العنف المدرسي أضحى ظاهرة تؤرق المسؤولين والمهتمين وتزرع الخوف في نفوس الأمهات والآباء وتحول المؤسسات التعليمية من فضاءات للتربية والتحصيل المعرفي والعلمي والقيمي إلى أماكن يعنف فيها المتمدرسون والأطر الإدارية والتربوية على حد سواء و أصبح يطرح تهديد حقيقي لأمن واستقرار المؤسسة التربوية ويصرفها عن مهمتها كمؤسسة للتنشئة الاجتماعية. وإذا كان هناك اعتقاد سائد لدى العديد من الباحثين التربويين بكون العنف المدرسي هو سلوك دخيل ومستورد من خارج أسوار المؤسسات التعليمية ذلك أن وظيفة المدرسة هي وظيفة التربية ونشر قيم التسامح وثقافة السلم والنجاح الدراسي و ضبط المجتمع المدرسي في الاتجاه السليم، ولا يمكن للمؤسسة التعليمية أن تنتج نقيض رسالتها التربوية فإن البعض الاخر يعتبر العنف المدرسي عنوان لفشل المشروع التربوي للمدرسة المغربية، لكن بغض النظر عن وجاهة هذا الرأي أو ذاك وعن أسباب وتمظهرات العنف المدرسي التي قد تتعدد وتتشعب فالأكيد أنه أصبح إشكالية حقيقية وواقعية تفرض اليوم التصدي لها بكل الوسائل التربوية والقانونية وتوفير كل المستلزمات والآليات الضرورية للحد منها، والقيام بمساءلة منتظمة ومتأنية ورصينة لهذه الظاهرة المشينة التي تنخر المنظومة التعليمية. في هذا الإطار يندرج اللقاء الوطني للإعلان عن سنة دراسية بدون عنف، المنظم في إطار برنامج التعاون المشترك بين وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني وصندوق الأممالمتحدة لرعاية الطفولة وتنزيل الإستراتيجية القطاعية المندمجة للوقاية ومناهضة العنف بالوسط المدرسي الملتئم يوم الخميس فاتح دجنبر 2016 بمقر أكاديمية التعليم بمراكش. وحسب المصفوفة التأطيرية لهذا اللقاء فهو يندرج في إطار الاستراتيجية المندمجة التي أعدتها الوزارة بدعم من اليونيسيف تنزيلا للرؤية الاستراتيجية 2015-2030 وتفعيلا للمشاريع المندمجة وخاصة المشروع رقم 9 المتعلق بالارتقاء بالعمل التربوي داخل المؤسسات التعليمية. هذا اللقاء الذي أدار أشغاله الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني انطلق بجلسة افتتاحية تناوب فيها على الكلمة كل من مدير الأكاديمية، وممثلة اليونسيف بالمغرب وممثلة عن مؤسسة claire fontaine من فرنسا ومدير المناهج وعرض للمديرية المكلفة بالحياة المدرسية حول تقديم مشروع الوقاية ومناهضة العنف ضد الأطفال وشهادة لمدير مؤسسة تعليمية. وفي الفترة المسائية توزع المشاركون في هذا اللقاء على ورشات عمل وفق تمثيلية منظمة تم خلالها بسط القضايا المرتبطة بخطة التكوين وبخطة التحسيس ودونت خلاصات وأشغال كل ورشة في تقرير ليتم تعميق النقاش حوله. وقد أسدل الستار عن هذا اللقاء الوطني الذي حالف النجاح أشغاله بتسطير جملة من التوصيات تصب في مجملها في وعاء مصالحة المؤسسة التعليمية مع رسالتها المتعارضة مع كل الممارسات التي من شانها تلويث المناخ التربوي بداخلها كما تم استعراض الخطوط العريضة للإستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف المدرسي والتعريف باختصاصات المراكز الجهوية والإقليمية والمحلية لرصد العنف بالوسط المدرسي وبمكوناته.