلا من خليل بولحسن المستشار الجماعي ببلدية مراكش والنائب الأول لرئيس مقاطعة جليز، الذي زكته القواعد. واللافت أن المعارضين يوجد على رأسهم، قادة لهم شعبيتهم وصوتهم المسموع، سيما وأن الانقسام تطور، فانتهى إلى طرد خليل بولحسن من لائحة الشيخ السلفي القباج، التي كان وصيفا فيها، وتم تعويضه بآمنة العمراني الإدريسي، على خلفية تصريح توضيحي له، نفى فيه أن يكون تنازل للقباج، كما ادعت الأمانة العامة للحزب، الشيء الذي أغضب بنكيران فأمر بطرده. وحتى فئة الشباب في الحزب تحفظت على تزكية الشيخ احماد القباج، إذ شكك عمر بنيطو، النائب البرلماني المراكشي عن اللائحة الوطنية في 2011، والمطرود بدوره من الحزب، في مدى قيام قيادة الحزب، ب"استعدادات فكرية وهيكلية لاستقطاب وجوه سلفية والدفع بها للانتخابات في الوقت الذي لم ينجح الحزب في إدماج الهياكل الحزبية الموازية والشخصيات المؤسسة"، في إشارة إلى شيوخ ووعاظ حركة التوحيد والإصلاح. امحمد خيي